مكونات نظم المعلومات الجغرافية البيئية

مكونات نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية

نظم المعلومات الجغرافية (GIS) هي أنظمة حاسوبية تستخدم لجمع، معالجة، تحليل، وتفسير البيانات الجغرافية والبيئية. على الرغم من أن نظم المعلومات الجغرافية قد تُستخدم في مجموعة متنوعة من المجالات، فإن تركيز المقال الحالي سيكون على نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية، التي تُستخدم بشكل أساسي لتحليل البيئات الطبيعية، وتحديد الموارد، ورصد التغيرات في النظام البيئي. تضم نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية مجموعة من المكونات الأساسية التي تساهم في تفعيل استخداماتها في مختلف المجالات البيئية. سنتناول في هذا المقال بالتفصيل مكونات نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية، والتي تشمل العناصر المادية والتقنية والبشرية اللازمة لدعم وتحقيق الأهداف المتعلقة بدراسة البيئة الطبيعية.

1. البيانات الجغرافية

البيانات هي العنصر الأساسي في أي نظام معلومات جغرافية، ولذا فإن نوعية البيانات ودقتها تؤثر بشكل كبير على نجاح النظام في تحقيق أهدافه. تنقسم البيانات الجغرافية المستخدمة في نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية إلى نوعين رئيسيين:

• البيانات المكانية: وهي البيانات التي تتعلق بالموقع، مثل النقاط والخطوط والمساحات التي تمثل معالم الطبيعة مثل الأنهار، الجبال، الغابات، أو المناطق الحضرية. يمكن أن تكون هذه البيانات تمثيلية في شكل خرائط رقمية، أو طبقات في قاعدة بيانات نظم المعلومات الجغرافية.

• البيانات غير المكانية: وتشمل هذه البيانات المعلومات المرتبطة بالكائنات الجغرافية مثل خصائص التربة، التركيبة النباتية، أنواع الطقس، أو الأنواع الحيوانية. تساهم هذه البيانات في تعزيز التحليل البيئي عبر دمج الخصائص الطبيعية التي تتعلق بموقع الكائنات الجغرافية.

تتعدد مصادر البيانات الجغرافية في الأنظمة الجغرافية الطبيعية، مثل الأقمار الصناعية، الطائرات الموجهة، الأجهزة الميدانية التي تستخدم لتوثيق البيانات، أو السجلات الحكومية والخرائط التاريخية.

2. الأجهزة والبرمجيات

لكي تعمل نظم المعلومات الجغرافية بشكل فعال، يجب أن تتوافر مجموعة من الأجهزة والبرمجيات المتخصصة في معالجة وتحليل البيانات الجغرافية. تشمل هذه الأجهزة:

• الأجهزة الحاسوبية: التي تُستخدم لتخزين ومعالجة البيانات الجغرافية. عادة ما تتطلب هذه الأنظمة حواسيب ذات قدرة معالجة كبيرة وذاكرة عالية للتعامل مع كميات ضخمة من البيانات.

• الأجهزة الاستشعارية: مثل الأقمار الصناعية والطائرات الموجهة التي تجمع البيانات البيئية عبر التصوير الحراري أو البصري، أو عبر أجهزة القياس الجغرافية مثل GPS وLiDAR. هذه الأجهزة تلعب دوراً مهماً في جمع البيانات الدقيقة من مناطق يصعب الوصول إليها.

أما البرمجيات، فهي تعتبر الركيزة الأساسية في أي نظام معلومات جغرافية. هذه البرمجيات تتنوع حسب الهدف منها، ولكنها تشمل البرمجيات التي تدير، وتحلل، وتعرض البيانات. من أشهر البرمجيات التي تستخدم في نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية:

• ArcGIS: الذي يعد من أشهر برامج نظم المعلومات الجغرافية ويستخدم في تطبيقات عديدة من بينها البيئة والموارد الطبيعية.

• QGIS: وهو برنامج مفتوح المصدر يستخدم في تحليل البيانات الجغرافية وعرضها.

• ERDAS IMAGINE: برنامج متقدم يستخدم في معالجة الصور وتحليل البيانات المكانية.

3. الخرائط والنماذج

الخرائط هي أداة أساسية في نظم المعلومات الجغرافية، حيث إنها تمثل البيانات المكانية بطريقة مرئية. كما أن النماذج البيئية التي تُبنى على البيانات الجغرافية تلعب دوراً مهماً في تحليل الظواهر الطبيعية مثل تغيرات مناخية، توزيع المياه، أو تطور المناطق البيئية.

• الخرائط الطبوغرافية: تُستخدم بشكل رئيسي لتمثيل التضاريس الطبيعية مثل الجبال، الأنهار، والسواحل.

• الخرائط البيئية: تهتم بتحديد الموارد الطبيعية، واستخدام الأراضي، والتنوع البيولوجي. وتُستخدم في مشاريع التحليل البيئي.

• نماذج الشبكات: تمثل توزيع وطرق الاتصال بين الظواهر الطبيعية مثل شبكة المياه أو تدفق المياه الجوفية.

4. التحليل المكاني

يُعد التحليل المكاني أحد المكونات الحيوية لنظم المعلومات الجغرافية الطبيعية. يعتمد هذا التحليل على تقنيات رياضية وإحصائية لتحليل البيانات المكانيّة وتقديم حلول وقرارات. التحليل المكاني يشمل:

• التحليل المكاني البسيط: الذي يشمل تصنيف البيانات الجغرافية في مجموعات، أو تحليل التوزيع الجغرافي للمعلومات.

• التحليل المكاني المتقدم: يتضمن تحليل الاتجاهات، تحليل النمو السكاني، أو محاكاة انتشار الكوارث البيئية.

• النمذجة البيئية: تستخدم في محاكاة التغيرات البيئية المتوقعة في المستقبل مثل التأثيرات المستقبلية للاحتباس الحراري على البيئة.

5. الأنظمة الفرعية الخاصة بالبيئة الطبيعية

تتعدد الأنظمة الفرعية الخاصة في نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية حسب التخصص البيئي، مثل:

• نظام مراقبة الأراضي: الذي يستخدم لرصد استدامة الأراضي الزراعية، الغابات، والمراعي.

• نظام مراقبة المياه: الذي يتعامل مع تحليل موارد المياه، تشمل الجداول، الأنهار، البحيرات، المياه الجوفية، والأمطار.

• نظام مراقبة التنوع البيولوجي: يهدف إلى دراسة توزيع الأنواع الحيوانية والنباتية والأنظمة البيئية، ويساعد في جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي وحمايته.

• نظام المراقبة المناخية: الذي يتعامل مع دراسة الظواهر المناخية مثل الأمطار، الرياح، درجات الحرارة، والرطوبة.

6. التحليل الزمني (الزمنية)

التحليل الزمني يعتبر جزءاً مهماً في دراسة التغيرات البيئية. من خلال دمج البيانات الجغرافية والزمانية، يمكن دراسة التغيرات التي حدثت في البيئة على مر الزمن مثل التغيرات في الغطاء النباتي، تأثر المناطق بالعوامل المناخية، أو التأثيرات الناتجة عن الأنشطة البشرية. هذه البيانات الزمنية يمكن أن تستخدم بشكل مهم في توقعات المستقبل، مما يعزز القدرة على التخطيط البيئي المستدام.

7. المستخدمين والخبراء

يُعد العنصر البشري عنصراً أساسياً في نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية. يشمل هذا المكون مجموعة متنوعة من الأشخاص الذين يستخدمون النظام لتحقيق أهداف متعددة، مثل:

• الخبراء البيئيين: الذين يعتمدون على نظم المعلومات الجغرافية لتحليل البيئة واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن حماية الموارد الطبيعية.

• المخططين الحضريين: الذين يستخدمون البيانات الجغرافية لتخطيط استخدام الأراضي والمناطق الحضرية.

• الباحثين الأكاديميين: الذين يستخدمون نظم المعلومات الجغرافية لإجراء دراسات ميدانية وتحليل التغيرات البيئية.

• الهيئات الحكومية والمنظمات البيئية: التي تستخدم نظم المعلومات الجغرافية لصياغة السياسات البيئية والمبادرات الحكومية.

8. المخرجات والرسوم البيانية

تتضمن مخرجات نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية عرضاً مرئياً للبيانات من خلال الرسوم البيانية والخرائط التفاعلية. تُستخدم هذه المخرجات في تقديم معلومات بيئية بطريقة تسهل فهم التغيرات والتوجهات البيئية. الرسوم البيانية مثل المخططات الدائرية أو البيانية تُستخدم في تمثيل البيانات الإحصائية، بينما تُستخدم الخرائط التفاعلية لتمثيل البيانات المكانية بشكل مرن وسهل التفاعل.

خلاصة

تُعتبر نظم المعلومات الجغرافية الطبيعية أداة قوية في التعامل مع البيانات البيئية وتحليلها. فهي توفر مكونات متعددة تتكامل مع بعضها البعض، بدءاً من جمع البيانات الجغرافية والمكانية، مروراً بالأجهزة والبرمجيات المتخصصة، وصولاً إلى التحليل المكاني والزماني الذي يساعد في اتخاذ قرارات بيئية فعالة. مع تطور التكنولوجيا وازدياد الحاجة إلى إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام، تزداد أهمية نظم المعلومات الجغرافية في مواجهة التحديات البيئية العالمية.