تعدُّ عبارة “سبحان الله” من أهم العبارات التي يتداولها المسلمون في حياتهم اليومية، حيث تحمل في طياتها معاني عميقة ودلالات روحية عظيمة. يُستخدم هذا التعبير كثيرًا في الذكر والتسبيح، وله وقع خاص في القلب، مما يجعله جزءًا لا يتجزأ من حياة المسلم. ولعلَّ التأمل في معنى “سبحان الله” ومدلولاتها يفتح أمامنا أفقًا جديدًا لفهم أهمية هذا الذكر وكيفية تأثيره في نفس المسلم وعبادته.
أصل ومعنى “سبحان الله”
عبارة “سبحان الله” هي من جملة التسابيح التي ترد في القرآن الكريم، وهي تتألف من كلمتين رئيسيتين؛ الأولى “سبحان” التي تأتي من الجذر العربي “س ب ح”، وتعني التمجيد والتنزيه. أما الكلمة الثانية، “الله”، فهي اسم الله سبحانه وتعالى، الذي يشير إلى الذات الإلهية.
عند قول المسلم “سبحان الله”، فإنَّه ينزِّه الله عن كل نقص أو عيب، ويعترف بعظمته وكماله. ويُقصد من هذه العبارة تأكيد أنَّ الله تعالى بعيد كل البعد عن كل ما لا يليق به، من نقائص أو تشبيه أو أي تصور بشري قد يطرأ على ذهن الإنسان. بهذا الشكل، يعتبر هذا الذكر بمثابة تذكير دائم للمسلم بعظمة الله وقدرته المطلقة، ويجسد معنى التنزيه الكامل.
الآيات القرآنية التي وردت فيها “سبحان الله”
تعدُّ كلمة “سبحان الله” من أكثر الكلمات التي وردت في القرآن الكريم، وهي ترتبط بالعديد من الآيات التي تؤكد على صفات الله تعالى وتنزيهه عن كل نقص. من أبرز هذه الآيات:
-
قال الله تعالى في سورة الحشر (آية 23):
“سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ”تعبر هذه الآية عن تنزيه الله عن الشركاء والآلهة التي يعبدها المشركون، مما يدل على كماله وجلاله.
-
في سورة الحديدة (آية 1):
“سَبَّحَ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”وهذه الآية تؤكد على أن كل ما في الكون يسبح لله ويعترف بعظمته، مما يساهم في تحقيق التوحيد وتنزيه الله.
-
سورة الإسراء (آية 1):
“سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى”وفي هذه الآية، يُعبّر عن عظمة الله وقدرته على المعجزات، حيث أسرى برسوله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى القدس في ليلة واحدة.
أهمية “سبحان الله” في حياة المسلم
تعتبر “سبحان الله” من العبارات التي يكررها المسلم كثيرًا في حياته اليومية، سواء في الصلاة أو خارجها. لها أهمية كبيرة في رفع الروحانية وتنقية القلب. ومن أبرز الفوائد:
1. تنقية القلب وتصفية الذنوب
عند قول المسلم “سبحان الله”، يُكفر عن خطاياه ويغفر له ما تقدم من ذنوبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
“من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر”.
هذا الحديث يوضح لنا كيف أنَّ تكرار ذكر “سبحان الله” له تأثير مباشر في تكفير الذنوب ورفع الدرجات.
2. سبب في رضا الله
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أحب الكلام إلى الله سبحانه وتعالى: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم”.
هذه العبارة لا تأتي من باب التسبيح فقط، بل هي أحب الكلمات إلى الله تعالى. وهذا يعكس مدى فضلها وأثرها في التقرب إلى الله سبحانه.
3. تقوية العلاقة بالله
تساعد “سبحان الله” على تعزيز العلاقة الروحية بين المسلم وربه. من خلال تكرار هذه العبارة، يشعر المسلم بالقرب من الله ويشعر بعظمته وقدرته التي لا حدود لها. هذا التكرار يعمل على تهذيب النفس وتقويتها، ويدفع الشخص إلى التفكر في عظمة الخالق.
4. الهدوء النفسي والطمانينة
في العديد من الحالات، يشعر المسلم بالراحة النفسية عندما يتذكر الله ويشغل لسانه بذكره. “سبحان الله” من بين الأذكار التي تمنح الإنسان طمأنينة في قلبه، خاصة في أوقات القلق والضيق.
فضل “سبحان الله” في الأحاديث النبوية
وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تحث المسلم على تكرار “سبحان الله” لفضائلها العظيمة. من أبرز هذه الأحاديث:
-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“من سبح الله مئة مرة في اليوم، كان له مثل أجر من أعتق عشرة من أولاد إسماعيل”.
هذا الحديث يوضح كيف أنَّ ذكر “سبحان الله” له أجر عظيم، ويكافئ المسلم بمثل الأجر الذي يحصل عليه من عتق عشرة من أولاد إسماعيل، وهو أجر عظيم جدًا في ميزان الله. -
قال صلى الله عليه وسلم:
“من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة، غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر”.
تكرار “سبحان الله” و”بحمده” ليس فقط تكفيرًا للذنوب بل أيضًا رفعًا للدرجات وزيادة في الأجر.
أوقات مستحبة لقول “سبحان الله”
يمكن للمسلم قول “سبحان الله” في أي وقت وأي مكان، لكن هناك أوقات معينة يُستحب فيها أكثر:
-
في الصلاة:
تعتبر الصلاة من أعظم الأوقات التي يُستحب فيها ذكر الله. “سبحان الله” يمكن أن يُقال في الركوع والسجود، حيث يكون المسلم في أقرب حالاته إلى الله. -
عند الاستيقاظ من النوم:
يُستحب للمسلم أن يبدأ يومه بذكر الله، وفي ذلك الوقت يمكنه تكرار “سبحان الله” ليبدأ يومه بالتوكل على الله. -
أثناء الذهاب إلى النوم:
عند الخلود إلى النوم، من الجيد أن يذكر المسلم “سبحان الله” قبل أن يغفو، وهو وقت مبارك للذكر. -
في أوقات السكون والهدوء:
عندما يجد المسلم نفسه في أوقات السكون والهدوء، فإن تكرار “سبحان الله” في هذه اللحظات يُفضي إلى تأمل عميق في عظمة الله وتفكر في خلقه.
خلاصة
تعتبر عبارة “سبحان الله” أكثر من مجرد ذكر، فهي وسيلة قوية للتقرب إلى الله تعالى وتنزيهه عن كل ما لا يليق به. من خلال تكرار هذه الكلمة العظيمة، يمكن للمسلم أن يكفر عن ذنوبه، ويقوي علاقته بالله، ويحصل على أجر عظيم في الدنيا والآخرة.
