مشاكله النفسية ما دون السابعة

تُعد مرحلة الطفولة المبكرة، وخاصة ما دون السابعة من العمر، من أهم وأخطر المراحل التي يمر بها الإنسان خلال حياته، حيث تتشكل خلالها الأسس النفسية والعقلية التي تؤثر بشكل كبير على مستقبله وسلوكه الاجتماعي والعاطفي. في هذه المرحلة، يواجه الطفل مجموعة من المشكلات النفسية التي قد تكون عابرة أو مستمرة، وتحتاج إلى فهم عميق وعناية خاصة من قبل الأهل والمربين والأخصائيين النفسيين، لضمان نموه النفسي السليم وتطوره المتوازن.

خصائص المرحلة النفسية للطفل دون السابعة

الطفل في هذه المرحلة يعيش حالة من النمو السريع على جميع الأصعدة: الجسدية، العقلية، الاجتماعية، والعاطفية. ومن أبرز سمات هذه المرحلة:

• الاعتماد الكبير على البيئة المحيطة: الطفل يتعلم من خلال محاكاة السلوك، والتفاعل مع أهله ومحيطه.

• اللغة والقدرة على التعبير: الطفل يبدأ بتعلم اللغة وتطويرها، مما يتيح له التعبير عن مشاعره وأفكاره بشكل تدريجي.

• التعلق العاطفي: وجود روابط عاطفية قوية مع الوالدين أو من يقومون بالعناية به، وخصوصاً الأم.

• الفضول وحب الاستكشاف: الطفل يرغب في فهم العالم من حوله عبر اللعب والتجربة.

• الحساسية والضعف النفسي: بسبب عدم اكتمال نضجه العقلي والعاطفي، يكون الطفل عرضة للشعور بالخوف والقلق بسهولة.

كل هذه الخصائص تجعل الطفل في هذه المرحلة أكثر عرضة لمشكلات نفسية قد تؤثر في نموه إذا لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح.

أنواع المشكلات النفسية التي تواجه الطفل دون السابعة

1. مشكلات القلق والخوف

يُعد القلق من أكثر المشكلات النفسية شيوعاً في هذه المرحلة. يشعر الطفل بالخوف من أشياء قد تكون طبيعية مثل الظلام، الانفصال عن الوالدين، الأصوات العالية، أو حتى التغيرات المفاجئة في الروتين اليومي. في حالات شديدة قد يتحول القلق إلى اضطراب أكثر تعقيداً يؤثر في أداء الطفل اليومي.

2. اضطرابات النوم

غالباً ما يواجه الأطفال في هذا العمر مشاكل تتعلق بالنوم مثل الأرق، الكوابيس المتكررة، أو الاستيقاظ المفاجئ أثناء الليل. ترتبط هذه الاضطرابات بالعديد من العوامل النفسية مثل القلق أو الخوف أو حتى التوتر الناتج عن تجارب سلبية.

3. اضطرابات السلوك

تشمل هذه الاضطرابات سلوكيات عدوانية، تمردية، أو عزلة اجتماعية، حيث يبدأ الطفل في التعبير عن مشاعره السلبية بطريقة غير مناسبة، كالصراخ أو الضرب أو رفض التواصل مع الآخرين. قد تنشأ هذه الاضطرابات نتيجة التعرض لضغط نفسي أو مشاكل في البيئة الأسرية.

4. اضطرابات التعلق

قد يعاني بعض الأطفال من صعوبة في تكوين علاقات تعلق صحية مع الأشخاص المحيطين بهم. هذه الحالة تكون ظاهرة بشكل خاص في حالات الإهمال أو سوء المعاملة، حيث يشعر الطفل بعدم الأمان ويواجه صعوبة في بناء الثقة والعلاقات الاجتماعية مستقبلاً.

5. التأخر في التطور النفسي واللغوي

بعض الأطفال يعانون من تأخر في تطوير مهارات اللغة والتواصل، أو صعوبات في التعلم، مما قد يعكس مشكلات نفسية أو عصبية تحتاج إلى تدخل مبكر.

أسباب المشكلات النفسية في مرحلة الطفولة المبكرة

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور مشكلات نفسية عند الأطفال دون سن السابعة، ومن أبرزها:

أ. البيئة الأسرية

البيئة الأسرية هي العامل الأهم في تشكيل الصحة النفسية للطفل. وجود توترات عائلية مستمرة، انفصال الوالدين، العنف الأسري، أو الإهمال العاطفي، كلها عوامل تزيد من احتمالية ظهور مشكلات نفسية.

ب. التجارب السلبية أو الصدمات

تتعرض بعض الأطفال لمواقف صادمة مثل فقدان أحد الوالدين، الحوادث، الإساءة الجسدية أو النفسية، مما يترك أثراً عميقاً على نفسيتهم ويؤدي إلى اضطرابات نفسية مختلفة.

ج. العوامل البيولوجية والوراثية

تلعب العوامل الوراثية دوراً في احتمالية إصابة الطفل ببعض الاضطرابات النفسية، خصوصاً الاضطرابات العصبية أو النفسية مثل التوحد، اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، أو بعض اضطرابات المزاج.

د. نقص الدعم الاجتماعي والتربوي

غياب الدعم التربوي والنفسي المناسب من قبل الأهل أو المدرسة، أو عدم توفير بيئة محفزة وآمنة للطفل قد يؤدي إلى صعوبة في التأقلم والنمو النفسي السليم.

تأثير المشكلات النفسية على نمو الطفل

المشكلات النفسية في مرحلة الطفولة المبكرة ليست مجرد لحظات عابرة، بل يمكن أن يكون لها تأثير طويل المدى على حياة الطفل، وتشمل هذه التأثيرات:

• تأخر النمو العقلي: صعوبات في التعلم والانتباه.

• مشكلات في العلاقات الاجتماعية: عجز عن تكوين صداقات صحية والتواصل مع الآخرين.

• اضطرابات عاطفية: مثل القلق المستمر، الاكتئاب، أو اضطراب المزاج.

• مشكلات سلوكية مستمرة: قد تستمر إلى مراحل عمرية أكبر وتؤثر على التحصيل الدراسي والحياة الاجتماعية.

• تأثير على الصحة الجسدية: مثل اضطرابات النوم، مشاكل في الشهية، أو أمراض جسدية مرتبطة بالتوتر النفسي.

طرق التعامل مع المشكلات النفسية للأطفال دون السابعة

التدخل المبكر والملائم هو الخطوة الأهم في معالجة المشكلات النفسية عند الأطفال. ويشمل ذلك:

1. الدعم الأسري والتربوي

توفير بيئة آمنة ومستقرة داخل الأسرة، مع الحب والاهتمام المستمر، وتقديم الدعم النفسي للأطفال. كما يجب تدريب الأهل على فهم احتياجات الطفل النفسية وتعزيز مهارات التواصل الإيجابي.

2. الاستشارة النفسية المتخصصة

اللجوء إلى أخصائي نفسي للأطفال لاكتشاف طبيعة المشكلة بشكل دقيق وتطبيق العلاجات النفسية المناسبة مثل العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج باللعب، التي تساعد الطفل على التعبير عن مشاعره وتجاوز مشكلاته.

3. تعزيز مهارات التواصل واللعب

اللعب هو اللغة التي يفهمها الطفل، لذلك من خلال اللعب التفاعلي يمكن للأهل والمختصين مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره والتعامل مع مخاوفه بطريقة صحية.

4. تعديل البيئة المحيطة

ضمان أن تكون البيئة المدرسية والاجتماعية داعمة ومتفهمة لحالة الطفل، وتوفير أنشطة مناسبة تساعده على تطوير مهاراته الاجتماعية والنفسية.

5. المتابعة المستمرة

مراقبة حالة الطفل بانتظام للتأكد من تحسنه والتدخل المبكر عند ظهور أي علامات سلبية جديدة.

دور الأخصائي النفسي في مرحلة الطفولة المبكرة

يقوم الأخصائي النفسي بدور أساسي في التشخيص المبكر للمشكلات النفسية، وتحليل السلوك، وتقديم برامج علاجية ملائمة لكل حالة. تشمل تدخلاته:

• تقييم نفسي شامل: يشمل المقابلات، الملاحظة، والاختبارات النفسية.

• العلاج النفسي الفردي أو الجماعي: خاصة باستخدام أساليب اللعب والعلاج التربوي.

• التوجيه الأسري: تعليم الأهل كيفية التعامل مع الطفل وتقوية الروابط العاطفية.

• التعاون مع المدارس: لتوفير بيئة تعليمية مناسبة وداعمة.

التحديات التي تواجه علاج مشكلات الأطفال النفسية

رغم أهمية التدخل المبكر، إلا أن هناك عدة عقبات منها:

• قلة الوعي لدى الأهل: مما يؤدي إلى تأخر البحث عن المساعدة.

• وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية: التي قد تمنع الأهل من الاعتراف بالمشكلة.

• نقص الأخصائيين المدربين في مجال الطفولة المبكرة.

• قلة الموارد والدعم في بعض المجتمعات.

• تعقيد التشخيص بسبب عدم قدرة الطفل على التعبير الدقيق عن مشاعره.

أهمية الوقاية في المرحلة المبكرة

توفير بيئة مستقرة ومحفزة من الناحية العاطفية والاجتماعية هو من أهم سبل الوقاية من المشكلات النفسية عند الأطفال دون السابعة، وذلك من خلال:

• تعزيز التفاعل الأسري الإيجابي.

• توفير رعاية صحية ونفسية متكاملة.

• الاهتمام بالتعليم المبكر وتطوير المهارات الاجتماعية.

• خلق جو آمن بعيد عن العنف والإهمال.

جدول يوضح أهم المشكلات النفسية للأطفال دون السابعة وأسبابها وتأثيراتها

خاتمة

تُعد مرحلة الطفولة المبكرة مرحلة حاسمة في حياة الإنسان، حيث يمكن أن تؤثر المشكلات النفسية التي يواجهها الطفل دون سن السابعة بشكل مباشر على مستقبله النفسي والاجتماعي. لذا فإن فهم هذه المشكلات وأسبابها وطرق علاجها ووقايتها، يمثل مسؤولية مشتركة بين الأسرة، المدرسة، والمجتمع، مع ضرورة وجود أخصائيين نفسيين مدربين لدعم الطفل في هذه المرحلة الحساسة. الاهتمام بالصحة النفسية للطفل منذ نعومة أظافره، يضمن بناء شخصية قوية ومتوازنة قادرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة واستقرار.

المصادر

1. الدليل النفسي للأطفال: نشأة وتأثير المشكلات النفسية في مراحل الطفولة المبكرة، منشورات أكاديمية، 2020.

2. الجمعية الدولية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين، “التدخلات النفسية المبكرة للأطفال”، تقرير سنوي 2023.