حكم العقيقة وأحكامها في الإسلام

حكم العقيقة في الإسلام

تعتبر العقيقة من السنن المؤكدة التي وردت في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتعد من العبادات التي يحب المسلم أن يؤديها عند ولادة مولوده الجديد. على الرغم من أن العقيقة ليست فرضًا، إلا أنها تعد من المستحبات التي تعود على المسلم بفضائل عظيمة، وينبغي أن يتمسك بها المسلم ويحرص على تطبيقها بما يتوافق مع الأحكام الشرعية في الإسلام. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل حكم العقيقة، تعريفها، أركانها، وقتها، ومتى يجب تنفيذها، بالإضافة إلى بعض الأحكام المتعلقة بها.

تعريف العقيقة

العقيقة هي ذبح شاة أو أكثر (حسب الجنس وعدد الأطفال) عن المولود الجديد، وهي سنة مستحبة في الشريعة الإسلامية، ولكنها ليست واجبة. وقد ورد في الحديث النبوي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه”. (رواه الترمذي وأحمد).

وتتمثل العقيقة في ذبح شاة أو أكثر (عادة ما تكون شاة واحدة للطفل الذكر، وشاتين للطفلة الأنثى) في اليوم السابع من ولادة المولود. وقد ورد في الأحاديث أن العقيقة تكون مظهراً من مظاهر الفرح والتقرب إلى الله تعالى وتوزيع الطعام واللحم على الأقارب والفقراء والمحتاجين.

حكم العقيقة

أجمع أهل العلم على أن العقيقة سنة مؤكدة، وليست فرضاً على المسلم. فلو لم يُعَقّ عن المولود، فلا إثم عليه، لكنها مستحبة بشدة، ويُفضل أن يقوم المسلم بها ليحظى بالبركة والفضل الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم.

كما أن العقيقة تعبير عن شكر الله على نعمة المولود، وقد يكون لها أثر في تطهير الطفل. فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال: “العقيقة تهدم ما كان قبلها من الذنوب”. (رواه الترمذي).

توقيت العقيقة

يستحب أن تُذبح العقيقة في اليوم السابع من ولادة المولود، حيث جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه”. (رواه الترمذي وأحمد).

وفي حال عدم القدرة على ذبح العقيقة في اليوم السابع، فإن العلماء يذهبون إلى أن العقيقة يمكن أن تُذبح في اليوم الرابع عشر، ثم في اليوم الحادي والعشرين، وإن كانت هذه الأيام تُعتبر الأكثر استحبابًا.

أما إذا تأخر الذبح لأيام أو شهور أو سنوات، فلا بأس في ذلك، ويظل بإمكان المسلم أداء العقيقة، رغم أنها تصبح أقل استحبابًا كلما تأخر الوقت. يُستحب بذل الجهد في أن تكون العقيقة في الأيام السبع الأولى.

عدد العقيقة للطفل

• الذكر: يتم ذبح شاة واحدة عن الطفل الذكر، ويجب أن تكون الشاة في حال صحية جيدة، ويُستحب أن تكون سمينة.

• الأنثى: يُستحب ذبح شاتين عن الطفلة الأنثى. يذكر العلماء أن هذه الزيادة في العدد تؤكد على حسن التكريم للأنثى في الإسلام.

الغاية من العقيقة هي تقديمها تقربًا لله سبحانه وتعالى، ولا يُشترط أن تكون العقيقة من نفس نوعية الطعام الذي يفضله الأب أو الأسرة. فالغرض هو التعبير عن شكر الله وإعطاء صدقة لمساعدة الآخرين.

كيفية ذبح العقيقة

يجب أن يتم ذبح العقيقة وفقًا للضوابط الشرعية التي تتعلق بذبح الأضاحي، كما في حال ذبح الأضاحي في عيد الأضحى. يجب التأكد من أن الذبح يتم بطريقة شرعية صحيحة من حيث التسمية على الذبيحة، والتأكد من سلامتها وعدم وجود أي أمراض، ويفضل أن يتم الذبح على يد شخص موثوق أو مختص.

أهمية العقيقة

1. فرحة المولود والاحتفال به: العقيقة بمثابة احتفال بقدوم المولود وتعبير عن شكر لله على هذه النعمة. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على تأدية هذه السنة في حالات خاصة، وفي المجتمع الإسلامي القديم كان الناس يهنئون بعضهم البعض بمناسبة العقيقة، ويعدّونها حدثًا اجتماعيًا مهمًا.

2. إطعام الفقراء والمحتاجين: بعد ذبح العقيقة، يُستحب أن يتم توزيع جزء منها على الأقارب والفقراء. تعتبر هذه العادة وسيلة لتحقيق التضامن الاجتماعي، والمساعدة في سد حاجات المحتاجين، وهو ما يعكس الرحمة والكرم في الإسلام.

3. التقرب إلى الله: العقيقة تُعدّ من وسائل التقرب إلى الله، فهي عبادة يُستحسن أن يقوم بها المسلم شكرًا لله على نعمة المولود، وتعبر عن الاعتراف بعظمة الله في إعطاء هذه النعمة.

4. تحقيق البركة للطفل: يرى بعض العلماء أن العقيقة تساهم في الحفاظ على الطفل من الأذى والأمراض، حيث إن العقيقة تهدم الذنوب وتطهر المولود. كما أنها تعكس تواصل الأسرة مع الدين وتعاليمه.

الحكمة من العقيقة

العقيقة في الإسلام ليست مجرد عمل تعبدي، بل تحمل في طياتها عدة حكم وفوائد:

1. تعزيز رابطة الأسرة: العقيقة تتيح فرصة للأسرة للتجمع مع الأقارب والجيران للاحتفال بالمولود الجديد. هذا اللقاء لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يتضمن المعاني الروحية التي تساهم في تعزيز العلاقات الأسرية.

2. مساهمة في مساعدة المحتاجين: من خلال توزيع جزء من اللحم على الفقراء، تساهم العقيقة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير احتياجات الأسر الفقيرة.

3. إظهار العطف والرحمة: يمثل تقديم اللحم للفقراء والمحتاجين والتصدق بجزء من العقيقة أحد أوجه رحمة المجتمع، حيث يتكاتف الأفراد لرفع المعاناة عن من هم في حاجة.

4. إحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “عقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، وقال: هذان ابناي، فسمّاهما، فالعقيقة في الإسلام ليست مجرد أضحية، بل هي تجسيد لسنّة النبي في تكريم الأبناء والاحتفاء بهم”.

الأحكام الخاصة بالعقيقة

1. العقيقة لا تكون فدية: يعتقد البعض أن العقيقة قد تحل محل الأضحية أو الكفارة، لكن في الحقيقة لا تعد العقيقة بديلاً عن أي من هذه الأمور.

2. القدرة على العقيقة: لا يجب على المسلم أن يتكلف في أداء العقيقة إذا كانت غير قادرة ماليًا. العقيقة مستحبة، ولا يُستحب الإضرار بالمال أو الغرق في الديون بهدف أداء العقيقة.

3. العقيقة عن المولود المتوفى: في حالة وفاة المولود قبل اليوم السابع، لا تُؤدى العقيقة، ولكن إن تم تأخيرها، يجوز القيام بها.

4. تسمية المولود عند الذبح: من السنن أن يتم تسمية المولود عند ذبح العقيقة، أي أن يُسمى المولود أثناء الذبح، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الخاتمة

العقيقة ليست مجرد تقليد اجتماعي، بل هي عبادة يحبذها الإسلام وتشمل جوانب من الشكر لله والتكافل الاجتماعي. تعد العقيقة رمزًا من رموز الترابط الأسري والاجتماعي، وتعد فرصة لتحقيق البركة للمولود وتقديم المساعدة للفقراء. وبينما هي سنة مؤكدة، فإن الالتزام بها لا يحمل إثمًا إذا لم يُقم به المسلم، لكنها تظل من السنن التي تعود على الشخص والمجتمع بالكثير من الفوائد الروحية والاجتماعية.