يوم الحساب: تحليل عواقب السياسات الاقتصادية الأمريكية لريغان

يوم الحساب: عواقب السياسات الاقتصادية الأمريكية

يُعَدُّ كتاب “يوم الحساب: عواقب السياسات الاقتصادية الأمريكية” من تأليف بنيامين م. فريدمان، والصادر عن دار نشر “راندم هاوس” في سبتمبر 1988، من الأعمال البارزة التي تقدم تحليلًا متعمقًا للسياسات الاقتصادية التي اعتمدتها إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان. يعرض الكتاب مجموعة من القضايا الجوهرية المتعلقة بتأثيرات السياسات الاقتصادية على الأوضاع المالية الوطنية، ويطرح حججًا قوية حول الحاجة إلى زيادة الضرائب كوسيلة لمعالجة الأزمات الاقتصادية.

تحليل السياسات الاقتصادية لريغان

يركز الكتاب بشكل أساسي على فترة حكم رونالد ريغان، الذي تولى الرئاسة في عام 1981، وكان له تأثير كبير على السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة. كانت السياسات الاقتصادية لريغان، والتي تُعرف باسم “الريغانوميكس”، تتضمن خفض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وزيادة الإنفاق العسكري. يرى فريدمان أن هذه السياسات كان لها تأثيرات بعيدة المدى على الاقتصاد الأمريكي، والتي لم تكن جميعها إيجابية كما كان يُفترض.

أثر خفض الضرائب

واحدة من المبادئ الأساسية للريغانوميكس كانت خفض الضرائب، والتي كانت تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة إنفاق الأفراد والشركات. لكن فريدمان يناقش في كتابه كيف أن خفض الضرائب لم يحقق الأهداف المرجوة بالكامل. على الرغم من أن السياسات قد أدت إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري على المدى القصير، إلا أن النتائج الطويلة الأجل كانت أكثر تعقيدًا. حيث أدى تخفيض الضرائب إلى زيادة العجز في الميزانية، والذي قوبل بزيادة في الديون الوطنية، مما أثر على الاستقرار المالي للدولة.

زيادة الإنفاق العسكري

بجانب خفض الضرائب، كانت الزيادة في الإنفاق العسكري أحد أركان السياسة الاقتصادية لريغان. وقد ساهم هذا التوجه في تعزيز القوة العسكرية الأمريكية، لكنه كان له أيضًا تأثيرات اقتصادية سلبية. فقد أدى إلى زيادة العجز في الميزانية، مما زاد من حجم الديون الوطنية. ويجادل فريدمان بأن هذه الزيادة في الإنفاق العسكري لم تكن مدعومة بزيادة في الإيرادات، مما أدى إلى ضغوط مالية على الاقتصاد الوطني.

الآثار الاجتماعية والاقتصادية

يستعرض فريدمان أيضًا الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن السياسات الاقتصادية لريغان. فقد أدى خفض الضرائب إلى تعزيز الفجوة بين الأثرياء والفقراء، حيث استفاد الأثرياء بشكل أكبر من التخفيضات الضريبية مقارنة بالطبقات الاجتماعية الأقل دخلًا. كما أن تخفيض الإنفاق الحكومي في المجالات الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية قد أثر سلبًا على بعض الفئات الضعيفة في المجتمع.

الحاجة إلى زيادة الضرائب

في ختام الكتاب، يُقدم فريدمان حججًا قوية بشأن ضرورة زيادة الضرائب كوسيلة لمواجهة العجز في الميزانية ومعالجة الديون الوطنية. يرى الكاتب أن زيادة الضرائب، خاصة على الأثرياء والشركات الكبرى، قد تكون خطوة ضرورية لضمان استدامة المالية العامة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.

تقييم الكتاب

يُعَدُّ “يوم الحساب: عواقب السياسات الاقتصادية الأمريكية” عملاً مهمًا في مجال العلوم السياسية والاقتصادية، حيث يقدم تحليلًا نقديًا وشاملاً للسياسات الاقتصادية التي اعتمدتها إدارة ريغان. من خلال استعراضه للعواقب المالية والاجتماعية لتلك السياسات، يوفر فريدمان رؤى هامة حول كيفية تأثير القرارات الاقتصادية على الوضع المالي للدولة، ويطرح أفكارًا حول كيفية تصحيح المسار الاقتصادي.

الختام

باختصار، يُعدُّ هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا لفهم الأثر العميق لسياسات ريغان الاقتصادية، ويُسلط الضوء على أهمية النظر في التوازن بين السياسات الضريبية والإنفاق الحكومي. من خلال تقديم تحليلات دقيقة وتقديم حلول واقعية، يساهم “يوم الحساب: عواقب السياسات الاقتصادية الأمريكية” في إثراء النقاشات الاقتصادية والسياسية حول كيفية تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.