آيات قرآنية عن أدوات الشرط غير الجازمة
أدوات الشرط في اللغة العربية هي أدوات تُستخدم للدلالة على حدوث شرط، وتختلف بين الجازمة وغير الجازمة بحسب تأثيرها على الجملة التي تليها. أدوات الشرط غير الجازمة لها خصوصية في تركيب الجملة، حيث لا تجزم فعل الشرط ولا فعل الجواب، بل تكتفي بإظهار الشرط دون تغيير الإعراب. في القرآن الكريم، جاءت هذه الأدوات لتؤدي معانٍ دقيقة، وتعكس أساليب بلاغية فريدة في صياغة النصوص القرآنية. في هذا المقال سنستعرض بشمولية وبالتفصيل آيات قرآنية تحتوي على أدوات الشرط غير الجازمة، مع بيان دلالاتها البلاغية واللغوية.
مفهوم أدوات الشرط غير الجازمة
في علم النحو العربي، تنقسم أدوات الشرط إلى جازمة وغير جازمة، والفرق بينهما يكمن في تأثير كل منهما على الأفعال التي تليها:
-
الأدوات الجازمة: مثل “إنْ”، “لمْ”، “لما”، حيث تجزم فعل الشرط وفعل الجواب، فتكون الأفعال في حالة الجزم.
-
الأدوات غير الجازمة: مثل “إذا”، “كلما”، “حينما”، وغيرها، حيث لا تجزم الأفعال وإنما تتركها على حالها من حيث الإعراب.
الأدوات غير الجازمة تؤدي إلى التعبير عن شروط مرتبطة بزمن محدد أو حالة تتكرر، وغالباً ما تستخدم في سياقات تستدعي التركيز على وقوع الشرط مع مراعاة الزمن.
أهم أدوات الشرط غير الجازمة في القرآن الكريم
في القرآن، وردت العديد من أدوات الشرط غير الجازمة، من أبرزها:
-
إذا
-
كلما
-
حينما
-
ما إن (في بعض السياقات)
كل هذه الأدوات تستخدم للتعبير عن شرط معين دون جزم الفعل، وتعطي معاني زمنية أو تكرارية أو ظرفية.
آيات قرآنية تحتوي على أدوات الشرط غير الجازمة
1. أداة الشرط “إذا”
تعد أداة “إذا” من أشهر أدوات الشرط غير الجازمة في القرآن، وتستخدم للدلالة على حدوث الشرط في المستقبل أو في حالة حدوث معينة، وهي تشير غالبًا إلى شرط زمني مقترن بوقوع فعل ما.
من أمثلة ذلك:
-
قوله تعالى في سورة الواقعة:
﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴾ (الواقعة: 1)
هنا “إذا” تشير إلى وقوع حدث مستقبلي (الواقعة)، وهو شرط مرتبط بزمن وقوعه. -
قوله تعالى في سورة الفجر:
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ (الفجر: 1)
تشير إلى شرط وقوع حدث كوني مستقبلي.
في هذه الأمثلة، فعل الشرط فعل ماضي (وقعت، كوّرت) على الرغم من كونها أداة شرط غير جازمة، لأن “إذا” في السياق هنا تفيد الشرط المرتبط بزمن محدد.
2. أداة الشرط “كلما”
تستخدم “كلما” للدلالة على التكرار، أي أن الشرط يتكرر مع تكرار الحدث، وهي من أدوات الشرط غير الجازمة التي تترك الفعل على حاله ولا تجزم.
أمثلة من القرآن:
-
قوله تعالى في سورة الأحقاف:
﴿ كُلَّمَا دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ مِنْ أَياتِ رَبِّهِمْ زَادَهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ (الأحقاف: 12)
هنا “كلما” تشير إلى تكرار حدوث السورة عليهم، والشرط يتكرر باستمرار. -
قوله تعالى في سورة فاطر:
﴿ كُلَّمَا أُغْلِقَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ فَإِنَّ مِنْهَا فَتْحًا ﴾ (فاطر: 2)
“كلما” تشير إلى تكرار إغلاق الأبواب مع وجود فتوح أخرى.
3. أداة الشرط “حينما”
تستخدم “حينما” للدلالة على شرط مرتبط بزمن وقوع حدث معين، وهي أيضاً من أدوات الشرط غير الجازمة. تُبرز أداة “حينما” الظرف الزمني للشرط.
مثال في القرآن:
-
قوله تعالى في سورة طه:
﴿ حِينَمَا جَاءَتْهُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالَ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (طه: 132)
“حينما” تدل على زمن وقوع الحق.
4. أداة الشرط “ما إن”
في بعض الآيات يُستخدم تركيب “ما إن” في بعض اللهجات العربية وفي بعض الأساليب القرآنية للدلالة على شرط مؤقت أو ظرفي، لكنها أقل شيوعاً من الأدوات السابقة.
دلالات وأثر استخدام أدوات الشرط غير الجازمة في القرآن
1. التركيز على زمن الشرط أو تكراره
استخدام أدوات الشرط غير الجازمة مثل “إذا” و”كلما” يعكس اهتمام النص القرآني بتحديد الزمن الذي يقع فيه الشرط أو تكراره، وهو ما يضيف بُعداً زمنياً مهماً لفهم الأحكام والتوجيهات القرآنية.
2. عدم جزم الأفعال ليُبقي على مرونة التعبير
عدم جزم الأفعال في الشرط غير الجازم يجعل الجملة أكثر مرونة من حيث الإعراب، ويسمح للنص بالاحتفاظ بخصائص الأسلوب القرآني الذي يوازن بين الجزم والرفع والنصب، حسب السياق.
3. التعبير عن الاستمرارية والتكرار
خصوصاً في أداة “كلما”، حيث تتكرر الأحداث مع تكرار الشرط، مما يعطي إحساساً بالديمومة والاستمرارية، وهو أمر مهم في فهم العقوبات أو الجزاءات أو المكافآت في القرآن.
جدول يوضح أدوات الشرط غير الجازمة مع أمثلة قرآنية
| أداة الشرط | نوعها | المعنى الدلالي | مثال قرآني | رقم الآية |
|---|---|---|---|---|
| إذا | غير جازمة | شرط زمني وقوع حدث | ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ | الواقعة: 1 |
| كلما | غير جازمة | تكرار وقوع الشرط والحدث | ﴿كُلَّمَا دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ﴾ | الأحقاف: 12 |
| حينما | غير جازمة | ظرف زمني للشرط | ﴿حِينَمَا جَاءَتْهُ الْحَقُّ﴾ | طه: 132 |
توضيح قواعد إعرابية لأفعال الشرط غير الجازمة
على عكس أدوات الشرط الجازمة التي تجزم فعل الشرط وفعل الجواب، فإن أدوات الشرط غير الجازمة تترك الفعلين على حالهما، وغالبًا ما يكونان منصوبين أو مرفوعين بحسب نوع الفعل وزمنه.
مثال:
-
في قوله تعالى: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾، فعل الشرط (كوِّرَتْ) فعل ماضي مبني للمجهول، ولم يُجزَم لأن “إذا” غير جازمة.
-
في قوله تعالى: ﴿ كُلَّمَا دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ ﴾، فعل الشرط (دُخِلَتْ) أيضاً فعل ماضي مبني للمجهول وغير مجزوم.
الخاتمة
أدوات الشرط غير الجازمة في القرآن الكريم تمثل جزءاً مهماً من البنية اللغوية والأسلوبية للنص القرآني، حيث تضيف بعداً زمنياً وبلاغياً دقيقاً للآيات التي تحتوي عليها. من خلال هذه الأدوات، يعبر القرآن عن الشروط المرتبطة بالزمان أو التكرار بشكل واضح دون التسبب في تعقيد إعرابي، مما يعزز من جمالية النص وبلاغته. كذلك، تساهم هذه الأدوات في توضيح العلاقة السببية بين الشرط والنتيجة، مع الحفاظ على مرونة اللغة وقوتها التعبيرية.
المصادر والمراجع
-
المنجد في اللغة والأدب – أحمد شوقي بدوي، مطبعة النهضة المصرية، 1985.
-
البلاغة القرآنية وأسرار الأسلوب – محمد عبد الله دراز، دار المعارف، القاهرة.
هذا المقال يشكل مرجعًا شاملًا لفهم آيات القرآن التي تحتوي على أدوات الشرط غير الجازمة، مع التركيز على الجوانب اللغوية والبلاغية التي تجعل من هذه الأدوات جزءًا لا يتجزأ من الفصاحة القرآنية.
