نجاة جوليان كويبكه في بيرو

في يوم 24 ديسمبر عام 1971، كانت السماء فوق بورتو إنكا في هوانوكو، بيرو مظلمة ومخيفة، حيث تعرضت طائرة من طراز لوكهيد 188A إليكترا تابعة لشركة الطيران الوطنية البيروفية (لايناس أيرياس ناسيوناليس) لحادث مروع. كانت الطائرة تقوم برحلة من ليما إلى بوكالبا، وكانت تحمل على متنها 92 راكبًا وطاقمًا، لكن مصيرها كان مأساويًا.

عند الساعة 12:36 بتوقيت المحلي، وبينما كانت الطائرة في طريقها، دخلت منطقة من العواصف الرعدية والتقلبات الجوية العنيفة. وفي هذا السياق، تعرضت الطائرة لصاعقة رعدية قوية أثارت حريقًا تسبب في انفصال الجناح الأيمن وجزء من الجناح الأيسر. ونتيجة لهذا الحادث الفظيع، تحطمت الطائرة في منطقة جبلية بالغابات الاستوائية.

لكن في هذا الوقت الصعب، وبين الدمار والخراب، نجحت شابة ألمانية في البقاء على قيد الحياة. جوليان كويبكه، في سن المراهقة، كانت راكبة على متن الطائرة، وعلى الرغم من الكارثة، نجت من الموت. بعد أن فقدت الوعي لفترة غير معلومة، استعادت وعيها لتجد نفسها محاصرة في مقعدها، وكسرت كتفها. كانت محاصرة في عالم الجحيم، لا تعلم مصير والدتها، ماريا كويبكه، عالمة الطيور البيروفية البارزة التي فارقت الحياة في الحادث.

بعد أن أستعادت وعيها، بدأت جوليان في رحلة صعبة للبحث عن النجاة والبقاء. تمكنت من العثور على جدول مائي، ومن هنا بدأت محنتها. لمدة تسعة أيام متواصلة، وهي تتقدم عبر المياه العميقة وتحارب غزو الحشرات والدود، وصلت في النهاية إلى قارب ومأوى، وانتظرت هناك. وبعد ساعات، عاد رجال الحطب المحليون ووجدوها. حاولوا إقناعها بتناول الطعام، لكنها كانت مريضة للغاية ورفضت. كانت الحشرات قد دفنت بيوضها في جلدها وبدأت في التفقيس. سكب أحد الرجال البنزين عليها، وكما صرحت لصحيفة ديلي ميل اللندنية: “عدت 35 دودة خرجت من ذراعي وحدها”. قدم الرجال ما يمكنهم تقديمه من مساعدة، لكن كان قد فات الوقت في ذلك اليوم لبدء الرحلة العودة إلى الحضارة؛ نامت ليلة أخرى في الغابة قبل أن يأخذها الرجال في رحلة نهائية لمدة سبع ساعات عبر القارب في أسفل النهر إلى محطة للحطب حيث تم نقلها جوًا إلى المستشفى.

هذه القصة لا تروي فقط قصة نجاة شخص من الكارثة، بل تروي قصة إصرار وبقاء في وجه الصعاب القاسية. إنها قصة جوليان كويبكه التي حلقت في سماء المعجزات، وبقيت عبر عتمة الليل حتى وجدت ضوء النجاة.