طريقة الغسل للميت في الإسلام

كيفية الغسل للميت: طقوس ومراحل الغسل في الإسلام

الغسل للميت هو أحد الطقوس الهامة في الإسلام التي يجب على المسلمين الالتزام بها بعد وفاة شخص، وذلك تكريماً لروحه وتطهيرا لجسده. يعد الغسل من الشعائر التي تتسم بالقدسية، ويتطلب الالتزام بعدد من الخطوات التي وردت في السنة النبوية المطهرة. سنستعرض في هذا المقال كيفية الغسل للميت بشكل دقيق ومرتب، مع توضيح كافة التفاصيل المتعلقة بمراحل هذا الفعل، من حيث الأدوات المستخدمة، وطريقة الغسل، وأهمية الطهارة، وأسبابها، فضلاً عن التأكيد على المبادئ الشرعية المرتبطة بهذه العملية.

1. أهمية الغسل للميت في الإسلام

الغسل للميت ليس مجرد طقوس، بل هو تعبير عن احترام الجسد وتكريم المتوفى، ويعد من حقوق الميت على أهله. في الإسلام، يعتبر الغسل من السنن المؤكدة التي يجب أن يتم تنفيذها بحذر وبالطريقة الصحيحة وفقاً لما ورد في الكتاب والسنة. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “غسّلوا موتاكم” (رواه البخاري).

يهدف الغسل إلى تطهير جسد الميت من النجاسات والتخلص من أي شوائب قد تكون عليه، كما يعكس صورة من صور الرحمة والاحترام تجاه النفس البشرية.

2. الشروط اللازمة للغسل

قبل البدء في غسل الميت، يجب أن تتوافر بعض الشروط التي تضمن صحة الغسل واتباعه بالطريقة الصحيحة:

• النية: يجب على من يقوم بالغسل أن تكون نيته خالصة لله سبحانه وتعالى، وذلك من باب احترام الميت وتنفيذ العمل بشكل صحيح.

• الطهارة: يجب على المغسل أن يكون طاهراً في جسده وملابسه، فلا يجوز أن يقوم بالغسل من غير طهارة.

• الاختصاص: يفضل أن يتم غسل الميت من قبل أفراد يعرفون كيفية تنفيذ هذه العملية وفقاً للأحكام الشرعية، ويمكن أن يكون مغسل الميت من الرجال إذا كان المتوفى رجلاً، ومن النساء إذا كانت المتوفاة امرأة.

3. الأدوات اللازمة للغسل

هناك بعض الأدوات الضرورية التي يجب أن تتوافر أثناء عملية الغسل:

• ماء: يُفضل استخدام ماء طاهر ونظيف. يمكن استخدام الماء الدافئ إذا كان الميت قد توفي في ظروف باردة، ولكن ينبغي الحذر من أن يكون الماء غير حار جداً.

• سدر أو صابون: يستخدم السدر (أو الصابون) لتنظيف الجسم، حيث يُعتبر السدر من الأمور المحببة في غسل الميت لأنه يطهر الجسد ويعطيه رائحة طيبة.

• قماش (أو فوطة): يُستخدم لتغطية عورة الميت، وذلك للحفاظ على ستر الميت أثناء عملية الغسل.

• حُنوط: وهو طيب يوضع على جسد الميت بعد الانتهاء من عملية الغسل.

4. مراحل غسل الميت

الغسل للميت يتم عبر مجموعة من الخطوات التي يجب أن تتم وفقاً لتوجيهات الشريعة الإسلامية. المراحل الأساسية هي:

المرحلة الأولى: الاستعداد والتجهيز

قبل أن تبدأ عملية الغسل، يتم تجهيز الميت وذلك بوضعه على طاولة الغسل في وضع مستوٍ، بحيث يكون الجسد مغطى بالكامل. يُحرص على أن لا يظهر عورة الميت أثناء عملية الغسل، لذلك يتم استخدام القماش لتغطية هذه المنطقة.

المرحلة الثانية: الوضوء للميت

يُسن في بداية عملية الغسل أن يتم وضوء الميت إذا لم يكن قد توفى وهو على وضوء. يتم وضوء الميت بشكل مماثل لما يُفعل مع الأحياء، بحيث يتم غسل اليدين، والفم، والأنف، والوجه، والذراعين، والمسح على الرأس، وغسل القدمين. يُستحب أيضاً أن يتم غسل الميت بطريقة مشابهة لما يفعله المسلم عند الوضوء، ولكن دون أن يتم مسح القدمين إذا كان المغسل يضعه في ماء دافئ.

المرحلة الثالثة: غسل الجسد

يبدأ غسل جسد الميت بترتيب دقيق ومنظم. تبدأ عادة بغسل الجهة اليمنى من الجسد، ثم الجهة اليسرى. يتم غسل كل جزء من الجسم بدءًا من الرأس والعنق، ثم الصدر، والبطن، والأطراف السفلية، وصولاً إلى القدمين.

يتم الغسل باستخدام الماء والصابون (أو السدر)، حيث يُفرك الجسم برفق وبالترتيب المعتاد، مع الانتباه إلى عدم الإسراف في المياه. في حال كان الجسم متسخاً أو عليه أثر من الأمراض أو الجروح، يتم استخدام مواد طبية خاصة لتنظيف هذه المناطق.

المرحلة الرابعة: التعطير والتطيب

بعد إتمام الغسل، يُسن أن يتم تعفير الجسم بالحنوط. الحنوط هو عبارة عن طيب يُشتم منه رائحة طيبة، ويُوضع عادة على أجزاء الجسم مثل الجبين، واليدين، والقدمين، وعلى كل مكان من الجسد.

يُفضل أن يتم وضع الحنوط بعد الانتهاء من الغسل، حيث يُسهم ذلك في إضفاء طابع من الطهارة والرائحة الطيبة على الميت، وهي من الأمور التي تساعد في تكريم الشخص المتوفى.

المرحلة الخامسة: اللفّ

بعد الغسل والتطيب، يتم لف جسد الميت في الكفن. يُفضل أن يكون الكفن أبيضاً ونظيفاً، ويُلف به الجسم بالكامل، بحيث يكون الجسد مغطى تماماً، ولا يظهر أي جزء منه.

يجب أن يتم لف الكفن بثلاث لفات بحيث يكون الكفن على الجهة الأمامية والخلفية، مع الحرص على تجنب استخدام مواد ثقيلة قد تؤدي إلى تحميل الجسم وزنًا غير مناسب.

5. أحكام أخرى متعلقة بالغسل

• الغسل للمبتلين (المرضى أو المصابين): يُستحب في حال كان الميت مصاباً بأمراض جلدية أو جروح أن يتم العناية بهذه المناطق عند الغسل، مع الحرص على تطهيرها بالطريقة المناسبة.

• الاغتسال في حالات الطوارئ: إذا لم يكن هناك من يتمكن من غسل الميت بسبب ظروف طارئة، يمكن تيممه باستخدام التراب، وذلك وفقاً للأحكام الشرعية.

6. الغسل في حالة الوفاة المفاجئة أو الحوادث

في حالات الوفاة المفاجئة، مثل الحوادث أو الغرق، يكون جسد الميت في بعض الأحيان في حالة من الإعياء أو التلف. في هذه الحالة، يجب على المغسل أن يحرص على غسل الأجزاء القابلة للغسل بعناية، وإذا كانت هناك آثار للتلف على الجسد، يتم التعامل معها وفقاً لما يوافق الشريعة الإسلامية.

7. مقاصد الغسل وأهدافه

الغسل للميت هو عملية تطهير جسده احترامًا له وتكريماً لروحه، كما يعكس الرغبة في أن يتم الميت في حالة من النقاء والطهارة. إضافة إلى ذلك، يساعد الغسل على تعزيز مشاعر الرحمة والرغبة في الالتزام بالمبادئ الدينية والتقوى، ويوفر وسيلة للتخلص من أي شوائب قد تكون ملتصقة بالجسد.