أجمل ما قيل في مولد النبي
يعد مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أقدس اللحظات في تاريخ الأمة الإسلامية، فهو ليس فقط حدثًا تاريخيًا، بل مناسبة تتجدد فيها مشاعر الفخر والاعتزاز، وتعود فيها الأمة الإسلامية إلى نقطة انطلاقها الأولى في رحلة التوحيد والرسالة. على مر العصور، سطر الشعراء والمتحدثون العديد من الأبيات والكلمات التي تعكس عظمة هذا الحدث، والمكانة السامية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قلوب المسلمين. في هذا المقال، سوف نتناول بعضًا من أجمل ما قيل في مولد النبي، مع التركيز على الأبيات الشعرية، الأقوال والقصائد التي تبرز مكانة النبي في الذاكرة الجمعية للمسلمين وتكشف عن تأثير هذه المناسبة العظيمة في تاريخ الأمة.
مولد النبي في الشعر العربي
منذ العصر الجاهلي، كان الشعراء يعبّرون عن المواقف العظيمة باستخدام الأبيات الشعرية، وعندما جاء الإسلام وتوحّدت الأمة على رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تزايدت القصائد التي تمدح مولده وتحث على اتباع سنته وتعاليمه. إذ يعتبر الشعر العربي من أبرز الوسائل التي تعكس مشاعر المحبة والاعتزاز في هذا السياق.
في قصيدة البردة للشاعر كعب بن زهير، والتي تعد واحدة من أروع القصائد التي تناولت مولد النبي، وصف الشاعر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصفات نبيلة، مستعرضًا العديد من جوانب شخصيته العظيمة، وفيها يقول:
“بانت سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ
متيّمٌ أثرَها لم يُفْدَ مكبولُ”
وهذه الأبيات تعبر عن شدة الحب والتعلق بمولده عليه الصلاة والسلام، حيث يقارن الشاعر نفسه بالذي يعاني من قسوة الفراق، ليظهر مدى تأثير حضور النبي في قلوب المسلمين.
أيضًا الشاعر الأخفش قال في مولده صلى الله عليه وسلم:
“نورٌ على نورٍ جاء في ليل الظلمات
حلّت به البشائر، وزال معه الجُودات”
تجسد هذه الأبيات النور الذي أضاء الدنيا بميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو النور الذي جاء ليبدد ظلمات الجهل والشرك.
مدح النبي في الأحاديث الشريفة
أما في السنة النبوية الشريفة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تبرز مكانته الرفيعة، ومن أجمل ما قيل في النبي صلى الله عليه وسلم هو حديث البخاري عن أنس بن مالك قال: “أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ”.
هذا الحديث الشريف يُظهر المقام العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم بين الأنبياء والمرسلين، فهو سيد ولد آدم بلا منازع، وأعظمهم قدراً. كما يبرز في الحديث ما يتجسد من عظمة النبي التي تجمع بين الجمال الروحي والجسدي، مما يجعله أفضل المخلوقات.
من أشهر الأحاديث الأخرى التي تبرز فضل النبي أيضًا حديث الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال: “هو الذي أضاء وجه الأرض، وأشرق بها، فهُدِيَ بِي اللهُ خَلْقَهُ”، وهو إشارة واضحة إلى أن النبي كان مصدر النور والهداية للأمة الإسلامية، وأنه كان سببًا في رفع ظلام الجهل والضلال عن البشرية.
القصائد الدينية في مدح النبي
على مر العصور، أبدع الشعراء في كتابة القصائد الدينية التي تمجد وتحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استخدموا في ذلك صورًا بلاغية غاية في الجمال والروعة. من أبرز هذه القصائد قصيدة “البردة” للشاعر البوصيري، وهي إحدى أشهر القصائد التي قيلت في مدح النبي، حيث يقول في مطلعها:
“مُحمدٌ سيدُ الكونينِ والثقلينِ
وَمُحمدٌ فَمَسْنُوحٌ في الكُفُوفِ”
تعد هذه الأبيات من أروع ما قيل في النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فهي تعبر عن مكانته العالية في الكون، حيث جمعت بين الثقلين: البشر والجن، حيث كان له الفضل في إضاءة الأرض بهديه ورسالته.
كما أن قصيدة “طلع البدر علينا” هي من القصائد المشهورة التي قيلت في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، عندما هاجر إليها:
“طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا
مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ
وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا
مَا دَعَا لِلَّهِ دَاعِ”
القصيدة تجسد شعور الصحابة والمجتمع الإسلامي في المدينة بالفرح والسرور بمقدم النبي، وتُظهر أيضًا التقدير الشديد لهذا الحدث العظيم.
أقوال العلماء في مولد النبي
لقد كانت أقوال العلماء والمفسرين في مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مليئة بالتقدير والإجلال لهذا الحدث. من أبرز هذه الأقوال ما ذكره الشيخ الشعراوي رحمه الله في أحد تفسيراته، حيث قال: “لقد كان ميلاده صلى الله عليه وسلم تجسيدًا للرحمة التي وسعت كل شيء، فبهذا المولد ظهرت النبوة في أبهى صورها، وتحقق الخير للبشرية جمعاء”. هذا التصريح يعكس الفهم العميق للتأثير الذي أحدثه النبي في مسار الإنسانية.
كذلك، نجد الإمام الغزالي في كتاباته يصف مولد النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان بمثابة البداية لعصر جديد في تاريخ البشرية، حيث قال: “مَيلاده هو بداية لنهضة علمية ودينية وحضارية عظيمة”. ففي قوله هذا، يبرز الإمام الغزالي وجهًا آخر من أوجه عظمة هذا الحدث، حيث اعتبره نقطة تحول في تاريخ الإنسانية جمعاء.
مولد النبي بين الفقهاء
لقد اختلف الفقهاء في حكم الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فمنهم من أفتى بجواز الاحتفال، ومنهم من رفض ذلك، ولكن الجميع اتفقوا على أن ميلاده صلى الله عليه وسلم هو حدث عظيم يستحق منا الشكر والاعتراف بعظمته. الشيخ ابن حجر العسقلاني في كتابه “فتح الباري” ذكر أن الاحتفال بمولد النبي يعد من الأمور التي تظهر محبتنا له وإجلالنا له، وهو نوع من التذكير بعظمة هذا الحدث العظيم الذي غير مسار تاريخ الأمة الإسلامية.
تأثير مولد النبي على الأمة
مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان بداية لانطلاق دعوة الإسلام في جميع أرجاء المعمورة، وجاء ليؤكد أن الإنسان الذي كان يحمل هذه الرسالة سيكون مصدر هداية للعالمين. على مر العصور، ظل هذا اليوم في قلوب المسلمين رمزًا للوحدة والمحبة، وظل نبراسًا يستلهم منه المسلمون قيمهم ومبادئهم.
لقد علمنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم كيفية العيش بتواضع، وكيفية مد يد العون للمحتاجين، كما علمنا كيفية التعامل مع الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة. بالإضافة إلى ذلك، فقد أرسى قواعد العدالة والمساواة بين جميع البشر بغض النظر عن عرقهم أو مكانتهم الاجتماعية.
