هشاشة العظام: الأسباب والعلاج

هشاشة العظام.. شبح يجتاح العالم

تعتبر هشاشة العظام من بين أكثر الأمراض انتشارًا على مستوى العالم، حيث تُصنف كواحدة من أكثر الأسباب المؤدية إلى الإعاقة في كبار السن، خاصة في الفئات العمرية التي تتجاوز الستين عامًا. يُعرف هذا المرض بالانخفاض في كثافة العظام، مما يؤدي إلى ضعفها وجعلها عرضة للكسر بسهولة. وللأسف، يعتبر هذا المرض غير مرئي في مراحله الأولى، حيث لا يُظهر أي أعراض واضحة حتى وقوع الكسر، مما يضاعف من خطورته.

ما هي هشاشة العظام؟

هشاشة العظام هي حالة طبية تحدث عندما تصبح العظام ضعيفة وهشة نتيجة لفقدان كثافة العظام، ما يجعلها عرضة للكسر بسهولة. العظام الطبيعية تكون قوية وكثيفة، لكن في حالة هشاشة العظام، تفقد العظام مكوناتها المعدنية بشكل تدريجي، مما يقلل من صلابتها.

تُعد هشاشة العظام “المرض الصامت” لأنها غالبًا ما لا تسبب أعراضًا واضحة حتى يتعرض الشخص لكسر في العظم. وعادةً ما تحدث الكسور في مناطق مثل العمود الفقري، الرسغ، والفخذ، وهي المناطق الأكثر تأثرًا.

أسباب هشاشة العظام

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بهشاشة العظام، ومنها ما هو وراثي، بيئي، أو متعلق بنمط الحياة. إليك أبرز هذه الأسباب:

1. التغيرات العمرية:
   مع التقدم في العمر، تتباطأ عملية بناء العظام ويزيد معدل فقدانها، مما يساهم في هشاشتها. هذه العملية تكون أكثر وضوحًا في النساء بعد انقطاع الطمث بسبب التغيرات الهرمونية المرتبطة بانخفاض مستويات الإستروجين.

2. الوراثة:
   تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في تحديد احتمالية الإصابة بالمرض. إذا كان أحد أفراد الأسرة قد عانى من هشاشة العظام أو الكسور المرتبطة بها، فإن الشخص يكون أكثر عرضة للإصابة بالمرض.

3. النظام الغذائي:
   نقص العناصر الغذائية الأساسية مثل الكالسيوم وفيتامين د يمكن أن يؤدي إلى ضعف العظام. الكالسيوم يعتبر المكون الرئيسي للعظام، بينما يساعد فيتامين د في امتصاص الكالسيوم.

4. قلة النشاط البدني:
   نمط الحياة الذي يفتقر إلى النشاط البدني يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام. التمارين التي تحمل الوزن، مثل المشي، الجري، ورفع الأثقال، تعزز من كثافة العظام وتقويها.

5. التدخين:
   التدخين يساهم في تقليل كثافة العظام، كما أنه يضعف قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم.

6. استهلاك الكحول المفرط:
   يؤدي تناول الكحول بكميات كبيرة إلى تقليل قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم، مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

7. الأدوية:
   بعض الأدوية، مثل الكورتيكوستيرويدات التي تستخدم لعلاج التهاب المفاصل أو الأمراض المناعية، يمكن أن تساهم في زيادة فقدان العظام.

الأعراض والعلامات

نظرًا لأن هشاشة العظام غالبًا ما تكون بدون أعراض في مراحلها المبكرة، فإن الأشخاص المصابين قد لا يدركون أنهم يعانون من المرض حتى يصابوا بكسر عظام. مع تقدم المرض، قد تظهر بعض العلامات مثل:

• الألم في الظهر: قد يشعر المرضى بألم في الظهر بسبب كسور في العمود الفقري.

• الانخفاض في الطول: قد يحدث انخفاض ملحوظ في الطول بسبب الكسور التي تؤثر على فقرات العمود الفقري.

• التشوهات الجسدية: قد تظهر تقوسات أو تغيرات غير طبيعية في وضعية الجسم نتيجة لكسور في الفقرات.

الوقاية من هشاشة العظام

الوقاية من هشاشة العظام تبدأ من مرحلة الشباب، وهي تتطلب الالتزام بنظام غذائي صحي ونمط حياة نشط. إليك بعض الطرق الفعالة للوقاية من هشاشة العظام:

1. الحفاظ على نظام غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين د:
   تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل الحليب، الزبادي، الجبن، والخضروات الورقية الداكنة، وكذلك تناول الأطعمة الغنية بفيتامين د مثل الأسماك الدهنية وبيض الدجاج. يمكن أيضًا الحصول على فيتامين د من خلال التعرض لأشعة الشمس.

2. ممارسة التمارين الرياضية:
   التمارين التي تحمل الوزن، مثل المشي، الجري، ورفع الأثقال، هي الأفضل لتعزيز قوة العظام. أيضًا، التمارين التي تساعد في تحسين التوازن، مثل اليوغا أو التاي تشي، تساعد في تقليل خطر السقوط.

3. الإقلاع عن التدخين:
   يجب الإقلاع عن التدخين لأنه يضعف العظام ويقلل من قدرتها على الشفاء.

4. تجنب الإفراط في تناول الكحول:
   التقليل من تناول الكحول يقلل من خطر ضعف العظام.

5. الاستشارة الطبية:
   من المهم استشارة الطبيب بشأن أي أدوية قد تؤثر على صحة العظام، وكذلك الخضوع لفحوصات دورية خاصة في الفئات العمرية المعرضة للخطر.

التشخيص

تشخيص هشاشة العظام يتم عن طريق اختبارات طبية معينة، أبرزها اختبار كثافة العظام، الذي يُعرف أيضًا بـ DEXA Scan (Dual-energy X-ray absorptiometry). يساعد هذا الفحص في قياس كثافة العظام وتحديد مدى هشاشتها. يتم استخدامه للكشف عن المرض قبل حدوث الكسور، مما يساهم في الوقاية والعلاج المبكر.

علاج هشاشة العظام

علاج هشاشة العظام يعتمد على شدة المرض وحالة المريض الصحية. يتضمن العلاج عادة ما يلي:

1. الأدوية:
   هناك مجموعة من الأدوية التي تهدف إلى زيادة كثافة العظام أو تقليل معدل فقدانها. تشمل هذه الأدوية:

   • البايفوسفونيتات: مثل الأليندرونات والرايستات.

   • المواد المفرزة للهرمونات: مثل الهرمونات البديلة أو حبوب كالسيتونين.

   • الأدوية التي تعزز بناء العظام: مثل الأدوية التي تحفز الخلايا العظمية على بناء العظام.

2. التغذية المكملات:
   يوصي الأطباء بتناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د إذا كانت مستوياتهما منخفضة في الجسم.

3. العلاج الطبيعي:
   يمكن للعلاج الطبيعي أن يساعد في تقوية العضلات وزيادة التوازن، مما يقلل من خطر السقوط والكسور.

4. الجراحة:
   في الحالات الشديدة، قد يتطلب الأمر تدخلًا جراحيًا لإصلاح الكسور أو لتحسين حالة العظام.

التوجهات المستقبلية في علاج هشاشة العظام

تتسارع الأبحاث في مجال علاج هشاشة العظام، وهناك العديد من الدراسات الواعدة التي تركز على تطوير أدوية جديدة وعلاجات مبتكرة. من بين هذه التوجهات:

• العلاج الجيني: الذي يسعى لتحفيز الخلايا العظمية على النمو بشكل طبيعي.

• العلاج بالخلايا الجذعية: الذي قد يساعد في استعادة نمو العظام وتجديدها.

خاتمة

هشاشة العظام هي مرض صامت ولكنه قاتل، يهدد حياة ملايين الأشخاص حول العالم. ولحسن الحظ، يمكن الوقاية منه وعلاجه بفعالية إذا تم الكشف عنه في مراحله المبكرة واتباع أساليب الوقاية والعلاج المناسبة. من خلال الوعي، والتغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم، يمكننا تقليل مخاطر الإصابة بهذا المرض الخطير، وبالتالي الحفاظ على صحة العظام لأطول فترة ممكنة.