أسباب النقط البيضاء على الأظافر

سبب ظهور النقط البيضاء على الأظافر

يُعد ظهور النقط البيضاء على الأظافر من الظواهر الشائعة التي تثير قلق الكثيرين، خصوصاً عندما تتكرر أو تظهر على عدد من الأظافر في الوقت ذاته. هذه البقع البيضاء التي تُعرف طبيًا باسم “الوبش” أو “Leukonychia” ليست مرضًا بحد ذاتها في أغلب الحالات، بل قد تكون مؤشرًا أو عرضًا لمشكلة صحية خفيفة أو أحيانًا خطيرة، وتعتمد دلالتها على موقعها، عددها، وتكرار ظهورها، فضلاً عن الحالة الصحية العامة للفرد.

إن الأظافر تعكس العديد من التغيرات الداخلية في الجسم، ويُعد لونها، نعومتها، شكلها، وسرعة نموها مرآة لصحة الإنسان. من هنا، فإن أي تغير ظاهر فيها، كالنقط البيضاء، يجب ألا يُهمل بل يُفهم في سياقه الصحيح الطبي والغذائي والنفسي.

أولاً: التركيب الحيوي للأظافر ودوره في فهم ظهور النقط البيضاء

تتكون الأظافر من مادة الكيراتين، وهي بروتين قوي يصنعه الجسم بشكل طبيعي. تنمو الأظافر من منطقة تُعرف باسم “مصفوفة الظفر” الموجودة تحت الجلد عند قاعدة الظفر. أي خلل في هذه المنطقة أثناء تكوّن الظفر يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في بنيته، ومن هذه التغييرات تلك النقاط البيضاء الصغيرة التي تظهر في منتصف أو حواف الظفر.

يستغرق الظفر ما بين 4 إلى 6 أشهر للنمو الكامل، لذلك أي خلل حصل في مصفوفة الظفر سيظهر لاحقًا بعد أسابيع أو أشهر في شكل تغيرات مرئية على الظفر.

ثانيًا: الأسباب الشائعة لظهور النقط البيضاء على الأظافر

1. الرضوض والإصابات البسيطة

من أكثر الأسباب شيوعًا، وغالبًا لا يلاحظ الشخص أنه أصيب بأظفره لأن الرضّ قد يكون خفيفًا جدًا. الضربات التي تصيب مصفوفة الظفر، خصوصًا عند الأطفال والنساء الذين يستعملون أدوات التنظيف والطبخ، تؤدي إلى خلل مؤقت في نمو الخلايا الكيراتينية، مما ينتج عنه نقطة أو أكثر بيضاء تظهر لاحقًا.

2. نقص المعادن والفيتامينات

يُعد نقص الزنك والكالسيوم والحديد وفيتامين B6 وB12 من الأسباب الشائعة لظهور النقط البيضاء. في حالة سوء التغذية أو عدم تنوع النظام الغذائي، تصبح الأظافر أكثر عرضة للتغيرات اللونية والهشاشة.

3. الحساسية الجلدية والتلامسية

استخدام طلاء الأظافر أو مزيلات الطلاء الغنية بالأسيتون قد يؤدي إلى تهيج الظفر والبشرة المحيطة به، مما ينتج عنه ظهور بقع بيضاء بعد فترة. كذلك، قد تُسبب بعض أنواع الصابون أو المواد الكيميائية المنزلية التي تُستخدم دون قفازات هذه المشكلة.

4. الالتهابات الفطرية

بعض أنواع فطريات الأظافر تؤدي إلى تغير لون الظفر وظهور نقاط أو مناطق بيضاء غير منتظمة. في هذه الحالة، يصاحب البقع عادة زيادة في سُمك الظفر، أو تكسره، أو وجود رائحة غير محببة.

5. الأمراض الجلدية والمناعية

قد تظهر النقاط البيضاء كجزء من أعراض أمراض مزمنة، مثل:

• الصدفية Psoriasis

• الأكزيما المزمنة

• داء الثعلبة

• أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة

6. الآثار الجانبية للأدوية

بعض الأدوية الكيميائية، لا سيما العلاج الكيميائي للسرطان أو أدوية المضادات الحيوية القوية مثل التتراسيكلين، قد تُسبب تغيرات في لون الأظافر، من ضمنها ظهور بقع بيضاء.

ثالثًا: الأنواع المختلفة للبقع البيضاء على الأظافر

ليس كل بقعة بيضاء تظهر على الأظافر لها نفس السبب أو الطبيعة. يمكن تصنيفها إلى أنواع وفقًا لتوزيعها ومظهرها:

1. Leukonychia punctata
   
   وهي النقط البيضاء الصغيرة جداً، وغالبًا ما تكون ناتجة عن إصابات طفيفة.

2. Leukonychia striata
   
   خطوط بيضاء تمتد بشكل عرضي على الظفر، وتدل غالبًا على نقص غذائي أو اضطراب في إنتاج الكيراتين.

3. Leukonychia totalis
   
   وهي حالة نادرة يتحول فيها الظفر إلى اللون الأبيض بالكامل، وغالبًا ما تكون مرتبطة بأمراض الكبد أو الكلى أو اضطرابات وراثية.

4. Leukonychia partialis
   
   تظهر البقع على جزء فقط من الظفر، وتكون غالبًا لأسباب موضعية مثل الالتهاب أو الحساسية.

رابعًا: تشخيص سبب النقط البيضاء

للوصول إلى تشخيص دقيق، يقوم الطبيب المختص بالنظر إلى تاريخ المريض الكامل، ومراجعة النمط الغذائي، والأدوية المستخدمة، والعادات اليومية. في بعض الحالات، يتم طلب:

• تحاليل دم شاملة لتقييم مستويات المعادن والفيتامينات.

• اختبارات وظائف الكبد والكلى.

• خزعة من الظفر أو مزرعة فطرية في حال الشك بوجود عدوى.

• مراجعة التاريخ العائلي للكشف عن العوامل الوراثية.

خامسًا: كيفية الوقاية من ظهور النقط البيضاء

• اتباع نظام غذائي متوازن غني بالبروتينات والمعادن الأساسية.

• الابتعاد عن المنتجات الكيميائية الحادة أو استعمال قفازات أثناء تنظيف المنزل.

• الحفاظ على صحة الأظافر بقصها وتقليمها بانتظام دون إيذاء منطقة المصفوفة.

• تجنب استخدام طلاء الأظافر المجهول المصدر أو مزيلات الطلاء المحتوية على أسيتون بكميات عالية.

• استشارة الطبيب في حال تكرار ظهور هذه البقع دون سبب واضح، خصوصاً إن صاحبتها أعراض أخرى.

سادسًا: علاج النقط البيضاء على الأظافر

بما أن النقاط البيضاء ليست مرضًا بحد ذاته بل عرض، فإن العلاج يعتمد على السبب. وفيما يلي توضيح لأبرز أساليب العلاج:

سابعًا: الأظافر كمرآة للصحة العامة

تشير الأبحاث الطبية الحديثة إلى أن الأظافر يمكن أن تكون وسيلة للكشف المبكر عن عدد من المشكلات الصحية، مثل:

• مشاكل الدورة الدموية (حيث تترافق مع شحوب أو زرقة في الأظافر).

• أمراض الكبد والكلى (تغير لون الظفر كليًا أو جزئيًا).

• نقص البروتينات (حيث تكون الأظافر هشة ورقيقة).

• اضطرابات الغدة الدرقية (تؤدي إلى ضعف عام في نمو الأظافر).

من هذا المنطلق، يجب النظر إلى الأظافر بشكل جاد كأداة طبية تشخيصية، وليس فقط من باب الجمال أو النظافة الشخصية.

ثامنًا: العناية طويلة الأمد بالأظافر والوقاية من التغيرات

العناية المنتظمة بالأظافر ليست ترفاً، بل تدخل في إطار الحفاظ على صحة الجلد والجسم. فيما يلي أبرز الإرشادات:

• شرب كمية كافية من الماء يوميًا.

• تناول مصادر طبيعية للزنك مثل المكسرات، البيض، اللحوم.

• تضمين الخضراوات الورقية في النظام الغذائي.

• الحد من استخدام المناكير ومزيلاته.

• تقليل التوتر الذي قد يؤثر على نمو الأظافر عبر الهرمونات.

خاتمة

ظهور النقط البيضاء على الأظافر، وإن بدا بسيطًا أو عابرًا، إلا أنه قد يُخفي وراءه خللًا في النظام الغذائي، أو مؤشرًا على اضطراب داخلي في الجسم، أو حتى علامة على أمراض جلدية أو مناعية. لذلك فإن ملاحظتها وتحليل ظهورها بدقة يمثل خطوة مهمة في الحفاظ على الصحة العامة. الأظافر ليست مجرد جزء تجميلي من الجسد، بل هي سجل دقيق لحالته الحيوية، ويجب التعامل مع أي تغير فيها بجديّة ورؤية علمية واعية.

المراجع:

1. Mayo Clinic. Leukonychia causes and treatment.

2. American Academy of Dermatology (AAD). Nail abnormalities: Clues to systemic disease.