في “آرثر ميلر: حياته وعمله”، يقدم مارتن جوتفريد، الناقد المسرحي الحائز على جوائز والسير الذي حاز على احترام الكثيرين، لوحة فنية وسيرة ذاتية شاملة لأحد أبرز كتّاب المسرح في تاريخ الدراما الأمريكية، آرثر ميلر. يعرض جوتفريد في كتابه هذا جوانب غنية ومعقدة من حياة ميلر، الكثير منها كان مخفيًا عن أعين الجمهور.
تبدأ الرحلة في ميلر من طفولته وفترة المراهقة في مدينة نيويورك خلال فترة الكساد الاقتصادي، حيث يقدم للقارئ لمحة عن الظروف التي أثرت في تشكيل شخصيته وتوجيه اهتماماته. يرافقنا جوتفريد إلى سنوات الجامعة في ميشيغان، حيث يتطرق إلى اللحظات الحاسمة التي ساهمت في تشكيل فهم ميلر للفن والحياة.
من ثم، يستعرض الكتاب محطات حياة ميلر الاحترافية، بدءًا من الرفض الذي واجهه في بداياته المهنية إلى لحظة انفجاره الإبداعي مع مسرحية “كل أبنائي” في عام 1947، التي أرسته كصوت لا يمكن تجاهله في عالم المسرح.
تأتي فترة الستينيات، ومعها تحديات مشاركة ميلر في مواجهة لجنة النشاطات الغير أمريكية خلال فترة مكارثي، حيث يظهر بجرأة كبيرة في الدفاع عن قناعاته السياسية والفنية. ومن هنا تنقل السيرة الذاتية لتلقي الضوء على الزواج غير المتوقع بالنجمة مارلين مونرو وتأثير ذلك على حياته الشخصية والمهنية.
وفي سياق أوسع، يلقي الكتاب نظرة على نشاط ميلر السياسي والاجتماعي على الساحة العالمية، حيث شهدت سنواته الأخيرة استمرار تأثيره الإبداعي حتى بلغ من العمر 88 عامًا في أكتوبر 2003. يظل ميلر نشيطًا حيث لا يزال يكتب مسرحيات، وتتوالى إعادات إحياء المسرحيات الخاصة به وتحويلاتها إلى أفلام.
تجمع هذه السيرة الذاتية ببراعة بين المقابلات مع أولئك الذين عاشوا مع ميلر في مختلف مراحل حياته الشخصية والمهنية، وبين المراسلات الوفيرة التي خاطب بها ميلر طوال حياته، وبين النصوص المحررة والدفاتر التي تكشف عن عمليته الإبداعية بتفصيل مدهش.
في ختام الكتاب، يظهر أمام القارئ لوحة ساحرة وحدثًا أدبيًا من الطراز الأول، تعكس تلك الصفحات تمامًا الجهد البحثي والفني الذي وفره جوتفريد في إبراز حياة هذا العملاق الأدبي، آرثر ميلر.