أثر اضطرابات الطعام على الأسنان

فقدان الشهية والشره العصبي وأثرهما على الأسنان

تعتبر اضطرابات الطعام مثل فقدان الشهية العصبي والشره العصبي من المشاكل الصحية النفسية التي تؤثر بشكل كبير على الصحة الجسدية والعقلية للإنسان. لا تقتصر تأثيرات هذه الاضطرابات على وزن الجسم أو الحالة النفسية فحسب، بل تمتد لتشمل العديد من الأعضاء الحيوية في الجسم، بما في ذلك الأسنان. يعاني الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات من آثار صحية متفاقمة تؤثر على فمهم وأسنانهم بشكل غير مرئي للكثيرين. في هذا المقال، سنتناول الأثر المباشر لفقدان الشهية العصبي والشره العصبي على الأسنان، ونلقي الضوء على كيفية تأثير هذه الاضطرابات على صحة الفم، مع شرح أسباب ذلك وأهمية العناية بالأسنان في ظل هذه الحالات.

1. تعريف فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) والشره العصبي (Bulimia Nervosa)

فقدان الشهية العصبي هو اضطراب غذائي يتمثل في تقليل تناول الطعام بشكل مفرط بسبب الخوف الشديد من زيادة الوزن أو القلق المستمر من صورة الجسم. يعاني المصابون بهذا الاضطراب من نوبات من الإنكار للجوع، مما يؤدي إلى تجنب الطعام بشكل قسري وخطير في كثير من الأحيان.

أما الشره العصبي فهو اضطراب غذائي يتسم بنوبات من الأكل المفرط أو “التهام الطعام” تليها محاولات للتخلص من الطعام المتناول عبر أساليب غير صحية مثل التقيؤ، أو استخدام الأدوية الملينة أو ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفرط. غالباً ما يكون هذا السلوك محكوماً بالشعور بالذنب أو العار، مما يدفع الأشخاص إلى تكرار هذه الدورات المدمرة.

2. التأثيرات الشائعة لفقدان الشهية العصبي والشره العصبي على الأسنان

تتعدد التأثيرات السلبية لهذه الاضطرابات على الأسنان، ويعود ذلك إلى عدة أسباب عضوية ونفسية، تتداخل مع نمط الحياة المتبع أثناء المعاناة من هذه الاضطرابات.

2.1 التأثيرات الناتجة عن القيء المتكرر في الشره العصبي

يعتبر القيء المتكرر من أشهر الطرق التي يستخدمها المصابون بالشره العصبي للتخلص من الطعام المتناول. هذه العادة لها تأثير مدمر على الأسنان، حيث يتسبب حمض المعدة في تآكل طبقة المينا الواقية للأسنان.

المينا هي الطبقة الخارجية الصلبة للأسنان، وهي تمثل الحاجز الأول ضد الميكروبات والتلف الناتج عن الطعام والشراب. عند تعرض الأسنان بشكل متكرر للحمض الناتج عن القيء، يحدث تآكل تدريجي للمينا، مما يجعل الأسنان أكثر حساسية وعرضة للتسوس والتكسر.

من الممكن أن يعاني المريض من آثار قوية تشمل تراجع اللثة وتسوس الأسنان بشكل مبكر. كما يمكن أن يظهر اللون الأصفر على الأسنان نتيجة تعرضها للحمض لفترات طويلة، حيث تصبح الأسنان ضعيفة ولا تتمكن من الحفاظ على شكلها ولونها الطبيعي.

2.2 النقص في العناصر الغذائية في حالات فقدان الشهية العصبي

يعاني الأشخاص المصابون بفقدان الشهية العصبي من نقص حاد في العناصر الغذائية الأساسية التي تساهم في صحة الأسنان، مثل الكالسيوم وفيتامين د. يشكل هذا النقص تهديداً مباشراً لبنية الأسنان، حيث يصبح الهيكل العظمي للأسنان أقل قوة وقدرة على مقاومة العوامل المدمرة مثل الأحماض والبكتيريا.

عندما لا يحصل الجسم على التغذية السليمة، يبدأ في فقدان الكثافة المعدنية للأسنان، مما يجعلها عرضة للتسوس والمشاكل الأخرى مثل الالتهابات وتلف الأسنان. كما أن نقص الفيتامينات والمعادن يمكن أن يؤثر على قدرة الفم على محاربة البكتيريا، مما يؤدي إلى أمراض اللثة.

2.3 التأثيرات النفسية على العناية بالأسنان

الاضطرابات الغذائية تؤثر أيضاً على الاهتمام الشخصي بالصحة بشكل عام، بما في ذلك نظافة الفم. يعاني الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية العصبي أو الشره العصبي من قلة التركيز على العناية الشخصية، الأمر الذي قد يشمل تقليل عدد مرات تنظيف الأسنان أو إهمال الزيارات الدورية للطبيب.

أحياناً، تكون فترات التوتر والقلق المرتبطة بالاضطرابات النفسية سبباً مباشراً للإهمال الشخصي. إن غياب الاهتمام بالعناية اليومية بالفم يمكن أن يؤدي إلى تراكم البكتيريا داخل الفم، مما يساهم في تسوس الأسنان وتكوين الجير، ويزيد من احتمالية حدوث التهابات في اللثة.

3. أعراض مميزة لمشاكل الأسنان الناجمة عن الاضطرابات الغذائية

قد تظهر بعض الأعراض التي تشير إلى وجود مشاكل في الأسنان بسبب الاضطرابات الغذائية. ومن بين هذه الأعراض:

• حساسية الأسنان: قد يعاني الأشخاص من زيادة حساسية الأسنان تجاه الحرارة أو البرودة نتيجة تآكل المينا بسبب الحمض.

• تسوس الأسنان: تسوس الأسنان هو عرض شائع بين الأشخاص المصابين بالشره العصبي بسبب التآكل المفرط للمينا.

• تراجع اللثة: في حالات متقدمة، قد يبدأ تراجع اللثة في الظهور، مما يكشف جذور الأسنان ويزيد من فرص تكسر الأسنان أو التهابها.

• تشقق الأسنان: بسبب ضعف الأسنان وزيادة هشاشتها، قد تتعرض الأسنان للكسور أو التشققات بسهولة.

4. الوقاية والعلاج

4.1 الاهتمام بتغذية متوازنة

في حالات فقدان الشهية العصبي، يجب أن يركز العلاج على استعادة التوازن الغذائي. ينصح الأطباء بتناول غذاء يحتوي على كميات كافية من الفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الأسنان، مثل الكالسيوم والفيتامينات A وD. إن استعادة الوزن والحصول على تغذية جيدة يساعد في تحسين صحة الأسنان ويقلل من التدهور السريع للأسنان.

4.2 إيقاف القيء المتكرر في حالات الشره العصبي

يعتبر التوقف عن القيء المتكرر الخطوة الأولى لعلاج مشاكل الأسنان المرتبطة بالشره العصبي. ينبغي أن يشمل العلاج النفسي الذي يتم تحت إشراف مختصين إعادة تأهيل سلوكيات تناول الطعام والنظافة الشخصية. يمكن أن يساعد هذا في الحفاظ على المينا وحمايتها من الأضرار المستقبلية.

4.3 استخدام المواد المساعدة في حماية الأسنان

قد يوصي الأطباء باستخدام معاجين أسنان تحتوي على فلورايد، أو غسولات فموية تحتوي على مضادات للبكتيريا لحماية الأسنان من التسوس. في الحالات المتقدمة، قد يتطلب العلاج تداخلات طبية، مثل الترميمات للأسنان المتضررة أو علاج الأمراض اللثوية.

4.4 الفحص الدوري للأسنان

من الضروري أن يخضع المصابون بفقدان الشهية العصبي والشره العصبي لفحص دوري عند طبيب الأسنان. يساعد الفحص المنتظم في اكتشاف المشاكل في مراحل مبكرة، مما يسهل علاجها قبل تفاقمها.

5. الخاتمة

لا يمكن التقليل من أهمية صحة الأسنان لدى الأشخاص المصابين بالاضطرابات الغذائية مثل فقدان الشهية العصبي والشره العصبي. هذه الاضطرابات لا تقتصر على التأثيرات النفسية والبدنية فحسب، بل تؤثر بشكل مباشر على صحة الفم والأسنان. لذا، من المهم أن يتم التركيز على العناية الشاملة بالفم كجزء من خطة العلاج، والتأكد من الحصول على الدعم الطبي والنفسي اللازم. إن فهم العلاقة بين اضطرابات الطعام وصحة الأسنان يمكن أن يساعد في الوقاية من العديد من المشاكل الصحية الخطيرة ويحسن نوعية الحياة للأفراد المتأثرين بهذه الاضطرابات.