أحكام النون الساكنة والتنوين في التغابن

أحكام النون الساكنة والتنوين في سورة التغابن

إن علم التجويد من أهم العلوم التي يتعلمها المسلمون حفاظاً على تلاوة القرآن الكريم بالطريقة الصحيحة. من بين القواعد الأساسية في التجويد التي يجب على كل قارئ للقرآن أن يتقنها، تأتي أحكام النون الساكنة والتنوين التي تتصدر العديد من آيات القرآن الكريم. وفي هذا المقال، سنتناول بالتفصيل أحكام النون الساكنة والتنوين في سورة التغابن، التي تعتبر من السور المدنية والتي تحتوي على العديد من الأمثلة التي توضح هذه الأحكام بوضوح.

تعريف النون الساكنة والتنوين

قبل الدخول في تفاصيل الأحكام، من الضروري أن نفهم أولاً معني النون الساكنة والتنوين:

• النون الساكنة هي النون التي تأتي بدون حركة، وتكون في الكلمات إما في وسط الكلمة أو في آخرها. مثل: “من” و”أن”.

• التنوين هو نون ساكنة تأتي في آخر الكلمة، وتُلفظ ولكن لا تُكتب. وتتعدد أشكال التنوين، حيث يأتي بالفتح (ً)، والضم (ٌ)، والكسر (ٍ).

تُعتبر النون الساكنة والتنوين من أهم ما يميز التجويد العربي في تلاوة القرآن الكريم، ولهما أحكام تجويدية يجب الالتزام بها لضمان صحة التلاوة.

أحكام النون الساكنة والتنوين في القرآن الكريم

تتنوع أحكام النون الساكنة والتنوين في القرآن الكريم إلى أربعة أنواع رئيسية وهي: الإظهار، والإدغام، والإقلاب، والإخفاء. سنعرض كل حكم من هذه الأحكام مع ذكر أمثلة من سورة التغابن.

1. الإظهار

الإظهار هو عبارة عن نطق النون الساكنة أو التنوين بوضوح من غير غنة أو تأثير على الحروف التي تأتي بعدهما. ويحدث الإظهار عندما تاتي النون الساكنة أو التنوين قبل أحد الحروف اللامية (حروف الإظهار). وهذه الحروف هي: أ، ب، ج، ح، خ، ع، غ، ف، ق، ك، م، هـ، و، ي.

في سورة التغابن، نجد بعض الآيات التي تحتوي على النون الساكنة أو التنوين مع الإظهار، مثل:

• في قوله تعالى: “مُدْهَانَةً” في الآية 9: حيث تأتي النون الساكنة تسبقها حرف الميم وهو من حروف الإظهار، وبالتالي تلفظ النون بوضوح.

2. الإدغام

الإدغام هو دمج النون الساكنة أو التنوين في الحرف الذي يليها بحيث تصبح الحروف متصلة ولا يظهر بينها صوت. هناك نوعان من الإدغام: إدغام بغنة (أي مع صوت غنة في الأنف) وإدغام بغير غنة.

يحدث الإدغام عندما تأتي النون الساكنة أو التنوين قبل أحد الحروف التي تكون من حروف الإدغام. هذه الحروف هي: ي، ر، م، ل، و، ن، وتسمى هذه الحروف بحروف الإدغام.

في سورة التغابن نجد أمثلة للإدغام:

• في قوله تعالى: “وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا” في الآية 14: هنا نجد أن التنوين يتبعه حرف الفاء وهو من حروف الإدغام، فيتم دمج النون مع الفاء وقراءتها بشكل واضح مع سكون الحروف بعد النون.

ومن الأمثلة الأخرى أيضًا:

• في قوله تعالى: “الْجَزَاءُ بِمِثْلِهُ” في الآية 16: حيث نجد إدغام النون في حرف الميم في كلمة “مثل”.

3. الإقلاب

الإقلاب هو قلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميم إذا جاء بعدها حرف الباء، وتُنطق النون الساكنة في هذه الحالة ميمًا مع غنة.

مثال على الإقلاب في سورة التغابن:

• في قوله تعالى: “مَا لَكُمْ فِي قِتَالٍ” في الآية 11: حيث تاتي النون الساكنة قبل حرف الفاء الذي يُقلَب إلى الميم لتلاوة غنية.

ويحدث الإقلاب في الآيات التي تحتوي على تتابع النون الساكنة أو التنوين بعد حرف الباء.

4. الإخفاء

الإخفاء هو نطق النون الساكنة أو التنوين مع التخفيف، بحيث يظهر جزء من صوت النون مع غنة، من غير إظهار أو إدغام كامل. يحدث الإخفاء عند حرف من حروف الإخفاء التي تتمثل في الحروف التالية: ت، ث، ج، ح، خ، ع، غ، ف، ق، ك، م، هـ، و، ي.

على سبيل المثال في سورة التغابن:

• في قوله تعالى: “مِنْهُ وَيَغْفِرُ” في الآية 8: حيث تأتي النون الساكنة قبل حرف الفاء وهو من حروف الإخفاء، فيتم نطق النون مع غنة خفيفة من غير توقف.

• كذلك في قوله تعالى: “إِنْ تَكْفُرُوا” في الآية 6: يأتي التنوين قبل حرف التاء، فينطق النون مع الغنة بشكل خفيف كما هو الحال مع الإخفاء.

الخاتمة

إن أحكام النون الساكنة والتنوين تعد من أساسيات علم التجويد التي يجب على كل قارئ للقرآن الكريم أن يتعلمها ويتقنها لضمان تلاوة صحيحة للقرآن. وعند قراءة سورة التغابن، يمكن للمرء أن يتلمس تلك الأحكام بشكل واضح من خلال ملاحظته للأمثلة التي جاءت في الآيات الكريمة. إذ تساهم هذه الأحكام في إبراز المعنى ووضوح التلاوة، مما يجعل من عملية الاستماع إلى القرآن الكريم تجربة روحانية غنية.

إن فهم هذه الأحكام ليس فقط جزءًا من الالتزام بتعليمات الدين، بل هو أيضًا جزء من تقدير اللغة العربية وجمالها وبلاغتها.