تهيئة الطفل لاستقبال أخ جديد

تهيئة الطفل لاستقبال أخ جديد

يعتبر قدوم طفل جديد إلى العائلة من الأحداث السعيدة التي ينتظرها جميع أفراد الأسرة، وخاصةً الطفل الأول. لكن، قد يسبب هذا التغيير في بيئة الأسرة بعض التحديات للطفل الأكبر، حيث يجد نفسه في مواجهة مع واقع جديد يتطلب التأقلم مع وجود شخص آخر في دائرة الاهتمام. وبالتالي، فإن تهيئة الطفل لاستقبال أخ جديد هي عملية هامة تتطلب الكثير من التفاهم والصبر من الوالدين. في هذا المقال، سوف نتناول الطرق الفعّالة التي تساعد الوالدين في تهيئة طفلهم الأكبر بشكل نفسي وعاطفي لاستقبال أخيه الجديد.

1. التحضير المسبق:

التحضير المسبق هو عنصر أساسي في تهيئة الطفل لاستقبال أخ جديد. من الضروري أن يبدأ الوالدان في الحديث مع الطفل عن قدوم الأخ الجديد قبل موعد الولادة بفترة مناسبة، بحيث يكون الطفل مستعدًا نفسياً لهذا التغيير الكبير. يمكن أن يتم التحضير باستخدام الأساليب التالية:

• الحديث بلغة مبسطة: من الأفضل استخدام لغة بسيطة وسهلة يمكن للطفل أن يفهمها بناءً على سنه. مثلاً، يمكن أن تقول الأم: “سوف يأتي أخ جديد، وسوف نكون جميعاً سعداء لرؤيته”. هذا يساعد الطفل على تكوين صورة مبدئية عن المولود الجديد.

• قراءة القصص: هناك العديد من الكتب المخصصة للأطفال والتي تتناول موضوع الأخوة والقدوم الجديد. يمكن للأم أو الأب قراءة هذه القصص للطفل، مما يتيح له فرصة التفكير في الأمر بشكل مريح ويساعده على فهم ما سيحدث.

• زيارة المستشفى أو العيادة: إذا كان الطفل كبيراً بما يكفي، يمكن أن تقوم الأسرة بزيارة المستشفى أو العيادة حيث سيولد الطفل. من خلال هذه الزيارة، يمكن أن يرى الطفل البيئة التي سيحدث فيها التغيير، مما يقلل من أي مفاجآت قد يشعر بها في المستقبل.

2. الحديث عن التغييرات المستقبلية:

من المهم أن يعي الطفل التغييرات التي ستطرأ على حياته اليومية بمجرد أن يصبح له أخ جديد. قد يشعر الطفل بالحيرة أو القلق حيال تلك التغييرات، لذا من الضروري التحدث عنها بصراحة وبطريقة إيجابية:

• الروتين اليومي: يجب إخبار الطفل بأن هناك بعض التعديلات التي ستحدث في الروتين اليومي بسبب الأخ الجديد، مثل وقت النوم واللعب. لكن يجب توضيح أن هذه التغييرات ليست سلبية، بل ستكون فرصة لإظهار المحبة والاهتمام للمولود الجديد.

• المشاركة في العناية بالأخ الجديد: يمكن تحفيز الطفل ليشعر بالمسؤولية تجاه أخيه الجديد من خلال إطلاعه على مهام صغيرة يمكنه القيام بها، مثل حمل الحفاضات أو اختيار الملابس للطفل. هذا يساهم في جعل الطفل يشعر أنه جزء من التغيير وأنه يتمتع بدور إيجابي في العائلة.

3. تعزيز مشاعر الأمان والاهتمام:

قد يشعر الطفل الأول بالغيرة من المولود الجديد أو بالخوف من فقدان اهتمام الوالدين. لذلك من المهم تعزيز مشاعر الأمان والاهتمام لديه:

• الوقت الخاص مع الطفل: يجب على الوالدين تخصيص وقت يومي للطفل الأكبر، ليشعر بالحب والاهتمام. يمكن أن يكون هذا الوقت مشتركاً في الأنشطة التي يحبها الطفل مثل اللعب أو مشاهدة برنامج مفضل.

• مشاركة الأنشطة اليومية: يمكن للأب أو الأم قضاء وقت مع الطفل الأكبر في الأنشطة اليومية التي يحبها. هذا قد يشمل زيارة الأماكن المفضلة، أو لعب الألعاب المشتركة.

• تعزيز العلاقة الحميمة: يجب على الوالدين أن يحرصوا على أن يشعر الطفل الأول بالاهتمام العاطفي، وأنه لا يزال له مكانته الخاصة في الأسرة. من خلال الحوارات الودية، واللمسات الحانية، والابتسامات، يمكن للأم أو الأب التأكيد للطفل أنه ما زال محط اهتمامهم.

4. التمهيد لمشاعر الغيرة:

من الطبيعي أن يشعر الطفل الأكبر بالغيرة من المولود الجديد، خاصةً إذا كان قد عاش فترة طويلة باعتباره محور اهتمام والديه. لمواجهة هذا الشعور، يمكن اتخاذ بعض الخطوات التي تساعد الطفل على التعامل مع هذه المشاعر بشكل صحي:

• الاعتراف بمشاعر الطفل: يجب أن يتفهم الوالدان أن مشاعر الغيرة ليست أمراً غير طبيعي. بل، على العكس، هي مشاعر يمكن أن تكون جزءاً من التكيف مع الوضع الجديد. من المهم أن يعبر الوالدان عن تفهمهم لمشاعر الطفل من خلال الكلمات المشجعة والطمأنينة.

• عدم مقارنة الطفل بالمولود الجديد: من الأخطاء التي قد تقع فيها الأسرة هي مقارنة الطفل الأكبر بالأخ الجديد. يجب تجنب هذه المقارنات حتى لا يخلق الطفل شعوراً بالدونية. يجب تذكير الطفل بقدرته الخاصة وبالأشياء المميزة التي يمكنه القيام بها، والتي يظل المولود الجديد غير قادر على فعلها.

• مدح الطفل على تصرفاته الجيدة: يجب أن يتم التركيز على تصرفات الطفل الإيجابية، مثل مساعدته في العناية بالمولود الجديد أو استجابته لاحتياجات الأسرة. المدح يعزز من ثقة الطفل بنفسه ويقلل من مشاعر الغيرة.

5. تهيئة الطفل على الرعاية المشتركة:

يتعين على الطفل الأكبر أن يكون مستعداً لدور جديد في العائلة، وهو دور المساعد الذي يتشارك في العناية بالمولود الجديد. هذا يشمل:

• إطلاعه على كيفية العناية بالمولود: من الجيد أن يُعرّف الطفل على الأمور الأساسية التي يتم القيام بها مع المولود، مثل إطعامه أو تغيير الحفاضات. قد يُظهر الطفل اهتمامًا بهذه الأنشطة، مما يسهل عليه التكيف مع دوره الجديد.

• تشجيعه على المشاركة في الأنشطة اليومية: مثل ترتيب غرفة الطفل أو ترتيب أغراضه. المشاركة في هذه الأنشطة تجعله يشعر بالمسؤولية وتُشعره بأهمية دوره في الأسرة.

6. تقديم الحوافز والتشجيع الإيجابي:

يحتاج الطفل إلى تشجيع مستمر على التكيف مع الأخ الجديد، ويمكن استخدام الحوافز كأداة فعالة في تحفيز الطفل على التصرف بشكل إيجابي:

• الحوافز العاطفية: يمكن أن تشمل هذه الحوافز تقديم التقدير أو المديح للطفل عندما يشارك في العناية بالمولود. هذا يعزز من مفهوم المسؤولية عند الطفل ويجعله يشعر بفخر كبير.

• الحوافز المادية: في بعض الأحيان، يمكن تقديم هدية صغيرة للطفل الأكبر كعلامة تقدير على تقبله للأخ الجديد. هذه الهدايا قد تكون شيئًا بسيطًا كدبوس صغير أو لعبة مفضلة، ولكنها تعزز الشعور بالراحة والقبول.

7. توفير بيئة آمنة ومحفزة:

يجب أن يتأكد الوالدان من توفير بيئة منزلية تشجع الطفل على التأقلم مع الأخ الجديد. هذا يشمل:

• توفير مساحات شخصية للطفل: يفضل أن يكون للطفل الأكبر مكان خاص به، حيث يمكنه اللعب أو الاسترخاء بعيدًا عن الأخ الجديد إذا شعر بالحاجة لذلك.

• الأنشطة الترفيهية: يجب تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة التي يحبها، مثل اللعب مع الأصدقاء أو ممارسة الرياضة. الأنشطة المفضلة تساعد الطفل على التخفيف من مشاعر التوتر أو الغيرة.

8. التعامل مع التغيرات السلوكية:

قد يواجه الوالدان بعض التحديات السلوكية مع الطفل الأكبر بعد قدوم الأخ الجديد. قد يكون الطفل أكثر مزاجية أو يتصرف بشكل غير معتاد، مثل العودة إلى سلوكيات الطفولة المبكرة (مثل مص الإبهام أو تبول لا إرادي). من المهم أن يتعامل الوالدان مع هذه التغيرات بحذر وصبر:

• عدم المعاقبة: يجب تجنب معاقبة الطفل على تصرفاته السلبية أو على سلوكياته التي قد تكون نتيجة للمشاعر المختلطة التي يمر بها. بدلاً من ذلك، يجب تزويده بالحب والدعم.

• إيجاد حلول مناسبة: يمكن أن يساعد الوالدان الطفل في التعامل مع هذه التغيرات السلوكية من خلال تقديم نصائح حول كيفية التعبير عن مشاعره بشكل لائق.

9. التأكيد على مفهوم الحب غير المشروط:

أخيراً، من المهم التأكيد للطفل الأكبر على أنه محبوب وغير مهدد بمشاعر الإهمال. يجب على الوالدين أن يُظهروا للطفل حبهم غير المشروط، وأن الأخ الجديد هو مجرد إضافة للعائلة، وليس بديلاً عنه.

إن قدوم أخ جديد يعد مرحلة مهمة في حياة الأسرة، وإذا تمت تهيئة الطفل الأكبر بشكل صحيح، سيكون قادراً على التكيف مع الوضع الجديد بشكل إيجابي.