متى يبدأ الطفل بالحبو؟
إن مرحلة الحبو تعد واحدة من أهم المراحل التي يمر بها الطفل خلال تطوره الحركي، حيث تشكل خطوة هامة نحو اكتساب الطفل القدرة على التنقل، وتعد تمهيداً مهماً للانتقال إلى مراحل أخرى من النمو الحركي. وتُعتبر هذه المرحلة من التطور الجسدي والنفسي بمثابة معلم فارق في حياة الطفل، إذ يترجم تطوره الحركي بشكل ملموس إلى بداية استقلاله عن والديه، مما يمنحه مزيداً من القدرة على استكشاف البيئة المحيطة به.
الطفل في الأسابيع الأولى من حياته، يعاني من ضعف في القدرة على التحكم في حركات جسمه. وعلى الرغم من أن الطفل يملك في البداية القدرة على التحرك بشكل عشوائي، فإن السيطرة على هذه الحركات تأتي تدريجياً. في هذا المقال، سيتم التطرق إلى مراحل تطور الحبو، العوامل التي تؤثر في توقيته، والتطورات التي ترافقه.
مراحل التطور الحركي قبل الحبو
1. التطور البدني المبكر:
قبل أن يتمكن الطفل من الحبو، يكون قد مر بعدة مراحل من النمو الحركي. تبدأ هذه المراحل منذ لحظة ولادة الطفل، حيث يكون في البداية عاجزاً عن التحكم في جسده. في الأشهر الأولى، يتركز اهتمام الطفل على التحكم في عضلاته الصغيرة، مثل عضلات الوجه والعينين، ومن ثم ينتقل إلى التحكم في العضلات الكبيرة، مثل عضلات الذراعين والساقين.
2. الاستدارة والتمدد:
بعد مرور نحو الشهر الثالث من حياة الطفل، يبدأ الطفل في تحسين قدراته الحركية. يبدأ بالاستدارة ببطء من وضع الاستلقاء على الظهر إلى وضع الاستلقاء على بطنه. وفي الشهر الرابع تقريباً، يكتسب الطفل القدرة على رفع رأسه ورفع صدره باستخدام ذراعيه وهو مستلقٍ على بطنه. يُعد هذا التطور أساسياً لأن الطفل يبدأ في تقوية عضلات رقبته وظهره، مما سيساعده لاحقاً على التحرك بحرية.
3. الزحف والتمارين الأولى للعضلات:
في الشهر الخامس أو السادس، يبدأ الطفل في محاولة الزحف. لكن في هذه المرحلة، لا يكون الزحف منتظماً كما سيحدث لاحقاً. في البداية، قد يستخدم الطفل أذرعه وركبتيه لدفع نفسه للأمام بشكل غير متناسق. هذا يشير إلى أن الطفل يبدأ في بناء تنسيق أفضل بين عضلاته، وخاصة بين الجزء العلوي من الجسم والساقين.
4. الجلوس المستقل:
تعد القدرة على الجلوس من دون دعم علامة فارقة في نمو الطفل. يبدأ العديد من الأطفال في الجلوس بشكل مستقل بين الشهر السادس والثامن. تتطلب هذه المرحلة تقوية عضلات البطن والظهر، وهي خطوة أساسية نحو اكتساب القدرة على الحبو.
متى يبدأ الطفل بالحبو؟
إن إجابة سؤال “متى يبدأ الطفل بالحبو؟” يمكن أن تكون متباينة، لأن الحبو ليس حدثاً محدداً يمكن أن يحدث في يوم معين، بل هو عملية تدريجية. لكن في المتوسط، يبدأ معظم الأطفال بالحبو بين الشهر السادس والثامن من عمرهم.
ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الحسبان أن هناك فروقاً فردية كبيرة بين الأطفال في هذه المرحلة. بعض الأطفال قد يبدؤون في الحبو في وقت مبكر جداً، بينما قد يتأخر آخرون. يمكن أن يبدأ الطفل في الزحف عند بلوغه الشهر السابع أو حتى في الشهر التاسع، وذلك بناءً على العديد من العوامل.
العوامل المؤثرة في توقيت الحبو
1. النمو الجسدي والعضلي:
تعد القوة العضلية والتحكم الحركي من أهم العوامل التي تحدد متى يبدأ الطفل بالحبو. فالطفل الذي يعاني من ضعف في العضلات أو تأخر في نمو عضلاته قد يتأخر في الحبو مقارنة بغيره. يتطلب الحبو تقوية عضلات الظهر، البطن، الفخذين، وأحياناً حتى اليدين، وهذه العضلات لا تنمو بنفس الوتيرة في جميع الأطفال.
2. البيئة المحيطة:
تلعب البيئة المحيطة بالطفل دوراً كبيراً في تحفيز أو تأخير عملية الحبو. فإذا كان الطفل يُشجع على التحرك واللعب في بيئة آمنة تحفزه على استكشاف مكانه، فإن هذا سيزيد من احتمالية البدء بالحبو في وقت مبكر. أما إذا كانت البيئة محدودة أو إذا كان الطفل مُقيداً في أماكن لا توفر له مساحة للحركة، فقد يتأخر في الحبو.
3. التحفيز الخارجي:
التحفيز الخارجي من الأهل يلعب دوراً في تسريع عملية الحبو. كثير من الأمهات والآباء يشجعون أطفالهم على الحبو من خلال اللعب معهم أو تحفيزهم باستخدام الألعاب التي تجعلهم يمدون أيديهم وأقدامهم إلى الأمام. في بعض الأحيان، يمكن استخدام الزحف على الأرض كأداة تعليمية لتحفيز الطفل على محاولة التحرك.
4. الاختلافات الجينية:
لا يمكن إغفال تأثير العوامل الوراثية على توقيت الحبو. فبعض الأطفال قد يرثون بنية جسدية تجعلهم أكثر قدرة على الحبو في وقت مبكر من غيرهم، في حين أن بعض الأطفال قد يتأخرون في الحبو نتيجة لصفات وراثية أخرى.
5. التغذية والصحة العامة:
يعتبر التغذية الجيدة والصحة العامة للطفل من العوامل الحاسمة في تطوره الحركي. الأطفال الذين يحصلون على تغذية متوازنة من الرضاعة الطبيعية أو الحليب الصناعي في الأشهر الأولى من حياتهم يميلون إلى تطوير مهاراتهم الحركية بشكل أسرع. كما أن الأطفال الذين يعانون من مشكلات صحية قد يواجهون تأخراً في مراحل تطورهم الحركي.
مراحل الحبو: من الزحف إلى المشي
1. الزحف التقليدي:
في بداية الحبو، سيزحف الطفل عادة باستخدام يديه وركبتيه، وقد تكون الحركات غير منسقة في البداية. يعتبر الزحف التقليدي هو أكثر أنواع الحبو شيوعاً، ويبدأ عادة في الشهر السابع أو الثامن من العمر. في هذه المرحلة، يتحرك الطفل للأمام باستخدام يديه وساقيه بالتناوب، وهذا يساعده في تقوية عضلاته وتنمية التنسيق بين الحركات المختلفة.
2. الزحف على البطن:
قبل أن يبدأ الطفل في الزحف التقليدي، قد يقوم بعض الأطفال باستخدام بطونهم للتحرك عبر الأرض. يُعرف هذا الزحف بالزحف “على البطن” أو “الزحف الانزلاقي”، حيث يدفع الطفل نفسه باستخدام ذراعيه، في حين تبقى ساقاه غير مشدودتين في البداية. يستمر هذا النوع من الزحف لعدة أسابيع قبل أن يتقن الطفل الزحف التقليدي.
3. الزحف على الأربع:
مع تقدم الطفل في مهاراته الحركية، يصبح الزحف على أربع أطراف أسهل وأكثر انسجاماً. هذا النوع من الزحف يساعد الطفل على اكتساب القوة في الأطراف السفلية، مما يمهد الطريق للمشي في المستقبل. قد يبدأ الطفل في الزحف على أربع بحلول الشهر التاسع أو العاشر، ويمكن أن يصبح أكثر سرعة واستقلالية.
4. الوقوف والمشي:
بعد أن يكتسب الطفل مهارات الحبو، تبدأ مرحلة جديدة وهي الوقوف. في البداية، قد يستخدم الطفل الأثاث أو أي شيء آخر للمساعدة في التوازن. مع مرور الوقت، يبدأ الطفل في محاولة المشي وهو ممسك بالأثاث، وفي بعض الأحيان يكون الطفل قادراً على المشي لأول مرة عندما يبلغ من العمر نحو 12 شهراً.
التحلي بالصبر والمراقبة
من المهم أن يعي الآباء أن الحبو ليس مقياساً واحداً يمكن من خلاله تقييم تطور الطفل بشكل كامل. إذ أنه يتنوع من طفل لآخر حسب العديد من العوامل التي تم ذكرها. قد يحدث أن يبدأ طفل بالحبو في وقت مبكر، بينما يتأخر آخر في هذه المرحلة بسبب ظروف صحية أو بيئية.
من المهم أن يظل الوالدان على استعداد لتقديم الدعم والمساعدة في تعزيز نمو الطفل الحركي، ولكن مع مراعاة أن كل طفل يمر بتطوراته الخاصة، ولا ينبغي مقارنة الطفل بالآخرين.
