سبب تسمية تفسير الجلالين

يُعتبر تفسير الجلالين من أشهر وأبرز التفاسير المختصرة في علوم القرآن الكريم، وقد حظي بقبول واسع بين العلماء والطلاب بسبب بساطته ووضوحه، وسهولة الرجوع إليه. يتناول هذا المقال بشكل مفصل سبب تسمية هذا التفسير بـ”تفسير الجلالين”، ويشرح الجوانب التاريخية والعلمية التي أدت إلى هذا الاسم، بالإضافة إلى سرد معلومات حول مؤلفيه وأهميته العلمية ودوره في نشر علوم القرآن.

مقدمة عن تفسير الجلالين

يُعرف تفسير الجلالين بأنه تفسير موجز للقرآن الكريم، يهدف إلى توضيح المعاني اللفظية واللغوية للنصوص القرآنية بطريقة مبسطة وميسرة. وقد لاقى انتشاراً واسعاً خاصة في العالم الإسلامي الناطق بالعربية، وأصبح من المراجع المعتمدة عند طلبة العلم والدعاة والمربين.

يرجع الفضل في تأليفه إلى عالمين من كبار العلماء أُطلق عليهما اسم “الجلالين”؛ حيث قام كلاهما بمهمة التفسير على مراحل متتابعة، مما أضفى على التفسير طابعاً مميزاً واسمًا يحمل دلالة واضحة مرتبطة بهما.

أصل التسمية: الجلالين

تسمية تفسير الجلالين جاءت نسبة إلى اسمي مؤلفيه، وهما:

• جلال الدين المحلي: هو الإمام جلال الدين عبد الرحمن المحلي، وهو الذي بدأ بكتابة التفسير.

• جلال الدين السيوطي: هو الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، الذي استكمل التفسير بعد وفاة المحلي.

إذن، كلمة “الجلالين” في الاسم تعني “الجلالان” أو “الجلاليين”، أي المؤلفان اللذان يحملان اسم “جلال الدين”. وهذا هو السبب الرئيسي في تسمية التفسير بهذا الاسم.

جلال الدين المحلي

كان جلال الدين المحلي عالمًا من علماء القرن التاسع الهجري (القرن الخامس عشر الميلادي)، نشأ في منطقة المحاليل بمحافظة الشاهين، وهو عالم محدث ومفسر عُرف بالتزامه الديني وحسن علمه. بدأ جلال الدين المحلي في تفسير القرآن الكريم بأسلوب مختصر مبسط في أثناء إقامته بمصر، ولكنه لم يتمكن من إكمال تفسيره بسبب وفاته.

جلال الدين السيوطي

الإمام جلال الدين السيوطي هو أحد أبرز العلماء في التاريخ الإسلامي، حيث تميز بعلم واسع في علوم اللغة والحديث والتفسير والتاريخ، وكان معاصراً لجلال الدين المحلي. بعد وفاة المحلي، قام السيوطي باستكمال تفسير القرآن الكريم من حيث توقف المحلي، وأكمل العمل بإضافة تفسير السور والآيات المتبقية. وهكذا أصبح تفسير الجلالين عملًا مشتركا بين العالمين.

أهمية تفسير الجلالين ومكانته العلمية

يمثل تفسير الجلالين نقلة نوعية في مجال تفسير القرآن الكريم لما يتميز به من خصائص عدة، أبرزها:

1. الإيجاز والاختصار: يهدف التفسير إلى تقديم شرح واضح وموجز دون الإسهاب أو التعمق في التفاصيل التي قد تصعب فهمها على المبتدئين.

2. سهولة الأسلوب: يستخدم التفسير لغة بسيطة وسلسة معتمداً على توضيح المعاني اللغوية والشرعية دون تعقيد.

3. اعتماده على المصادر الموثوقة: استند التفسير إلى مصادر مشهورة مثل تفسير الطبري والقرطبي، مع توضيح دلالات الآيات بطريقة سهلة.

4. شيوعه بين طلاب العلم: لأنه يُعتبر مدخلاً مناسبًا لفهم معاني القرآن، فانتشر في المدارس والجامعات ومراكز التعليم الإسلامي.

5. حجمه المتوسط: مما جعله مناسبًا للاحتفاظ به والاطلاع عليه بشكل سريع.

هذه الخصائص جعلت تفسير الجلالين يحظى بمكانة متميزة بين التفاسير الموجزة، كما لاقى قبولا عند جمهور واسع من القراء.

مراحل تأليف تفسير الجلالين

بدأ الإمام جلال الدين المحلي بكتابة تفسير للقرآن الكريم على نحو مختصر، ونجح في تفسير عدد كبير من السور حتى وفاته. ثم جاء الإمام جلال الدين السيوطي لاستكمال ما بدأه المحلي، حيث أتم تفسير السور والآيات التي لم يغطيها التفسير في البداية. وقد كان هذا العمل على مستوى عالي من الإتقان والدقة العلمية، ليخرج التفسير بصورته النهائية التي وصلت إلينا اليوم.

كان هذا التعاون العلمي بين العالِمَين سبباً في منح التفسير قوة ومتانة علمية، تجمع بين العمق والدقة والسهولة.

أهمية التفسير في تاريخ علوم القرآن

يرجع تفسير الجلالين إلى مرحلة تاريخية مهمة في تطور علوم التفسير، إذ كان في تلك الفترة حاجة إلى تفسير مختصر يستطيع المبتدئون من خلاله فهم المعاني الأساسية للقرآن بدون تعقيد، على عكس التفاسير الموسعة التي تتناول قضايا فقهية ولغوية وتاريخية بعمق.

ظهور تفسير الجلالين جاء ليملأ هذا الفراغ، فساعد في تعليم القرآن الكريم في المدارس الدينية والجامعات، وجعل القرآن أكثر قربًا من القارئ العادي.

مقارنة تفسير الجلالين مع التفاسير الأخرى

هذا الجدول يوضح أن تفسير الجلالين يتميز بالبساطة والاختصار، مما يجعله خيارًا مناسبًا لمن يريد فهم المعاني الأساسية للقرآن دون الدخول في التفاصيل المعقدة.

انتشار تفسير الجلالين وترجماته

حظي تفسير الجلالين بانتشار واسع في العالم الإسلامي، كما ترجم إلى العديد من اللغات لسهولة عرضه ومناسبته لمختلف مستويات القراء. تُستخدم ترجماته كمدخل لفهم القرآن في عدة مراكز تعليمية في آسيا وأفريقيا، مما يثبت قيمته العلمية والتربوية.

كما تم طبعه في العديد من المطبوعات والمجلدات منذ القرن الخامس عشر وحتى اليوم، مع تقديم شروح مبسطة وإضافات تتماشى مع العصر الحديث، وهو ما ساعد في استمرار مكانته العلمية حتى الآن.

خاتمة علمية

تفسير الجلالين هو ثروة علمية نابعة من تراث إسلامي أصيل، يحمل في طياته توثيقًا علميًا وأسلوبًا سهلاً جعله علامة مميزة في تاريخ علوم التفسير. التسمية جاءت تعبيرًا عن التعاون العلمي بين اثنين من أبرز علماء التفسير في التاريخ الإسلامي، وهما جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، مما أضفى على هذا التفسير قيمة خاصة جعلته يحتل مكانة راسخة بين كتب التفسير.

يبقى تفسير الجلالين مرجعًا ضروريًا لكل من يريد التعرف على معاني القرآن الكريم بطريقة واضحة ومبسطة، كما يمثل نموذجًا فريدًا لتكامل الجهود العلمية عبر الأجيال، ويوفر للدارس مدخلاً سهلًا إلى فهم النص القرآني العظيم.

المراجع:

1. ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار الكتب العلمية، بيروت.

2. السيوطي، جلال الدين، تفسير الجلالين، مراجعة وتقديم د. محمد عبد السلام، دار الكتب العلمية.