ما لا تعرفينه عن وليم شكسبير وزوجته آن هاثاواي
ويُعتبر وليم شكسبير أحد أعظم الأدباء في التاريخ، ويصنف على أنه الكاتب الأكثر تأثيرًا في الأدب الإنجليزي والعالمي. تُرجمت أعماله إلى أكثر من 80 لغة، وأثرت أعماله على الأدب، المسرح، السينما، والثقافة الشعبية. لكن رغم شهرته الواسعة، يظل جزء من حياة شكسبير الشخصية غامضًا، خاصة فيما يتعلق بزواجه من آن هاثاواي. في هذا المقال، سنتناول الحياة الشخصية لهذا الثنائي بشكل أعمق، ونعرض أبرز ما قد لا يعرفه الكثيرون عن العلاقة بين وليم شكسبير وزوجته آن هاثاواي.
1. البداية المبكرة لويليام شكسبير
وُلد وليم شكسبير في 23 أبريل 1564 في ستراتفورد أبون آفون، إنجلترا. وُلد في أسرة متوسطة الحال، وكان والده جون شكسبير تاجرًا معروفًا وعضوًا في مجلس المدينة المحلي. تلقت أسرة شكسبير تعليمًا بسيطًا، وعاش وليم في بيئة تزخر بالتأثيرات الثقافية والفنية.
بدأ شكسبير مسيرته الأدبية في وقتٍ مبكر، لكن حياته الشخصية كانت أقل وضوحًا من مسيرته الأدبية المشرقة. ففي عام 1582، عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، ارتبط بشابة تدعى آن هاثاواي، التي كانت تكبره بثماني سنوات.
2. من هي آن هاثاواي؟
آن هاثاواي كانت من عائلة متوسطة، وُلدت في 1556 في قرية Shottery بالقرب من ستراتفورد أبون آفون. كان والدها، ريتشارد هاثاواي، مزارعًا يمتلك مزرعة كبيرة. آن كانت امرأة منفتحة وعملية، وكان لها مكانتها في المجتمع المحلي. لكن على الرغم من وضعها الاجتماعي المتواضع، فإن ملامح شخصيتها وذكائها قد يكونان قد جذبوا إليها انتباه وليم.
كان هناك فارق كبير في السن بين وليم وشريكته المستقبلية آن. وليم كان شابًا في بداية العشرينات، بينما كانت آن في سن متقدمة نسبيًا. إلا أن هذا الفارق الزمني لم يمنع حبهما من النمو، حيث يُعتقد أنه كان ارتباطًا عاطفيًا شديدًا رغم الفروق بينهما.
3. الزواج المفاجئ
في نوفمبر 1582، تم الزواج بين وليم شكسبير وآن هاثاواي. وكان الزواج غير عادي بعض الشيء بالنسبة للوقت الذي تم فيه. تشير الوثائق إلى أن الزواج تم بسرعة كبيرة، وربما بسبب الحمل المفاجئ لآن هاثاواي. ففي فبراير 1583، ولدت ابنتهما الأولى سوزانا، مما يثير التساؤل حول ما إذا كان الحمل هو السبب وراء الزواج العاجل.
ورغم أن وليم كان في بداية مشواره الأدبي ولم يكن معروفًا بعد، فقد ترك الزواج بينهما أثراً كبيراً على حياته. من غير الواضح تمامًا كيف كانت علاقتهما في السنوات الأولى بعد الزواج، لكن من المعروف أن وليم انتقل إلى لندن للعمل في المسرح، مما جعله يقضي وقتًا طويلاً بعيدًا عن أسرته في ستراتفورد.
4. الاختلافات بينهما: الحياة في ستراتفورد ولندن
على الرغم من الزواج السريع والطفلة التي كانت ثمرة لهذا الارتباط، إلا أن حياة وليم في لندن كانت مختلفة تمامًا عن الحياة التي اختارها في ستراتفورد. لم يكن شكسبير مستقرًا في ستراتفورد خلال السنوات التي تلت زواجه، حيث انتقل إلى لندن للعمل في المسرح والكتابة، وأصبح واحدًا من أبرز المسرحيين في إنجلترا.
يُعتقد أن آن هاثاواي بقيت في ستراتفورد مع أطفالها، بما في ذلك سوزانا والتوأمين هامنت وجوديث. كان من الشائع في تلك الفترة أن يسافر الكتاب والممثلون إلى المدن الكبرى للعمل، لذلك قد يكون هذا الفصل بين وليم وزوجته، رغم أن البعض يراه بداية للغموض في علاقتهما، قد أتاح له الفرصة للتركيز على مسيرته الأدبية.
5. آن هاثاواي: امرأة ذات شخصية قوية
آن هاثاواي، رغم كونها أمًا لثلاثة أطفال وزوجة لواحد من أعظم الكتاب في التاريخ، لم تكن مجرد زوجة تُختصر في دورها التقليدي. هي امرأة نشأت في مجتمع يعزز القيم التقليدية، ورغم أن الكثير من التفاصيل عن شخصيتها غير معروفة، إلا أن بعض الأدلة تشير إلى أنها كانت امرأة ذات شخصيتها القوية ومستقلة. كانت آن تملك مزرعة في ستراتفورد، وتدير شؤونها الاقتصادية بشكل مستقل. هذا يعكس قدرتها على التكيف مع تحديات الحياة والتعامل مع المسؤوليات المالية.
تذكر بعض السجلات أيضًا أنها كانت تمتلك روحًا مرحة ولديها علاقات اجتماعية واسعة، وقد كانت تحظى باحترام بين سكان المنطقة. على الرغم من أنها كانت تتفوق في مجتمعها المحلي، إلا أن التاريخ ظلّ يذكرها في سياق كونها زوجة لويليام شكسبير.
6. الحياة الزوجية في السياق الاجتماعي والاقتصادي
من المهم أيضًا أن نضع في الاعتبار السياق الاجتماعي والاقتصادي في زمن شكسبير. كانت العلاقات الزوجية في تلك الحقبة غالبًا تُبنى على أسس اجتماعية واقتصادية، وكان للزواج دور كبير في تعزيز مكانة العائلات. لا يعني ذلك أن العلاقة بين شكسبير وزوجته كانت باردة أو غير عاطفية، لكن كان للزواج دور وظيفي اجتماعي، إلى جانب العوامل الشخصية.
على الرغم من أن وليم كان غارقًا في عالم الأدب والمسرح في لندن، إلا أن آن كانت تحافظ على إرث العائلة في ستراتفورد وتساهم في استقرار الأسرة من خلال إدارة أمور المنزل.
7. العلاقة بين وليم شكسبير وزوجته في أعماله الأدبية
من الجدير بالذكر أن علاقة شكسبير بزوجته لم تكن تمر في فترات عاصفة أو مشكلات غير قابلة للحل. ورغم ذلك، هناك إشارات غامضة في أعماله تشير إلى وجود صراع داخلي بينه وبين زوجته، أو ربما هو مجرد انعكاس للعلاقات الإنسانية المعقدة بشكل عام. في العديد من مسرحياته، نجد إشارات لقصص حب مليئة بالتوتر والصراع، مثل تلك التي نجدها في “تيمون الأثيني” أو “هاملت”. يمكن اعتبار هذه الأعمال مزيجًا من الواقع والخيال، حيث يعبر عن مشاعره من خلال شخصياته المأساوية والمختلة عاطفيًا.
من الممكن أن تكون هناك رسائل غير مباشرة لزوجته في بعض من هذه الأعمال، لكن لا يوجد دليل قاطع على ذلك. ربما كانت أعماله انعكاسًا لحياته الشخصية المعقدة وحجم الضغوط التي كان يتعرض لها في حياته.
8. الميراث والتأثير
في 1616، توفي وليم شكسبير في ستراتفورد، وفي وصيته، ذكر زوجته آن هاثاواي. ورغم أن هذه الوصية لم تُظهر الكثير من العواطف الصادقة أو العاطفية تجاهها، فإنها كانت تشير إلى استقرار العلاقة بينهما. كانت آن هاثاواي قد توفيت بعد زوجها بست سنوات في 1623. بعد وفاتها، انتقلت مزرعة هاثاواي إلى أبنائها، لكن شبح العلاقة بينهما ظل حاضراً في الثقافة الأدبية إلى يومنا هذا.
لقد ظلت حياة وليم شكسبير وزوجته آن هاثاواي موضوعًا للعديد من الأدبيات والأبحاث التي تستكشف التفاصيل الغامضة لحياتهما، ويبقى ارتباطهما جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الأدب الإنجليزي.
الختام
رغم أن العلاقة بين وليم شكسبير وزوجته آن هاثاواي تظل موضوعًا مليئًا بالغموض، إلا أن هذه العلاقة، مهما كانت تفاصيلها الشخصية، أثرت بلا شك على مسيرة شكسبير الأدبية. يُمكن القول إن هذا الزواج كان جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي الذي عاش فيه هذا الكاتب العظيم، وهو يعكس واقع تلك الفترة الزمنية. كما أن تاريخ حياتهما المشترك يستمر في الإلهام للكثير من الأدباء والباحثين الذين يسعون لفهم كل جوانب شخصية شكسبير المعقدة.
