هل التسبيح يرد القدر ابن عثيمين؟

في فهم العلاقة بين الدعاء والقدر، أشار الشيخ ابن عثيمين إلى أن الدعاء له دور كبير في تأثير الأمور وتغييرها بمشيئة الله. يروي الشيخ أنه إذا دعا المريض بالشفاء، فإن ذلك يمكن أن يكون سببًا في شفائه، وهذا يظهر كأن الدعاء يرد القضاء. ولكن عند التأمل العميق، نجد أن القضاء والقدر يتجلى من خلال الدعاء نفسه.

فعلى سبيل المثال، إذا كتب الله تعالى في القدر أن المريض سيشفى بسبب دعاءه، فإن الدعاء يكون السبب الذي يحصل به الشفاء. لكن في النهاية، الشفاء ليس بسبب الدعاء وحده، بل هو بسبب قدر الله الذي كتب في الأزل. لذلك، يمكننا القول بأن الدعاء لا يرد القضاء، بل يعكس إرادة الله المكتوبة في الأزل.

هذا يظهر لنا أهمية الدعاء كسبب ظاهري يربطنا بقضاء الله، حيث يعتبر الدعاء الوسيلة التي يستخدمها الإنسان للتواصل مع الله والتأثير في تنفيذ قضاءه. ومن هنا، ندرك أن كل شيء في هذا الكون مقرون بسبب وقضاء، وأن الله قد جعل الأسباب والوسائل سبلًا يحدث بها مشيئته المكتوبة في الأزل.

إذاً، يمكننا أن نقول بأن الدعاء يلعب دورًا هامًا في تحقيق القضاء، وهو سبب مرتبط بقضاء الله بطريقة لا ترده، بل تعكس إرادته وقدره المحتوى في الأزل.

الدعاء و القدر

الشيخ ابن عثيمين يوضح في حواره مع الطالب أن الدعاء قد يؤثر على بعض القضايا التي لم يكن مكتوبًا عنها مسبقًا في علم الله، وهذا يعتمد على سياق الأمر وطبيعته. فمثلاً، إذا كانت الأمور قد قدرت بناءً على أسباب، فإن الدعاء قد يؤثر في تغيير هذه الأمور.

يقدم الشيخ مثالًا عندما يقول للطالب أن الله قد قدر حدثًا معينًا على أسباب، ولكن بلطفه يمكن أن يمنع هذا الحدث من أن يكون شنيعًا أو من يؤدي إلى موت الشخص. هذا يعني أن قدر الله يظل قائمًا، ولكن يظهر تأثير الدعاء في إدارة طريق تنفيذ هذا القدر بشكل يلين العواقب أو يغيرها للأفضل.

فيما يتعلق بالتسبيح، فإن الشيخ يشير إلى أن الآية الواردة في سورة الصافات:

 فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:143-144]

تشير إلى أن التسبيح يمكن أن يكون سببًا في نجاة الإنسان من بعض الأمور المحددة، حيث يعرض الشيخ هذا النوع من التسبيح كسبب للنجاة.

باختصار، يقدم الشيخ ابن عثيمين رؤية تفسيرية للعلاقة بين القدر والدعاء والتسبيح، حيث يشير إلى أن الدعاء قد يؤثر في تغيير بعض الأمور المحددة التي لم يكن مكتوبًا عنها مسبقًا في القدر، بينما التسبيح يمكن أن يكون سببًا في نجاة الإنسان من بعض الأمور.