كيف تحارب الشعور بالإنهاك في العمل؟
يعد الشعور بالإنهاك في العمل من أبرز التحديات التي يواجهها العديد من الموظفين في مختلف الصناعات والمجالات. ففي ظل ضغوط الحياة العملية المتزايدة، تصبح قدرة الإنسان على الحفاظ على توازنه النفسي والجسدي مهددة، مما يؤثر بشكل مباشر على إنتاجيته وأدائه الوظيفي. هذا الشعور قد يتسبب في تدهور الصحة العقلية والجسدية، وقد يؤدي إلى تراجع مستمر في مستويات الرضا الوظيفي. لذا، أصبح من الضروري البحث عن طرق فعالة للتعامل مع هذا الإحساس والتغلب عليه.
1. فهم الشعور بالإنهاك
الإنهاك في العمل ليس مجرد شعور بالتعب الجسدي، بل هو حالة نفسية وعاطفية تتمثل في الإرهاق المزمن، فقدان الحافز، وفقدان الشعور بالإنجاز. قد يتجلى هذا الشعور في عدة صور، مثل قلة التركيز، مشاعر الحزن أو الإحباط، تراجع الأداء الوظيفي، وزيادة الشعور بالانعزال. العامل الأساسي الذي يؤدي إلى هذه الحالة هو الضغط المستمر، سواء كان نتيجة لمهام ثقيلة، مواعيد ضيقة، أو بيئة عمل غير داعمة.
2. تنظيم وقتك وتحديد أولوياتك
أحد الأسباب الرئيسية للإنهاك هو محاولة إنجاز الكثير من المهام في وقت ضيق. لذلك، من الضروري أن تتعلم كيفية تنظيم وقتك بشكل فعال. يبدأ ذلك بتحديد أولويات العمل بشكل دقيق. قسّم مهامك إلى مهام عاجلة وأخرى يمكن تأجيلها، وضع خطة أسبوعية أو يومية تضمن لك التفرغ للأمور الأكثر أهمية.
التخطيط المسبق يساعدك على تجنب الفوضى والضغوطات التي قد تؤدي إلى الشعور بالإرهاق. كما يُنصح باستخدام تقنيات مثل قاعدة “بومودورو” (العمل لمدة 25 دقيقة تليها 5 دقائق من الراحة) لتعزيز التركيز وتقليل الشعور بالإرهاق.
3. تعلم قول “لا”
أحد الأخطاء الشائعة التي يقع فيها العديد من الأشخاص هو القبول بكل المهام المكلفين بها من دون تحديد الحدود. قد تشعر بأنك مضطر للموافقة على كل طلب، ولكن هذا يؤدي في النهاية إلى تراكم الأعمال وارتفاع مستويات التوتر. تعلم كيفية قول “لا” عندما يكون لديك بالفعل الكثير من المهام على عاتقك هو من أبرز استراتيجيات محاربة الشعور بالإنهاك. عليك أن تعرف قدراتك وقيودك، وألا تضع نفسك في مواقف تضغط فيها على نفسك بشكل مفرط.
4. الراحة والإجازات
من أهم الطرق التي تساهم في تجنب الإرهاق هي منح نفسك الوقت الكافي للراحة. لا تستهين بأهمية فترات الراحة القصيرة أثناء العمل أو الإجازات السنوية. الراحة ضرورية لإعادة شحن طاقتك وتحقيق توازن بين العمل والحياة الشخصية. يُنصح بالتوقف عن العمل لفترات قصيرة بين المهام، والابتعاد عن المكتب خلال الغداء، وكذلك تخصيص أيام كاملة للراحة بعيداً عن ضغوط العمل.
5. ممارسة الرياضة بانتظام
ممارسة الرياضة هي من الوسائل الفعالة للتخلص من الإجهاد النفسي والجسدي. النشاط البدني يساهم في تحسين الدورة الدموية وتفريغ التوتر، مما يساعد على استعادة الطاقة والتركيز. من خلال ممارسة الرياضة بانتظام، سواء كان ذلك المشي أو الجري أو تمارين الاسترخاء، يمكنك تعزيز قدرتك على مواجهة تحديات العمل بشكل أفضل.
6. تحسين بيئة العمل
بيئة العمل تلعب دوراً كبيراً في تعزيز أو تقليل الشعور بالإنهاك. بيئة غير صحية، سواء كانت بسبب ضوضاء، ترتيب غير مناسب للمكتب، أو قلة التواصل بين الزملاء، يمكن أن تسهم بشكل كبير في زيادة الإرهاق. لذا، من المهم العمل على تحسين بيئة عملك بشكل مستمر. احرص على خلق بيئة منظمة، نظيفة، ومريحة. كما أن التشجيع على التواصل الجيد والتعاون بين الزملاء يساعد في خلق بيئة عمل داعمة.
7. التركيز على التنفس والاسترخاء
تقنيات التنفس والاسترخاء تعتبر من أساليب المواجهة الفعالة ضد الإرهاق النفسي. يمكن أن يساعد التنفس العميق والتمارين الاسترخائية مثل التأمل أو اليوغا في تقليل مستويات التوتر بشكل ملحوظ. ووجدت الدراسات أن التمرينات التنفسية مثل التنفس البطني تساعد في تقليل القلق وزيادة التركيز، مما يعزز الأداء الوظيفي ويحارب الإنهاك.
8. تفويض المهام
أحد العوامل التي تسهم في شعور الموظف بالإنهاك هو محاولة إنجاز كل شيء بنفسه. لتجنب هذا الشعور، يمكن تفويض بعض المهام إلى الزملاء أو الموظفين الذين يمكنهم تحمل المسؤولية. سواء كانت هذه المهام تتعلق بالعمل اليومي أو بمشروعات معينة، فإن تفويضها يمكن أن يساعد في توزيع عبء العمل وبالتالي تقليل التوتر.
9. التواصل مع المدير أو المسؤول
أحد الحلول الفعالة لمكافحة الإرهاق في العمل هو الانفتاح على المسؤولين في مكان العمل. إذا كنت تشعر بأنك تحت ضغط كبير أو أن عبء العمل غير معقول، من المهم التحدث إلى مديرك أو قائد الفريق. التواصل المفتوح يمكن أن يؤدي إلى إيجاد حلول عملية مثل إعادة توزيع المهام أو تعديل الأولويات. الشفافية في هذا الأمر قد تساهم في تخفيف العبء عنك.
10. الاهتمام بالصحة النفسية
إن الصحة النفسية تعتبر العامل الأساسي في التغلب على الإرهاق. عندما تكون في حالة نفسية جيدة، يصبح من الأسهل التعامل مع الضغوطات اليومية. لذلك، من المهم أن تخصص وقتاً للعناية بنفسك، سواء من خلال ممارسة الأنشطة التي تحبها، قراءة الكتب، أو حتى تخصيص وقت لممارسة هواياتك المفضلة. علاوة على ذلك، يمكن الاستعانة بالعلاج النفسي أو الاستشارات إذا كنت تشعر أن الضغوط قد فاقت قدرتك على التحمل.
11. بناء علاقات اجتماعية قوية
العلاقات الاجتماعية تلعب دوراً مهماً في محاربة الشعور بالإنهاك. من خلال بناء شبكة دعم قوية من الأصدقاء والعائلة والزملاء، يمكن أن تجد الراحة والتفريغ العاطفي الذي تحتاجه لمواجهة تحديات الحياة العملية. الدعم الاجتماعي يساهم في تحسين المزاج ويساعد على التعامل مع التوتر بطرق صحية.
12. تحديد أهداف واقعية
من العوامل التي تساهم في الإرهاق هو وضع أهداف غير قابلة للتحقيق أو أهداف غير واقعية. لتحسين حالتك النفسية، يجب أن تضع أهدافاً قابلة للتحقيق ضمن مواعيد واقعية. الأهداف الكبيرة التي قد تكون مستحيلة قد تسبّب في زيادة الإحساس بالعجز والإرهاق. بدلاً من ذلك، ركز على أهداف صغيرة يمكن تحقيقها تدريجياً، مما يساهم في تعزيز شعورك بالإنجاز.
13. تعلّم المهارات الجديدة
إذا كنت تشعر بالإرهاق بسبب الروتين أو تكرار نفس المهام في العمل، قد تكون فكرة تعلم مهارات جديدة أو اكتساب معرفة جديدة خياراً جيداً. تعلم شيء جديد يعزز من حماسك ويكسر الملل الذي قد يكون سبباً رئيسياً للشعور بالإرهاق. يمكن أن يكون هذا تعلم أدوات جديدة أو اكتساب مهارات في إدارة الوقت أو حتى تطوير مهارات القيادة.
14. التأمل في الإنجازات
أحد أسباب الإنهاك هو عدم التقدير الكافي للإنجازات الصغيرة والكبيرة التي حققتها. أحياناً، ننشغل بمواصلة العمل وننسى التوقف للاحتفاء بما أنجزناه. خصص وقتاً للتفكير في الإنجازات التي حققتها والتعرف على كيف يمكنك البناء عليها. هذا يساعد على تعزيز الحافز ويجعل من السهل التغلب على الشعور بالإرهاق.
15. تقديم الدعم للآخرين
في بعض الأحيان، يساعد تقديم الدعم للآخرين على تخفيف الشعور بالإنهاك. عندما تشارك في تقديم العون لزملائك أو تشارك في المبادرات الاجتماعية أو المجتمعية، قد تشعر بأنك تستعيد جزءاً من الطاقة الإيجابية التي كنت تفتقدها. مساعدة الآخرين تخلق بيئة من التآزر والدعم المتبادل، مما يساهم في تعزيز الشعور بالرضا والتحفيز.
خلاصة
يعد الشعور بالإنهاك في العمل من التحديات التي تواجه العديد من الأفراد في بيئات العمل المعاصرة. لكن من خلال تبني استراتيجيات فعالة مثل تنظيم الوقت، ممارسة الرياضة، تحسين بيئة العمل، والتواصل المفتوح مع المديرين والزملاء، يمكن التغلب على هذه الحالة بشكل تدريجي. الاهتمام بالصحة النفسية، التفويض الفعّال للمهام، وتحديد أهداف واقعية، كلها عوامل تلعب دوراً مهماً في محاربة هذا الشعور.
