تُعتبر روسيا واحدة من أكثر الدول التي تشهد درجات حرارة منخفضة على مستوى العالم، حيث تتنوع درجات الحرارة في مختلف مناطقها لتصل في بعض الأحيان إلى مستويات قياسية. تُعد مدن روسيا الأكثر برودة من بين الأماكن التي يمكن للإنسان أن يعيش فيها، إذ يواجه السكان صيفًا قصيرًا جدًا وشتاءً طويلًا وقاسيًا. في هذا المقال، سنتناول أبرز المدن التي تُعد الأكثر برودة في روسيا، مع استعراض العوامل الجغرافية والمناخية التي تسهم في هذا البرودة الشديدة.
1. ياكوتسك (Yakutsk)
تعتبر مدينة ياكوتسك من أبرد مدن العالم وتُعرف بأنها “أبرد مدينة في العالم ذات سكان دائمين”. تقع هذه المدينة في جمهورية ساخا (ياقوتيا) في شمال شرق روسيا، ويبلغ متوسط درجة الحرارة في الشتاء حوالي -40 درجة مئوية، ولكنها قد تصل أحيانًا إلى -60 درجة مئوية في بعض السنوات. يعد هذا المناخ القاسي تحديًا كبيرًا للسكان، حيث يضطرون إلى التكيف مع الظروف الصعبة للعيش في هذه المنطقة المتجمدة. لكن رغم قسوة الشتاء، فإن هذه المدينة تضم حوالي 350,000 نسمة، ويعيش فيها الناس الذين تأقلموا مع هذا المناخ القاسي.
2. أوسوي (Oymyakon)
تُعتبر أوسوي واحدة من أبرد الأماكن في العالم، وقد سُجل فيها أدنى درجة حرارة تم قياسها في نصف الكرة الشمالي، حيث وصلت إلى -67.7 درجة مئوية في عام 1933. تقع هذه القرية في منطقة ياكوتيا شمال شرق روسيا، وتُعرف بأنها “أبرد مكان مأهول بالسكان على وجه الأرض”. وعلى الرغم من قسوة الظروف الجوية، فإن سكان أوسوي يعيشون حياة بسيطة رغم قلة الموارد الطبيعية في هذه المنطقة النائية. هؤلاء السكان يعيشون في منازل مصممة خصيصًا لتحمل درجات الحرارة المتجمدة، ويعتمدون على أساليب تقليدية في التدفئة والتغذية.
3. مورمانسك (Murmansk)
تقع مدينة مورمانسك في شمال غرب روسيا بالقرب من الدائرة القطبية الشمالية، وهي واحدة من أكبر المدن الروسية في المنطقة القطبية. وعلى الرغم من أن درجات الحرارة في مورمانسك قد لا تصل إلى القسوة التي تتمتع بها مدن مثل ياكوتسك وأوسوي، إلا أن المدينة تشهد شتاءً طويلًا وقاسيًا، حيث تصل درجات الحرارة في أشهر الشتاء إلى حوالي -10 درجات مئوية، وقد تنخفض بشكل أكبر في بعض الأحيان. بالإضافة إلى ذلك، يعاني سكان مورمانسك من الظلام الدائم خلال فصل الشتاء، حيث يمتد الليل لفترة تصل إلى شهرين تقريبًا.
4. تومسك (Tomsk)
تُعتبر مدينة تومسك واحدة من أبرد المدن في سيبيريا، وتقع في غرب سيبيريا بالقرب من نهر أوبي. في الشتاء، تنخفض درجات الحرارة في تومسك إلى ما دون -30 درجة مئوية، ويمكن أن تصل إلى -45 درجة مئوية في بعض الحالات القصوى. المدينة تشهد شتاءً طويلًا وجافًا، مع انخفاض شديد في درجات الحرارة خلال الأشهر بين نوفمبر وفبراير. ورغم قسوة الظروف الجوية، فإن تومسك تعد مركزًا علميًا وتعليميًا هامًا في المنطقة، حيث تضم العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية.
5. إركوتسك (Irkutsk)
تقع مدينة إركوتسك بالقرب من بحيرة بايكال في سيبيريا الشرقية، وتعد واحدة من أهم المدن في المنطقة. تتميز إركوتسك بمناخ قاري بارد للغاية، حيث تسجل درجات الحرارة في الشتاء ما بين -20 و -30 درجة مئوية، وقد تصل إلى -40 درجة مئوية في بعض الأحيان. تعتبر المدينة بوابة إلى بحيرة بايكال، التي تشهد شتاءً طويلًا وقاسيًا، ولكنها في نفس الوقت تتمتع بموقع استراتيجي يجعلها مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا.
6. نوفوسيبيرسك (Novosibirsk)
تعد نوفوسيبيرسك واحدة من أكبر المدن في سيبيريا، وهي تقع في جنوب غرب سيبيريا بالقرب من نهر أوب. رغم أن درجات الحرارة في نوفوسيبيرسك ليست بنفس شدة المدن الأخرى في سيبيريا، إلا أنها تعتبر واحدة من أبرد المدن في روسيا. تنخفض درجات الحرارة في الشتاء إلى حوالي -20 درجة مئوية، ولكنها قد تصل إلى -35 درجة مئوية في بعض الأحيان. تعتبر نوفوسيبيرسك مركزًا اقتصاديًا وتعليميًا هامًا في المنطقة، حيث تضم العديد من الجامعات والمؤسسات البحثية.
7. تشيتا (Chita)
تقع مدينة تشيتا في أقصى شرق سيبيريا، بالقرب من الحدود الروسية مع منغوليا والصين. تعتبر المدينة من أبرد المدن في المنطقة، حيث تنخفض درجات الحرارة في الشتاء إلى ما دون -30 درجة مئوية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تشيتا تشهد صيفًا قصيرًا جدًا، حيث تستمر الأشهر الدافئة فقط لمدة شهرين تقريبًا. رغم برودة الطقس، تُعد تشيتا مركزًا صناعيًا وتجاريًا هامًا في المنطقة.
العوامل الجغرافية والمناخية
تُسهم مجموعة من العوامل الجغرافية والمناخية في البرودة الشديدة التي تتميز بها هذه المدن. أولًا، تقع العديد من هذه المدن بالقرب من الدائرة القطبية الشمالية، حيث يكون تأثير الرياح القطبية والمحيطات المتجمدة أكثر وضوحًا. ثانيًا، تتأثر هذه المدن بمناخ سيبيري قاري، حيث يكون فصل الشتاء طويلًا وجافًا، بينما يكون الصيف قصيرًا ودافئًا للغاية.
علاوة على ذلك، تعد التضاريس الجغرافية عاملًا أساسيًا في البرودة، حيث تقع معظم هذه المدن على مسافات بعيدة عن البحار والمحيطات، مما يعني أن الهواء البارد القادم من سيبيريا لا يتأثر بتأثيرات البحر المعتدلة.
الحياة في المدن الباردة
العيش في هذه المدن يتطلب تأقلمًا خاصًا مع الظروف المناخية القاسية. ففي المدن مثل ياكوتسك وأوسوي، يتم تصميم المنازل والمرافق بحيث تكون قادرة على تحمل درجات الحرارة المتجمدة. كما يعتمد السكان في هذه المناطق على أساليب تدفئة متطورة، مثل التدفئة المركزية التي تُعد أساسية للبقاء على قيد الحياة في هذه البيئة القاسية. في المدن الأكثر برودة، يعمل السكان على تقنيات خاصة لتخزين الطعام والحفاظ عليه في درجات حرارة منخفضة طوال العام.
الختام
تظل روسيا واحدة من الدول التي تشهد أبرد وأقسَم المناخات في العالم، وتعد المدن التي تم ذكرها في هذا المقال من أكثر المدن برودة في العالم. على الرغم من الظروف الصعبة، فإن الناس في هذه المناطق قد تعلموا كيفية التكيف مع هذه البيئة القاسية واستمرار حياتهم اليومية وسط هذه البرودة.
