مهرجان سما أبها 2025

مهرجان سما أبها: احتفاءٌ بالثقافة والفنّ والسياحة في قلب عسير

تتجلّى المملكة العربية السعودية اليوم في ثوبٍ جديد يزهو بالألوان والتنوع، مع نهضة ثقافية وسياحية شاملة أعادت رسم هوية الوطن، واحتفت بمكنوناته الحضارية والتراثية. في هذا السياق، يبرز “مهرجان سما أبها” كواحد من أبرز الفعاليات التي تعبّر عن هذا التحول، حيث يجمع المهرجان بين جمال الطبيعة العسيرية وروح الإبداع الفني والمجتمعي، ليُشكل محطة متكاملة للترفيه والثقافة والسياحة المستدامة.

يقام مهرجان سما أبها سنوياً في مدينة أبها بمنطقة عسير، وهي من أبرز الوجهات السياحية في المملكة بفضل مناخها المعتدل وطبيعتها الجبلية الخلابة. يحمل المهرجان طابعًا شموليًا يجمع بين الأنشطة الفنية والتراثية والرياضية والموسيقية، مع مراعاة إشراك المجتمع المحلي، ودعم الصناعات الإبداعية، وتفعيل السياحة الداخلية والخارجية.

الأبعاد الثقافية لمهرجان سما أبها

يشكل المهرجان منصة لإبراز الهوية الثقافية لمنطقة عسير، بما تحمله من تنوع لغوي وفني وتراثي. يتم تقديم الفنون الشعبية المحلية مثل العرضة والرزفة والدمة، بالإضافة إلى فنون الخط العربي، والأزياء التراثية التي تُعرض من خلال معارض ومسابقات حيّة.

كما تُقام ورش عمل ثقافية متخصصة تشمل الحرف اليدوية، والنقش، والتطريز، وصناعة القهوة السعودية، حيث يشارك الحرفيون المحليون بعرض منتجاتهم وتسويقها، مما يدعم الاقتصاد المحلي ويعزز من مفهوم السياحة الثقافية.

الفعاليات الفنية والموسيقية

يتصدر المهرجان مشهد الفعاليات الموسيقية من خلال إقامة حفلات غنائية تُحييها نخبة من الفنانين السعوديين والعرب، في مسارح مفتوحة وسط الأجواء الجبلية الباردة، ما يضفي بُعدًا حسيًا فريدًا للتجربة الفنية.

كما يشهد المهرجان عروضًا سينمائية محلية تُعرض في الهواء الطلق، ومعارض للفن التشكيلي والتصوير الضوئي، إضافةً إلى برامج خاصة للفنون المسرحية والمواهب الأدائية. تُعد هذه الفعاليات أداة فعّالة لتعزيز التفاعل المجتمعي وبناء الذائقة الجمالية لدى الزوار.

الترفيه العائلي وتجربة الزوار

يراعي مهرجان سما أبها احتياجات جميع أفراد العائلة، حيث يوفر مجموعة من الأنشطة الترفيهية للأطفال، مثل المسارح التفاعلية، وورش الرسم والتلوين، والألعاب التعليمية، بالإضافة إلى عروض المهرجين وفرق الخيال الحي.

يضم المهرجان أيضًا “سوقًا شعبيًا” يستعرض المنتجات المحلية من ملبوسات، ومأكولات، وتوابل، وعطور تقليدية، مما يسمح للزوار بخوض تجربة حسية تشمل التذوق والاستكشاف والتفاعل مع الثقافة المحلية.

وفي منطقة المأكولات، تتنوع خيارات الطهي بين الأطعمة التقليدية العسيرية والعربية والمطابخ العالمية، ما يوفر بيئة متعددة الخيارات تُلبي أذواق الزوار من مختلف الخلفيات.

البُعد السياحي والبيئي للمهرجان

تم اختيار موقع مهرجان سما أبها بعناية ليتناغم مع البيئة الجبلية الخلابة التي تشتهر بها منطقة السودة ومنتزهات السحاب، حيث يُقام جزء كبير من الفعاليات في فضاءات طبيعية تسمح بربط الزائر بالمكان بيئيًا وحسياً.

يحرص القائمون على المهرجان على تعزيز مفاهيم الاستدامة البيئية من خلال استخدام المواد القابلة لإعادة التدوير، وتنظيم حملات توعوية حول أهمية الحفاظ على الطبيعة، وتوفير وسائل نقل صديقة للبيئة تقلل من الانبعاثات الكربونية.

الفعاليات الرياضية والمغامرات

تشمل فعاليات مهرجان سما أبها عروضًا وسباقات رياضية مميزة، منها رياضة المشي الجبلي، وركوب الدراجات في المسارات الوعرة، والماراثونات الخفيفة التي تُقام في بيئة صحية منظمة، مما يضفي على المهرجان بُعدًا رياضيًا يُشجّع على النشاط البدني والمغامرة.

كما تُقدّم فعاليات الطيران الشراعي من قمة جبال السودة، والتخييم في سفوح الجبال، وتسلق المرتفعات، وهي تجارب سياحية تندرج ضمن إطار “السياحة النشطة” التي أصبحت تلقى رواجًا كبيرًا بين الزوار المحليين والدوليين.

جدول الفعاليات المتنوع

من أبرز ما يميز مهرجان سما أبها هو تنوع الفعاليات اليومية التي تستهدف شرائح متعددة من الزوار. يُوضّح الجدول التالي نموذجًا لأنشطة المهرجان:

دعم الاقتصاد الإبداعي وتمكين الشباب

يتبنّى مهرجان سما أبها نهجًا استراتيجيًا يهدف إلى تمكين الشباب السعودي، من خلال إتاحة فرص العمل الموسمية، والتدريب، والمشاركة التطوعية. كما تُتاح للشركات الناشئة والأسر المنتجة المشاركة في السوق المصاحب للفعالية، مما يدعم الاقتصاد المحلي ويُعزز من مفاهيم ريادة الأعمال.

السياحة الداخلية والدولية

شهد مهرجان سما أبها تزايدًا ملحوظًا في أعداد الزوّار عامًا بعد عام، بفضل الحملة التسويقية النشطة التي تستهدف الجمهور المحلي والدولي. وتُسهم جودة البنية التحتية في أبها، من مطارات وفنادق ووسائل مواصلات، في جعل الوصول إلى المهرجان سهلًا ومريحًا للزوار.

كما يتم التعاون مع وكالات السفر لتقديم باقات سياحية تشمل حضور فعاليات المهرجان، والإقامة، والجولات السياحية، مما يجعل المهرجان جزءًا من تجربة سياحية متكاملة.

الأثر المجتمعي والثقافي للمهرجان

يُعد مهرجان سما أبها نموذجًا لنجاح الفعاليات التي تنطلق من المجتمع وتعود إليه. فالمهرجان لا يقتصر فقط على العروض والأنشطة، بل يرسّخ قيم التفاعل المجتمعي والانتماء الثقافي، ويُسهم في ترسيخ مكانة عسير كمركز ثقافي وفني دائم.

ويساهم هذا النوع من الفعاليات في بناء جيل أكثر وعيًا بثقافته، ويُعزز من مكانة الفنون والآداب كجزء من الهوية السعودية المتجددة، المتناغمة مع رؤية المملكة 2030.

الختام

يشكّل مهرجان سما أبها تجربة متكاملة تُجسد المفهوم الحقيقي للثقافة التفاعلية، وتجمع بين الترفيه والتعليم، الفن والرياضة، التراث والابتكار. ومع استمرار دعم الجهات الرسمية والمجتمعية، يُتوقّع أن يتحوّل المهرجان إلى إحدى العلامات البارزة في روزنامة الفعاليات السنوية بالمملكة، وأن يرسّخ موقعه كرمز من رموز السياحة الثقافية والترفيهية في الوطن.

المصادر:

• الهيئة العامة للترفيه

• موقع وزارة الثقافة السعودية