مهرجان جازان الشتوي 2023

مهرجان جازان الشتوي: لوحة ثقافية وسياحية تعبق بالهوية والتراث

تعد منطقة جازان إحدى المناطق السعودية الغنية بالتاريخ، والثقافة، والتنوع البيئي، ويُعد مهرجان جازان الشتوي أحد أهم الفعاليات التي تجسّد هذا التنوع وتسلّط الضوء على المقومات السياحية والثقافية للمنطقة. يأتي هذا المهرجان السنوي ضمن جهود المملكة العربية السعودية الرامية إلى تنشيط القطاع السياحي الداخلي، وتعزيز الوعي بالهوية الوطنية، وربط المواطنين والمقيمين بالتراث الثقافي الغني للمناطق المختلفة في البلاد.

يتحول فصل الشتاء في جازان، بفضل هذا المهرجان، إلى موسم احتفالي زاخم بالفعاليات المتنوعة التي تمتد على مدار عدة أسابيع، وتشمل الأنشطة الترفيهية، والمعارض التراثية، والبرامج الثقافية، والمهرجانات الفنية، إلى جانب استعراض للمأكولات الشعبية والحرف اليدوية، ما يجعل من جازان وجهة سياحية بارزة خلال هذا الموسم.

الموقع الجغرافي ودوره في التميز الشتوي

تقع منطقة جازان في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية، وتتميز بمناخها الدافئ نسبيًا خلال فصل الشتاء مقارنة بمناطق المملكة الأخرى، وهو ما يجعلها وجهة مفضّلة للزوار في هذه الفترة من العام. كما تزخر المنطقة بتضاريس متنوعة تتراوح بين الجبال الشاهقة، والسهول الخصبة، والشواطئ الممتدة على ساحل البحر الأحمر، إلى جانب الجزر المذهلة مثل فرسان، التي تمثل نقطة جذب إضافية للسياح خلال فترة المهرجان.

أهداف مهرجان جازان الشتوي

تمثل أهداف مهرجان جازان الشتوي أبعادًا متعددة تشمل الجانب الاقتصادي، الثقافي، والاجتماعي. ومن أبرز هذه الأهداف:

• تعزيز الحركة السياحية الداخلية: من خلال إبراز المقومات السياحية للمنطقة والترويج لها كمقصد شتوي.

• إحياء التراث المحلي: بعرض الحرف التقليدية والفنون الشعبية والأزياء التراثية الخاصة بجازان.

• تمكين الأسر المنتجة: عبر منحهم منصات لعرض منتجاتهم، مما يفتح المجال للدخل الإضافي ويعزز الاقتصاد المحلي.

• تشجيع الاستثمار: بإبراز الإمكانيات السياحية في المنطقة مما يجذب المستثمرين المهتمين بالقطاع السياحي والترفيهي.

الفعاليات والأنشطة المتنوعة

يشتهر مهرجان جازان الشتوي بتنوع فعالياته التي تناسب كافة الفئات العمرية والاهتمامات، ومن أبرز الفعاليات التي يشهدها المهرجان سنويًا:

1. القرية التراثية

تعد القرية التراثية في جازان من أبرز محطات المهرجان، حيث تعكس بيئة المنطقة وتراثها الأصيل من خلال عروض حية للحرف اليدوية، والمأكولات الشعبية، والرقصات الفلكلورية مثل العرضة الجازانية، والزيفة.

2. العروض المسرحية والفنية

تُقدّم على مدار أيام المهرجان عروض مسرحية وفنية بمشاركة فنانين محليين وعرب، وتشمل الحفلات الغنائية، والمسرحيات الاجتماعية، وعروض الفنون الشعبية.

3. مسابقات وجوائز

تُنظم العديد من المسابقات الثقافية والترفيهية للأطفال والكبار، من بينها مسابقات الشعر، والرسم، والتصوير الفوتوغرافي، وماراثونات رياضية.

4. عروض البحر

نظرًا لموقع جازان الساحلي، تتضمّن فعاليات المهرجان عروضًا بحرية رائعة، تشمل سباقات القوارب، وعروض الغوص، والرحلات إلى جزر فرسان التي تعد من أهم المقاصد السياحية البيئية في المملكة.

5. عروض الضوء والألعاب النارية

في أمسيات المهرجان، تضفي عروض الضوء والألعاب النارية أجواء احتفالية رائعة تضيء سماء جازان وتبثّ الفرح في قلوب الزوار.

الأثر الاقتصادي والسياحي للمهرجان

يُعد مهرجان جازان الشتوي من الفعاليات التي تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، إذ يوفر فرصًا كبيرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويزيد من إشغال الفنادق والشقق المفروشة والمطاعم، كما يسهم في تشغيل وسائل النقل العام والخاص. وتشير التقديرات إلى أن المهرجان يساهم سنويًا في رفع نسبة الزوار إلى جازان بنسبة ملحوظة، خاصة من مناطق المملكة الأخرى ودول الخليج.

وبحسب تقارير هيئة السياحة السعودية، فإن أكثر من 500 ألف زائر سنويًا يقصدون جازان خلال فترة المهرجان، ما يعكس أهمية هذا الحدث في خارطة الفعاليات السياحية الوطنية.

دعم الجهات الحكومية والخاصة

يحظى مهرجان جازان الشتوي بدعم متكامل من مختلف الجهات الحكومية، أبرزها إمارة منطقة جازان، وهيئة تطوير جازان، ووزارة الثقافة، وهيئة الترفيه، إلى جانب الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، كما تشارك شركات ومؤسسات القطاع الخاص في رعاية الفعاليات وتنظيم بعض الفقرات والأنشطة الترويجية.

ويُعد التعاون بين القطاعين العام والخاص في هذا السياق نموذجًا ناجحًا يُحتذى به في تنظيم الفعاليات الكبرى، خاصةً تلك التي تستهدف تنمية المجتمعات المحلية وخلق فرص استثمارية دائمة.

دور المهرجان في تعزيز الهوية الوطنية

يسهم مهرجان جازان الشتوي بدور فاعل في تعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة، من خلال تعريفهم بالعادات والتقاليد التي تميز منطقتهم، وربطهم بالإرث الثقافي والمجتمعي الذي يشكّل جزءًا لا يتجزأ من الكيان الوطني العام. كما يشجع المهرجان على الانخراط في الأنشطة التطوعية، والمشاركة المجتمعية، مما يعزز القيم الإيجابية في أوساط الشباب.

السياحة البيئية وجزر فرسان

تُعد جزر فرسان من أبرز المحطات التي لا يمكن تفويتها خلال مهرجان جازان الشتوي، فهي تضم محميات طبيعية نادرة، وشواطئ خلابة، وتنوعًا بيئيًا فريدًا. وتنظم الهيئة الملكية لمحميات البحر الأحمر رحلات سياحية من جازان إلى فرسان تتضمن أنشطة بيئية مثل مراقبة الطيور، وزيارة المواقع التاريخية، والغوص في الشعاب المرجانية.

ويعتبر دمج السياحة البيئية ضمن فعاليات المهرجان خطوة مهمة نحو الاستدامة البيئية والوعي بالحفاظ على الموارد الطبيعية.

جدول تفصيلي لأهم فعاليات المهرجان

التفاعل المجتمعي والمشاركة التطوعية

يبرز التفاعل المجتمعي في مهرجان جازان الشتوي من خلال المشاركة الواسعة للفرق التطوعية والجهات الطلابية، التي تساهم في التنظيم، والإرشاد، وتقديم الخدمات المساندة للزوار. كما تخصص اللجنة المنظمة للمهرجان جوائز تحفيزية للمتطوعين المتميزين، مما يعزز ثقافة العطاء والمسؤولية الاجتماعية في المجتمع الجازاني.

ختامًا في المنهجية التنموية

يُمثل مهرجان جازان الشتوي نموذجًا عمليًا لرؤية المملكة 2030 في تنمية المناطق وتمكين المجتمعات من خلال الفعاليات الثقافية والسياحية المستدامة. إذ لا يقتصر دوره على الترفيه، بل يتجاوز ذلك إلى دفع عجلة التنمية، وتنشيط القطاعات غير النفطية، وإعادة تعريف مفهوم السياحة الداخلية لدى المواطنين والمقيمين.

لقد تحوّل مهرجان جازان الشتوي إلى أكثر من مجرد فعالية موسمية؛ إنه مشروع تنموي ثقافي اجتماعي اقتصادي يُسهم في رسم مستقبل أكثر إشراقًا لجازان، ويعزز من مكانتها على خارطة السياحة الوطنية.

المراجع:

1. الهيئة السعودية للسياحة – تقارير الفعاليات 2023

2. وكالة الأنباء السعودية (واس) – تغطية مهرجان جازان الشتوي