معالم مدينة فاس السياحية

أهم معالم مدينة فاس

تُعد مدينة فاس واحدة من أعرق المدن التاريخية في العالم الإسلامي، وإحدى العواصم العريقة للمغرب، حيث تمتزج في طابعها الحضاري ملامح العمق التاريخي مع البعد الثقافي والديني والفني. تأسست مدينة فاس في أواخر القرن الثامن الميلادي، وتحديداً سنة 789م على يد إدريس الأول، ثم توسعت وتطورت في عهد خلفائه وخاصة في العصر المريني. ظلت مدينة فاس على مدى قرون عديدة مركزًا للعلم والدين والسياسة، مما جعلها تحتضن تراثًا غنيًا ينعكس في معمارها وأزقتها ومؤسساتها الدينية والتعليمية.

في هذا المقال المفصل، نسلط الضوء على أبرز المعالم التي تشتهر بها مدينة فاس، والتي تجعل منها جوهرة من جواهر السياحة الثقافية والتاريخية في العالم العربي والإسلامي.

المدينة العتيقة (فاس البالي)

المدينة العتيقة أو “فاس البالي” تُعتبر أقدم جزء في المدينة وواحدة من أكبر المناطق الحضرية الخالية من السيارات في العالم. وقد أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1981 نظرًا لما تحويه من معالم تاريخية هامة. تتخلل أزقتها الضيقة مئات الحرف التقليدية والأسواق الشعبية التي تعكس نمط الحياة المغربي القديم، وتحتضن المدينة عددًا كبيرًا من المدارس العتيقة، والزوايا، والحمامات، والمنازل التقليدية ذات التصاميم الرائعة.

من أبرز معالم المدينة العتيقة:

• سوق العطارين: أحد أقدم الأسواق التقليدية المتخصصة في بيع الأعشاب، التوابل، العطور والمنتجات التقليدية المغربية.

• زنقة الصفارين: التي تحتضن واحدة من أقدم وأشهر الحرف اليدوية بالمغرب، وهي حرفة صناعة النحاس.

جامعة القرويين

جامعة القرويين هي من أعرق المؤسسات العلمية في العالم، وتُعد أقدم جامعة ما زالت تعمل حتى يومنا هذا، حيث تأسست سنة 859م على يد فاطمة الفهرية. لعبت هذه الجامعة دورًا محوريًا في نشر العلوم الشرعية والفكر الإسلامي، كما تخرج منها كبار العلماء والفقهاء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. وتتميز الجامعة بمعمارها الأندلسي البديع، وزخارفها الهندسية الدقيقة، ونقوشها العربية الأصيلة.

تضم الجامعة مكتبة تعتبر من أقدم المكتبات في العالم الإسلامي، وتحتوي على مخطوطات نادرة في شتى فروع المعرفة، من بينها نسخ أصلية لكتب ابن رشد وابن خلدون وغيرهم من أعلام الفكر العربي.

باب بوجلود

باب بوجلود هو أحد أشهر الأبواب التاريخية المؤدية إلى المدينة القديمة، ويتميز ببنائه الفخم المصمم على الطراز الأندلسي، وتغطيه الزليجات الفاسية التقليدية ذات اللونين الأزرق من جهة المدينة، والأخضر من جهة جامعة القرويين. يُعد الباب نقطة انطلاق مثالية لاكتشاف المدينة العتيقة، ويكتظ بالمقاهي والمحلات التي تعكس التراث الفاسي.

مدرسة العطارين

تُعتبر مدرسة العطارين واحدة من أروع الأمثلة على العمارة الإسلامية في المغرب. تأسست في القرن الرابع عشر الميلادي في عهد السلطان أبو سعيد عثمان المريني، وكانت مخصصة لتعليم الطلاب المذهب المالكي. تتميز المدرسة بزخارفها المدهشة التي تشمل الزليج الفاسي، ونقوش الجبس، وخشب الأرز المنحوت بطريقة دقيقة.

المدرسة تقع بالقرب من جامع القرويين، وتُعد من أجمل المعالم التعليمية التاريخية التي لا تزال تجذب الزوار والباحثين في العمارة الإسلامية حتى اليوم.

دار البطحاء ومتحف البطحاء

تقع دار البطحاء في قلب المدينة العتيقة، وقد كانت في الأصل قصرًا ملكيًا بناه السلطان الحسن الأول في نهاية القرن التاسع عشر، ثم تحولت إلى متحف يعرض جوانب من الحياة التقليدية المغربية. يضم المتحف مجموعات نادرة من الفخار، الزليج، المنسوجات، الحلي، الأسلحة التقليدية، ومقتنيات فنية تعود لعصور مختلفة.

كما يُعد القصر نفسه قطعة فنية من الطراز الراقي، حيث يتميز بحدائقه الأندلسية الهادئة، ونوافيره المرمرية، وأروقته المليئة بالتفاصيل الجمالية الأصيلة.

المدابغ التقليدية

تُعد مدابغ فاس من أكثر الأماكن تميزًا في المدينة، وتعود أصولها إلى العصور الوسطى. من أشهر هذه المدابغ:

• مدبغة الشوارة: التي تقع في قلب المدينة العتيقة وتُعتبر واحدة من أقدم المدابغ في العالم، حيث يُعالج فيها الجلد بطريقة تقليدية باستخدام مواد طبيعية مثل النعناع، الجير، والزعفران.

هذه المدابغ تشكل مشهدًا بصريًا فريدًا، إذ تتميز بأحواض متعددة الألوان يستخدمها العمال لدبغ وصباغة الجلود. وتُعد من بين أكثر المواقع جذبًا للسياح في المدينة، كما تساهم في استمرار حرفة تقليدية أصيلة.

جامع الأندلسيين

يقع جامع الأندلسيين في الجهة الشرقية من فاس البالي، وقد بني في القرن التاسع الميلادي من طرف المهاجرين الأندلسيين. يتميز هذا الجامع بزخارفه الرفيعة التي تجمع بين الفن المغربي والأندلسي، ويُعد من أقدم الجوامع في المدينة. كما يضم مئذنة فريدة وتفاصيل فنية تُظهر عراقة العمارة الإسلامية.

ضريح المولى إدريس الثاني

يُعد ضريح المولى إدريس الثاني واحدًا من أهم المعالم الدينية في مدينة فاس، حيث يُعتقد أنه مؤسس المدينة في صيغتها التوسعية الحديثة. يزوره آلاف الزوار سنويًا، طلبًا للبركة، أو للاطلاع على العمارة الإسلامية الغنية. يتميز الضريح بالزخارف الفاسية الأصيلة، ويُعتبر من أبرز المعالم الروحية في المدينة.

تلة زالاغ

توفر تلة زالاغ إطلالة بانورامية مدهشة على مدينة فاس، وخاصة على المدينة العتيقة بأسوارها القديمة ومآذنها المنتشرة. ويُعد هذا المكان مناسبًا لهواة التصوير والطبيعة، ويشكل متنفسًا لسكان المدينة.

القصر الملكي بفاس

القصر الملكي هو من أكبر القصور الملكية في المغرب، ويعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر. رغم أن الدخول إلى القصر غير مسموح للعامة، إلا أن زواره يُعجبون ببوابته الضخمة والمزينة بالزليج الفاسي، والأبواب النحاسية التي تعكس روعة الصنعة المغربية التقليدية. تحيط بالقصر أحياء تاريخية تضم دورًا تقليدية وأسواقًا نشطة.

جدول بأهم المعالم السياحية في فاس

أهمية فاس في السياحة الثقافية

تتمتع فاس بمكانة استثنائية في السياحة الثقافية نظرًا لغنى معالمها وتاريخها العريق. فهي ليست فقط مدينة للزيارة، بل تجربة حضارية قائمة بذاتها، حيث يمكن للزائر أن يغوص في عمق التاريخ المغربي الإسلامي من خلال المباني، الأصوات، الروائح، والحرف التقليدية. تُعد المدينة نموذجًا حيًا لمجتمع حضري تقليدي حافظ على نمط حياته ومؤسساته لقرون، وهذا ما يمنحها تميزًا يجعلها في مصاف المدن التاريخية العالمية مثل إسطنبول والقاهرة.

المراجع:

• اليونسكو، قائمة التراث العالمي: https://whc.unesco.org

• وزارة السياحة المغربية: https://www.visitmorocco.com