نصائح لتقديم منتورنغ ناجح من خلال أسلوب العمل الهجين
شهد العالم تغيرات جذرية في طرق العمل والتعليم في السنوات الأخيرة، وكان التحول نحو العمل الهجين أحد أبرز هذه التغيرات. بعد ظهور جائحة كوفيد-19، أصبح العمل عن بُعد جزءًا لا يتجزأ من العديد من بيئات العمل، لكن مع العودة التدريجية إلى المكاتب، بدأت العديد من الشركات في تبني أسلوب العمل الهجين الذي يجمع بين العمل عن بُعد والعمل من المكتب. هذا التوجه أثر بشكل كبير على طرق التواصل والتعاون بين الأفراد داخل الشركات، بما في ذلك عملية تقديم المنتورنغ (التوجيه والإرشاد).
ما هو المنتورنغ؟
المنتورنغ هو عملية توجيه وتوجيه الأفراد، حيث يعمل الشخص ذو الخبرة (المرشد أو المنتور) على مساعدة الشخص الأقل خبرة (المتدرب أو الموجه) من خلال تقديم النصائح والدعم والتوجيه المهني. يعد المنتورنغ من الأدوات الفعالة في تطوير المهارات الشخصية والمهنية، ويساهم في تعزيز المعرفة وتعميق الفهم للبيئة المهنية.
ومع تحول بيئات العمل إلى بيئات هجينة، أصبحت مهمة تقديم المنتورنغ أكثر تحديًا، لكنها في الوقت ذاته تتيح الفرص لتطبيق أساليب جديدة ومبتكرة. في هذا المقال، سنستعرض النصائح الأساسية التي يمكن اتباعها لتقديم منتورنغ ناجح في بيئة العمل الهجين، وكيف يمكن للمرشدين والمنتورين الاستفادة من هذه الأساليب لضمان فعالية أكبر في العملية.
1. المرونة في التواصل
في بيئة العمل الهجين، يتواجد الأفراد في مواقع مختلفة، وقد يكون لديهم أوقات عمل متفاوتة. ولذلك، يعتبر التواصل الفعّال عن بُعد أحد التحديات التي يجب معالجتها بشكل صحيح. لكي يكون المنتورنغ ناجحًا، يجب على المرشدين أن يكونوا مرنين في طرق التواصل مع المتدربين.
يمكن استخدام أدوات التعاون الرقمية مثل منصات الاجتماعات الافتراضية (مثل Zoom، Microsoft Teams، أو Google Meet) بشكل منتظم لضمان التواصل المستمر. من المهم أن يتأكد المرشد من أن التوقيت والوسيلة التي يختارها للتواصل تتناسب مع الموجه، حتى يشعر الأخير بالراحة والقدرة على الاستفادة القصوى من التوجيه.
2. تحديد الأهداف بوضوح
قبل بدء عملية المنتورنغ، يجب أن تكون هناك أهداف واضحة ومحددة من قبل المرشد والمتدرب. في بيئة العمل الهجين، حيث قد تتغير الجداول الزمنية والأولويات بشكل مستمر، يصبح من الضروري تحديد أهداف قصيرة المدى وواضحة يمكن قياس تقدم المتدرب فيها. يساعد تحديد الأهداف على إبقاء التركيز على النقاط المهمة ويتيح للمرشد توجيه المتدرب بشكل دقيق وفعّال.
ينبغي للمرشدين أن يتأكدوا من أن الأهداف التي تم تحديدها قابلة للتحقيق في إطار الزمان والمكان الهجين، وأنها تتماشى مع استراتيجية العمل والبيئة الرقمية المستخدمة.
3. استغلال التقنية لدعم التفاعل المستمر
في بيئة العمل الهجين، تعد التكنولوجيا عنصرًا أساسيًا لدعم التفاعل المستمر بين المرشد والمتدرب. يمكن للمرشدين استخدام تطبيقات إدارة المشاريع مثل Trello أو Asana لتتبع التقدم والمهام وتقديم ملاحظات فورية. كما يمكن استخدام المنصات الرقمية التي تتيح للموجهين والمتدربين التواصل بشكل غير رسمي ومستمر عبر الرسائل أو البريد الإلكتروني.
لا يقتصر دور التقنية على الاجتماعات الافتراضية فحسب، بل يجب أن تشمل أيضًا أدوات دعم التوجيه مثل الدورات التدريبية عبر الإنترنت والموارد الإلكترونية التي يمكن للمتدربين الرجوع إليها في أي وقت. تساهم هذه الأدوات في تحسين جودة المنتورنغ وتوفير مواد تعليمية تدعم النمو المهني للفرد.
4. تعزيز التفاعل الاجتماعي
إحدى أكبر تحديات العمل الهجين هي الحفاظ على الروابط الاجتماعية بين الأفراد. يعتبر بناء علاقة قوية بين المرشد والمتدرب أمرًا مهمًا لضمان نجاح المنتورنغ، لكن هذا قد يصبح أكثر صعوبة عندما يعمل الأفراد عن بُعد. لذلك، من الضروري توفير فرص للتفاعل الاجتماعي غير الرسمي بين الطرفين.
يمكن تنظيم اجتماعات غير رسمية عبر الإنترنت، مثل الاجتماعات الافتراضية الأسبوعية التي لا تركز فقط على التوجيه المهني بل تسمح أيضًا للمرشد والمتدرب بالتحدث عن مواضيع خارج نطاق العمل، مما يعزز العلاقة الإنسانية. كما يمكن تنظيم فعاليات اجتماعية عبر الإنترنت مثل جلسات نقاشية أو ورش عمل جماعية تشجع على التفاعل المباشر بين الأفراد.
5. التواصل العاطفي والإنساني
عندما يتواجد الموظفون في مواقع مختلفة، قد يكون من السهل أن يفقدوا شعورهم بالانتماء إلى الفريق أو يواجهوا صعوبة في التعبير عن مشاعرهم. لذلك، من المهم أن يهتم المرشد بالتواصل العاطفي مع المتدرب، والتأكد من أن الشخص يشعر بالدعم الكامل.
يجب أن يكون المرشد قادرًا على فهم مشاعر المتدرب واحتياجاته الشخصية والمهنية. من خلال إظهار الاهتمام الحقيقي والتفاعل الإنساني، يمكن للمرشد أن يساعد المتدرب على تجاوز التحديات والتطور بشكل مهني وشخصي.
6. تحفيز المستمر والتقدير
في بيئة العمل الهجين، حيث يواجه الموظفون تحديات بسبب تباين مواقع العمل، يصبح من الضروري تحفيز المتدربين بشكل مستمر وتقدير جهودهم. يحتاج المتدرب إلى التأكد من أن عمله يُلاحظ وأنه محل تقدير، حيث يمكن أن يشعر بالانعزال في بيئات العمل البعيدة.
ينبغي للمرشدين استخدام تقنيات مختلفة للتحفيز والتقدير، مثل إرسال رسائل تشجيعية، وتقديم ملاحظات إيجابية بخصوص التقدم المحرز، ومنح التقدير العلني في الاجتماعات أو على منصات التواصل الداخلي للشركة. التقدير والتحفيز لهما دور كبير في رفع معنويات المتدربين وزيادة التزامهم بتطوير أنفسهم.
7. الاستفادة من التنوع
العمل الهجين يمكن أن يجلب معه تنوعًا أكبر في الفرق، سواء من حيث الموقع الجغرافي أو الخلفيات الثقافية أو المهارات. يمكن استغلال هذا التنوع بشكل إيجابي في عملية المنتورنغ، حيث يمكن للمرشدين والمنتورين أن يقدّموا تجارب متنوعة تساعد المتدربين على التعرف على أساليب عمل مختلفة من بيئات متنوعة.
من خلال تشجيع التنوع، يمكن للمنتورنغ أن يصبح أكثر شمولية وثراءً، مما يساعد المتدربين على تطوير مهاراتهم بشكل أفضل وتحقيق النجاح في بيئات العمل المتنوعة.
8. المرونة في أساليب المنتورنغ
في بيئة العمل الهجين، لا يمكن للمرشدين اتباع أسلوب واحد ثابت لتقديم التوجيه. يجب أن يكون لديهم القدرة على التكيف مع الظروف المختلفة للمتدربين. يمكن أن يختلف أسلوب المنتورنغ باختلاف حاجات كل فرد، وبالتالي يجب على المرشدين أن يكونوا مرنين في الأسلوب الذي يتبعونه.
يمكن أن يتضمن المنتورنغ في بيئة العمل الهجين مزيجًا من الجلسات الفردية، الجلسات الجماعية، والموارد الإلكترونية المساعدة. كما يمكن أن تتنوع الأساليب بين النقاشات الحية، المهام المكتوبة، والمراجعات الدورية.
9. التقييم المستمر والتكيف
من أجل ضمان نجاح المنتورنغ، يجب أن يتم التقييم المستمر والتكيف مع المتغيرات التي قد تطرأ على بيئة العمل الهجين. يجب أن يقوم المرشد بمتابعة تقدم المتدرب بشكل دوري وتقييم مدى تحقيقه للأهداف المحددة. يعتمد التقييم على ملاحظات عملية وعملية ويجب أن يكون مرنًا لتعديل الأهداف والاستراتيجيات إذا لزم الأمر.
التقييم المستمر لا يقتصر فقط على تقييم الأداء، بل يشمل أيضًا تقييم طريقة التواصل وأساليب المنتورنغ المتبعة، مع ضرورة إدخال التعديلات التي قد تكون ضرورية لتحسين النتائج.
10. الاستمرارية والالتزام
أحد العناصر الرئيسية لنجاح المنتورنغ في بيئة العمل الهجين هو الاستمرارية. من خلال الحفاظ على التفاعل المنتظم مع المتدربين، يمكن للمرشدين ضمان استمرار التوجيه والتطوير المهني. تعد الاستمرارية في المتابعة والمراجعة جزءًا لا يتجزأ من نجاح المنتورنغ، خاصة في بيئات العمل الهجينة التي قد تخلق تحديات إضافية فيما يتعلق بالموقع والوقت.
الالتزام من جانب المرشد والمتدرب على حد سواء يعد أمرًا حيويًا لتحقيق نتائج فعالة. يجب أن يكون الطرفان ملتزمين بتحقيق الأهداف المحددة وتحقيق التطور المستمر.
الخلاصة
إن نجاح المنتورنغ في بيئة العمل الهجين يعتمد بشكل كبير على التواصل الفعّال، والتكيف مع احتياجات المتدربين، واستخدام التكنولوجيا بشكل مبتكر. من خلال توفير بيئة مرنة، تفاعلية، وشاملة، يمكن للمرشدين أن يساعدوا المتدربين على تحقيق أقصى استفادة من هذه التجربة، مما يسهم في تعزيز الأداء الفردي والجماعي داخل بيئات العمل الحديثة.
