أشهر البراكين في العالم
تعد البراكين من أبرز الظواهر الطبيعية التي لها تأثيرات كبيرة على البيئة والإنسان. فهي تمثل إحدى أوجه النشاط الجيولوجي الذي يتجلى من خلال تدفق الحمم البركانية، التي تتكون من الصخور المنصهرة، والغازات السامة، والرماد البركاني، وتنتشر في العديد من المناطق حول العالم. بالرغم من أن البراكين قد تكون مصدراً للدمار والدماء في بعض الأحيان، إلا أنها في نفس الوقت تساهم في تشكيل المناظر الطبيعية وإعادة بناء الأرض. في هذا المقال، سنتناول أبرز وأشهر البراكين حول العالم، مع تسليط الضوء على تاريخها، أنشطتها، وآثارها على البيئة والحياة البشرية.
1. بركان كراكاتوا (Krakatoa) – إندونيسيا
يعد بركان كراكاتوا من أشهر البراكين في العالم، لارتباطه بإحدى أكثر الثورات البركانية شهرة في التاريخ. يقع البركان في مضيق سوندا بين جزيرتي جاوا وسومطرة في إندونيسيا. في 27 أغسطس 1883، شهد البركان انفجاراً هائلًا أدى إلى حدوث تسونامي مروع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 36,000 شخص. كانت قوة الانفجار بحيث سُمِعَ في مناطق بعيدة مثل أستراليا، وهاواي، وبلاد الهند. كما أن الثوران أدى إلى تغييرات مناخية ملحوظة، حيث انخفضت درجات الحرارة في العديد من مناطق العالم نتيجة لكميات كبيرة من الرماد التي تم إطلاقها في الغلاف الجوي.
منذ ذلك الحين، استمر النشاط البركاني في المنطقة، حيث تشكل “أنجرا كراكاتوا” في عام 1927 على بقايا البركان القديم، وهو ما يعكس الطبيعة المستمرة للنشاط البركاني في هذه المنطقة. يُعد بركان كراكاتوا رمزاً للعلاقة بين البراكين والبشر في تأثيراتها العميقة على البيئة.
2. بركان فيزوف (Mount Vesuvius) – إيطاليا
يُعتبر بركان فيزوف من أكثر البراكين شهرة في التاريخ نظراً لثورانه الكارثي في عام 79 ميلادي، الذي دمر مدينتي بومبي وهيركولانيوم الرومانية. يقع هذا البركان في منطقة نابولي جنوب إيطاليا، ويُعد من البراكين النشطة، حيث سجلت آخر ثوران له في عام 1944. على الرغم من هدوء البركان منذ ذلك الحين، إلا أن العلماء يرون أنه ما زال يشكل تهديدًا كبيرًا للمناطق المجاورة.
ويتميز بركان فيزوف بنشاطه المتقلب، حيث يُصنف ضمن البراكين التي تميل إلى الانفجارات الانفجارية العنيفة التي تؤدي إلى إطلاق كميات ضخمة من الحمم البركانية والرماد. تؤثر هذه الانفجارات على حياة السكان المحيطين، ولذلك يتم مراقبة البركان بشكل مستمر من قبل السلطات المحلية.
3. بركان سانت هيلين (Mount St. Helens) – الولايات المتحدة الأمريكية
يُعد بركان سانت هيلين واحداً من أشهر البراكين في أمريكا الشمالية. يقع في ولاية واشنطن، وقد اشتهر بثورانه المدمّر في 18 مايو 1980، حيث أدى إلى تدمير الجزء العلوي من الجبل وتسبب في قتل 57 شخصًا. كان الانفجار واحدًا من أقوى الانفجارات البركانية في التاريخ الحديث، حيث كانت القوة الانفجارية تضاهي انفجارات الأسلحة النووية.
تميز هذا البركان بأنه بركان انفجاري، مما يعني أن الانفجارات البركانية تكون شديدة، وتؤدي إلى تدفق كميات ضخمة من الرماد البركاني والغازات السامة التي يمكن أن تؤثر على المناخ في مناطق واسعة. إثر هذا الانفجار، تمت دراسة تأثيراته بشكل مكثف، مما ساهم في فهم أفضل لكيفية حدوث الثورات البركانية.
4. بركان كيلاويا (Kilauea) – هاواي، الولايات المتحدة الأمريكية
يُعتبر بركان كيلاويا أحد أكثر البراكين نشاطاً في العالم، ويقع في جزيرة هاواي. يعتبر من براكين “الدرع” والتي تتسم بتدفق الحمم البركانية ببطء، وهو ما يسمح للمراقبين برؤية النشاط البركاني عن كثب. على الرغم من أن هذا النوع من النشاط البركاني يُعد أقل عنفاً مقارنة بالبراكين الانفجارية، إلا أن تدفق الحمم البركانية يمكن أن يسبب دمارًا كبيرًا، كما حدث في الثوران الذي بدأ في عام 1983 واستمر لعقود.
واحدة من السمات المميزة لبركان كيلاويا هي تدفق الحمم المستمر الذي شكل سواحل جديدة وجزرًا صغيرة في المحيط الهادئ. شهدت المنطقة العديد من الثورات البركانية الكبرى في القرن الواحد والعشرين، ما جعلها واحدة من أكثر المناطق التي تراقب من قبل العلماء في مجال الجيولوجيا البركانية.
5. بركان إتنا (Mount Etna) – إيطاليا
يعد بركان إتنا من أكبر البراكين النشطة في العالم ويقع على الساحل الشرقي لجزيرة صقلية الإيطالية. يعتبر هذا البركان واحدًا من أكثر البراكين دراسة في التاريخ، حيث لا يتوقف عن النشاط البركاني طوال العام. تقع سلسلة من الثورات المتكررة التي تميز هذا البركان، وتتنوع بين الانفجارات الكبيرة والحمم البركانية التي تجري إلى أسفل الجبال.
يتراوح نشاط إتنا بين انفجارات بركانية صغيرة تشكل الحمم على جوانب البركان، وبين انفجارات كبيرة تؤثر على المنازل والمناطق المحيطة. يساهم هذا البركان في إثراء التربة حوله، مما يجعله منطقة زراعية خصبة. إلا أن هذا النشاط المستمر يشكل أيضًا تهديدًا للسكان الذين يعيشون على مقربة من البركان.
6. بركان جبل تامبورا (Mount Tambora) – إندونيسيا
يعد بركان جبل تامبورا من أكبر البراكين في العالم من حيث القوة التدميرية. وقع الانفجار الكبير لهذا البركان في 10 أبريل 1815، وقد أدى إلى مقتل ما يقرب من 100,000 شخص. لكن أكثر ما يميز هذا البركان هو تأثيره المناخي العالمي، حيث تسبب في ما يُعرف بـ”عام بلا صيف” في 1816، حيث انخفضت درجات الحرارة العالمية بشكل كبير نتيجة للرماد البركاني الذي انتشر في الغلاف الجوي.
تأثير هذا البركان على المناخ كان هائلًا، إذ أدى إلى فشل المحاصيل الزراعية في العديد من الدول، مما تسبب في مجاعات في مناطق مثل أوروبا وأمريكا الشمالية. منذ ذلك الحين، تم تصنيف جبل تامبورا كأحد البراكين التي لها تأثيرات بيئية عالمية.
7. بركان ماونا لوا (Mauna Loa) – هاواي، الولايات المتحدة الأمريكية
يُعد بركان ماونا لوا من أكبر براكين الأرض من حيث الحجم، وهو جزء من مجموعة براكين هاواي. يقع في جزيرة هاواي، وقد شهد العديد من الثورات البركانية المدمرة، كان آخرها في عام 1984. ورغم أنه بركان “درعي”، مما يعني أن ثوراته ليست مفاجئة أو عنيفة مثل البراكين الانفجارية، إلا أن حجمه الكبير يسبب تدفق كميات هائلة من الحمم البركانية التي قد تضر بالمناطق المحيطة.
يمثل ماونا لوا تحديًا مستمرًا للعلماء، خاصة فيما يتعلق بتوقعات النشاط البركاني المستقبلي. حيث يُعد من البراكين التي يُتوقع أن تظل نشطة في المستقبل.
8. بركان يلوستون (Yellowstone) – الولايات المتحدة الأمريكية
يُعد بركان يلوستون من أعظم البراكين البركانية التي شكلت قارة أمريكا الشمالية. يقع في منتزه يلوستون الوطني في ولاية وايومنغ، وهو يحتوي على أكبر بؤرة بركانية في العالم. على الرغم من أن بركان يلوستون لم ينفجر بشكل كبير منذ ما يزيد عن 600,000 سنة، إلا أنه لا يزال يعتبر تهديدًا محتملًا. تشير الدراسات إلى أن هناك احتمالية لثوران مستقبلي يمكن أن يكون له تأثيرات كارثية على المناخ العالمي.
تتسم المنطقة المحيطة ببركان يلوستون بوجود العديد من الينابيع الساخنة، والحفر البركانية، والشلالات. تُعتبر المنطقة من أكثر الأماكن زيارة في الولايات المتحدة، لكن مع ذلك، فإن النشاط البركاني المستمر في المنطقة يعد مؤشرًا على أن هناك دائمًا احتمالية لحدوث ثوران في المستقبل.
الخاتمة
البراكين هي قوة جبارة من قوى الطبيعة التي تشكل التربة والجبال، وتُعد جزءًا من العمليات الجيولوجية المستمرة التي تحدث في كوكبنا. تعد البراكين مثل كراكاتوا وفيزوف وسانت هيلين أمثلة على العنف الجيولوجي الذي يمكن أن يؤدي إلى تدمير واسع النطاق، بينما تعتبر براكين مثل كيلاويا وماونا لوا إشارات على النشاط البركاني المستمر الذي يعيد تشكيل الأرض. وبالرغم من
