يُعد الدونم من أكثر الوحدات استخدامًا في قياس المساحات الأرضية، خصوصًا في الدول التي كانت ضمن نطاق الدولة العثمانية سابقًا، مثل تركيا، العراق، سوريا، الأردن، فلسطين، ولبنان، إلى جانب بعض الدول الأخرى التي تأثرت بالنظام العثماني في تنظيم الأراضي والعقارات. ورغم التطور في أنظمة القياس العالمية وانتشار النظام المتري، ما زال الدونم يُستخدم بشكل واسع، سواء في المجالات الزراعية أو العقارية أو التنظيمية. لذلك، من الضروري فهم ماهية الدونم بدقة، وتاريخه، واستخداماته، والاختلافات الموجودة بين بلد وآخر فيما يخص قياسه.
أصل كلمة دونم واستخدامها التاريخي
كلمة “دونم” (Donum) من أصل عثماني، وقد اشتُقّت من الكلمة التركية “dönmek” التي تعني “الدوران” أو “الاستدارة”، في إشارة إلى المساحة التي يمكن لفلاح أن يحرثها باستخدام ثور أو حصان يدور حول الأرض خلال يوم عمل واحد. وكانت وحدة الدونم في العصر العثماني تمثل مساحة الأرض التي يستطيع فلاح حرثها خلال يوم واحد.
ومع تطور الحياة الزراعية والقياسات المساحية، أصبح “الدونم” وحدة معتمدة رسميًا في العديد من القوانين العقارية والتنظيمية العثمانية، وجرى تحديده لاحقًا بمساحة قياسية تختلف من منطقة إلى أخرى، بحسب نوع التربة، والظروف الجغرافية، وأنظمة الحكم المحلية.
كم يساوي الدونم؟
رغم أن الدونم وحدة شهيرة، إلا أن مساحته الفعلية تختلف بين الدول، وذلك يعود إلى اختلاف المعايير التي تم استخدامها عند وضع التعريف القانوني لهذه الوحدة. في العصر الحديث، تم اعتماد المساحة القياسية للدونم في بعض الدول بما يعادل 1000 متر مربع، ولكن لا يزال هناك تباين في القيم المعتمدة في بعض الدول الأخرى.
جدول يوضح مساحة الدونم في بعض الدول:
| الدولة | مساحة الدونم بالمتر المربع |
|---|---|
| تركيا | 1000 م² |
| العراق | 2500 م² |
| فلسطين | 1000 م² |
| الأردن | 1000 م² |
| سوريا | 2290 م² (تقريبًا) |
| لبنان | 900 إلى 1000 م² |
| قبرص | 1338 م² |
كما يتضح من الجدول، هناك فروقات واضحة في المساحة المعتمدة للدونم بين الدول، ما يستدعي الانتباه الشديد عند التعاملات العقارية أو الزراعية، خاصة في المناطق الحدودية أو في حالات المقارنة بين الاستثمارات الزراعية في أكثر من دولة.
الدونم والنظام المتري
من حيث النظام العالمي المعتمد حاليًا، يعتبر النظام المتري هو الأكثر شيوعًا وانتشارًا، حيث تُقاس المساحات بوحدات مثل المتر المربع (m²)، الهكتار (ha)، والكيلومتر المربع (km²). إلا أن وحدة الدونم لا تزال مستخدمة بشكل فعّال، خصوصًا في التعاملات غير الرسمية، مثل وصف الأراضي في الأرياف، أو تنظيم العقارات في المناطق التي لا تزال تتبع النظام القديم.
وبما أن الدونم يعادل 1000 متر مربع في بعض الدول، فإنه يُعتبر واحد من عشر الهكتار، لأن الهكتار الواحد يعادل 10,000 متر مربع.
أهمية الدونم في الزراعة والتخطيط العمراني
في القطاع الزراعي، يمثل الدونم وحدة مركزية تُستخدم لتحديد:
-
مساحة الحقول الزراعية
-
كميات المياه اللازمة للري
-
كميات الأسمدة المطلوبة
-
إنتاجية الأرض الزراعية
-
تقدير المحاصيل الزراعية للموسم
كما يُستخدم الدونم في التخطيط العمراني، حيث يُعتمد عليه لتقسيم الأراضي، وتحديد حدود القسائم، ووضع مخططات التنظيم البلدي في العديد من المدن والقرى.
الفرق بين الدونم القديم والجديد
في بعض الدول، مثل العراق وسوريا ولبنان، هناك فارق بين ما يُسمى “الدونم القديم” و”الدونم الجديد”. فمثلًا في العراق، يُعادل الدونم القديم 2500 متر مربع، بينما يُستخدم أحيانًا في بعض المعاملات دونم حديث بمساحة 1000 متر مربع تماشيًا مع النظم الحديثة، ما قد يسبب التباسًا في التقديرات العقارية. وفي سوريا، قد يُقصد بالدونم أحيانًا المساحة التي تُساوي 2290 متر مربع، ما يتطلب توضيحًا دائمًا في العقود والمستندات الرسمية.
التحول من استخدام الدونم إلى النظام المتري
رغم محاولات التحول الكامل إلى النظام المتري في عدة دول، إلا أن الاستخدام العملي لوحدة الدونم ما زال متجذرًا، ويرتبط بالعادات المحلية والتاريخية. فالمزارعون والتجار والسكان في الأرياف، وحتى في بعض المدن، لا يزالون يستخدمون الدونم كمرجع أساسي عند تقدير مساحة الأراضي.
هذا الاستمرار في الاستخدام لا يعود فقط إلى العادة، بل لأن الكثير من سجلات الأراضي القديمة، وخرائط التوزيع الزراعي، وتعليمات التصرف بالأراضي الحكومية ما زالت تعتمد على وحدة الدونم، ما يُصعب الانتقال السريع إلى الوحدات الحديثة بالكامل دون وجود خطة تحديث متكاملة.
استخدام الدونم في المعاملات العقارية
في العقارات، يُعد الدونم مكونًا أساسيًا في تحديد أسعار الأراضي، حيث يتم تسعير القسائم بحسب عدد الدونمات، مع تعديل السعر حسب موقع الأرض، وقربها من الخدمات، وطبيعتها (سكنية، زراعية، صناعية). وتُستخدم وحدة الدونم في التثمين العقاري، وتقدير الضرائب، وتنظيم العقود الرسمية وغير الرسمية.
إلا أن وجود أكثر من تعريف لمساحة الدونم في الدول المختلفة يُحتّم على المشترين والمستثمرين أن يكونوا على دراية دقيقة بالوحدة المعتمدة في المنطقة التي يتعاملون فيها، خاصة عند شراء أراضٍ من الخارج أو عند العمل في مجالات التطوير العقاري الإقليمي أو الدولي.
تحويلات وحدات الدونم
فيما يلي بعض التحويلات الشائعة المرتبطة بوحدة الدونم، استنادًا إلى الدونم المعتمد في تركيا وفلسطين والأردن (1000 م²):
-
1 دونم = 1000 متر مربع
-
1 دونم = 0.1 هكتار
-
1 دونم = 0.001 كيلومتر مربع
-
1 دونم = 1195.99 ياردة مربعة
-
1 دونم = 10763.91 قدم مربع
-
10 دونمات = 1 هكتار
أما في العراق، حيث الدونم = 2500 متر مربع، فإن:
-
1 دونم عراقي = 0.25 هكتار
-
1 دونم عراقي = 0.0025 كيلومتر مربع
الدونم في القوانين والتشريعات
تُذكر وحدة الدونم في العديد من القوانين العقارية والزراعية في الدول العربية، خاصة تلك التي تأثرت بالنظام العثماني. فعلى سبيل المثال، تعتمد قوانين توزيع الأراضي الزراعية الحكومية في العراق على الدونم كوحدة رئيسية. كما أن قوانين تنظيم المدن والبلديات في فلسطين والأردن ما زالت تستخدم الدونم في تحديد حقوق التملك والبناء.
وفي تركيا، رغم اعتماد النظام المتري رسميًا، إلا أن الدونم يبقى جزءًا من اللغة اليومية في وصف مساحات الأراضي، ويُستخدم حتى في التعاملات الرسمية في بعض الأحيان، خاصة في الأرياف والمناطق الزراعية.
الخلاصة
الدونم وحدة قياس تاريخية لا تزال تلعب دورًا محوريًا في الحياة اليومية، والزراعة، والعقار في العديد من الدول. وعلى الرغم من اختلاف مساحته بين الدول، إلا أن المعرفة الدقيقة بتعريفه المعتمد محليًا ضرورية لتفادي الأخطاء القانونية أو التقديرية. ومع استمرار الاعتماد عليه في المجالات الحيوية، سيظل الدونم وحدة قياس فعّالة، تُجسد توازنًا بين التاريخ والواقع المعاصر.
المراجع:
-
موسوعة المصطلحات الزراعية – جامعة بغداد
-
Turkish General Directorate of Land Registry
-
قانون تنظيم المدن والقرى – الأردن
-
هيئة الأراضي والمساحة – فلسطين
-
Syrian Land Measurement Standards
-
Iraqi Ministry of Agriculture – نظم التوزيع الزراعي
-
General Directorate of Mapping – Turkey

