أسباب وعلاج سيلان اللعاب

أسباب وعلاج سيلان اللعاب أثناء النوم

يُعتبر سيلان اللعاب أثناء النوم من الظواهر الشائعة التي قد يلاحظها العديد من الأشخاص عند الاستيقاظ من النوم، حيث يجد الفرد وسادته رطبة أو مبتلة بلعاب خرج من فمه أثناء النوم. وعلى الرغم من أنّ هذه الظاهرة قد تبدو غير ضارة في ظاهرها، فإنها قد تكون مؤشراً على وجود اضطرابات صحية كامنة أو خللاً في وظائف الجهاز العصبي أو التنفسي أو حتى نمط الحياة والنظام الغذائي. يتطلب التعامل مع سيلان اللعاب فهماً دقيقاً للأسباب المحتملة التي تؤدي إلى حدوثه، واتباع استراتيجيات علاجية فعّالة تعتمد على تشخيص الحالة بشكل دقيق.

أولاً: ما هو سيلان اللعاب أثناء النوم؟

اللعاب هو سائل شفاف تفرزه الغدد اللعابية في الفم باستمرار للمساعدة في عمليات الهضم والتذوق وتنظيف الفم ومنع تراكم البكتيريا. وفي الوضع الطبيعي، يقوم الإنسان بابتلاع اللعاب تلقائيًا دون وعي على مدار اليوم والليل. إلا أنّ هذا النمط قد يختل أثناء النوم، لا سيما في حالات معينة حيث تضعف عضلات الفم أو تنسد المسالك التنفسية، ما يؤدي إلى تدفق اللعاب من الفم دون ضبط.

ثانياً: الأسباب الطبية لسيلان اللعاب أثناء النوم

1. اضطرابات النوم

• انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (Obstructive Sleep Apnea): من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى سيلان اللعاب. في هذه الحالة، يتعرض مجرى التنفس للانسداد الجزئي أو الكامل، ما يؤدي إلى التنفس من الفم وفتح الفم بشكل مستمر أثناء النوم.

• النوم العميق غير الطبيعي: بعض الحالات التي تسبب النوم العميق المفرط أو ضعف الاستجابة العصبية قد تؤدي إلى فقدان السيطرة على عضلات الفم.

2. وضعية النوم

• النوم على أحد الجانبين أو على البطن يمكن أن يجعل الجاذبية تعمل على سحب اللعاب من الفم إلى الوسادة، لا سيما عند فتح الفم.

3. أمراض الجهاز العصبي

• الشلل الدماغي، مرض باركنسون، التصلب الجانبي الضموري ALS: هذه الأمراض تؤثر في التحكم العضلي والقدرة على البلع، ما يزيد من خطر تجمع اللعاب وسيلانه.

4. الحساسية والجيوب الأنفية

• انسداد الأنف المزمن بسبب التحسس أو التهاب الجيوب الأنفية يدفع الشخص للتنفس عبر الفم مما يزيد احتمالية خروج اللعاب أثناء النوم.

5. التهابات الفم أو اللثة أو تسوس الأسنان

• الحالات الالتهابية في الفم تحفز الغدد اللعابية على إفراز كميات زائدة من اللعاب كرد فعل دفاعي، مما قد يؤدي إلى تسربه أثناء النوم.

6. الآثار الجانبية لبعض الأدوية

• بعض الأدوية مثل مضادات الذهان، وأدوية الباركنسون، وبعض الأدوية العصبية تزيد من إفراز اللعاب أو تسبب ارتخاء عضلات الفم.

7. الحمل

• بعض النساء يعانين من زيادة في إفراز اللعاب خاصة خلال الأشهر الأولى من الحمل نتيجة التغيرات الهرمونية.

8. مشاكل الجهاز الهضمي

• الارتجاع المريئي قد يحفز إنتاج اللعاب كرد فعل من المعدة لمعادلة الحمض المرتفع في المريء.

9. التوتر والقلق

• الحالات النفسية والعصبية التي تسبب فرط تنبيه الجهاز العصبي السمبثاوي يمكن أن تؤدي إلى إفراط في إفراز اللعاب.

ثالثاً: التشخيص الطبي لسيلان اللعاب الليلي

قبل الشروع في العلاج، يجب تشخيص السبب الرئيسي لسيلان اللعاب من خلال:

• الفحص الإكلينيكي الشامل للفم، الأسنان، الحلق، والأنف.

• تحليل التاريخ الطبي لمعرفة إن كان المريض يعاني من أمراض عصبية أو تنفسية أو يتناول أدوية معينة.

• دراسة النوم (Sleep Study): إذا كان هناك اشتباه في وجود انقطاع التنفس أثناء النوم.

• تحاليل الدم إذا كانت هناك مؤشرات على التهابات مزمنة أو مشكلات جهاز مناعي.

• فحص الأشعة للجيوب الأنفية أو الحلق في حال وجود شك بوجود انسداد أو التهاب.

رابعاً: العلاجات المتاحة لسيلان اللعاب أثناء النوم

1. علاج السبب الأساسي

• في حال كان السبب هو الحساسية أو التهاب الجيوب، يتم وصف مضادات الهيستامين أو بخاخات الأنف الستيرويدية.

• إذا كان هناك ارتجاع مريئي، فيتم إعطاء أدوية تقلل من إفراز الحمض المعدي مثل مثبطات مضخة البروتون.

2. تعديل وضعية النوم

• ينصح بالنوم على الظهر بدلاً من النوم على الجنب أو البطن لتقليل فرصة فتح الفم أثناء النوم.

• يمكن استخدام وسادة طبية تدعم الرأس والرقبة بشكل جيد وتساعد على إبقاء الفم مغلقاً.

3. العلاج السلوكي والتدريبي

• تمارين علاج النطق والبلع تساعد في تدريب العضلات الفموية على الإغلاق الجيد وتقوية عضلات البلع.

• يمكن أن يتضمن العلاج أيضاً جلسات لتحسين التحكم العصبي بعضلات الفم والفك.

4. أجهزة الفم الطبية

• هناك أجهزة خاصة تُلبس في الفم أثناء النوم تساعد على إبقاء الفم مغلقاً وتوجيه اللسان لوضعية سليمة تمنع سيلان اللعاب.

5. الأدوية المضادة لإفراز اللعاب

• مضادات الكولين مثل السكوبولامين Glycopyrrolate أو البنزتروبين تساعد في تقليل إفراز اللعاب، لكن يُستخدم هذا الخيار بحذر نظراً لآثاره الجانبية.

6. حقن البوتوكس

• في بعض الحالات المزمنة، يمكن حقن البوتوكس في الغدد اللعابية لتقليل إفراز اللعاب بشكل مؤقت.

7. الجراحة

• في الحالات المستعصية، تُجرى عمليات جراحية لتقليل إفراز اللعاب، مثل إزالة الغدد اللعابية أو إعادة توجيه قنوات الغدد.

جدول توضيحي لأهم الأسباب والعلاجات المقترحة

خامساً: نصائح وقائية عامة

• تجنب تناول الطعام قبل النوم مباشرة، وخاصة الأطعمة الحارة أو الدهنية.

• الحفاظ على نظافة الفم والأسنان لمنع التهابات الغدد اللعابية.

• الالتزام بنظام غذائي متوازن يحتوي على ما يكفي من السوائل دون إفراط.

• تقليل استهلاك الكافيين والسكريات العالية في ساعات المساء.

• الاهتمام بعلاج أي التهابات فموية أو لثوية بشكل مبكر.

المراجع العلمية

1. National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS) – Parkinson’s Disease and Drooling Symptoms

2. American Sleep Association – Obstructive Sleep Apnea and Salivation during Sleep

يساهم فهم سيلان اللعاب أثناء النوم في التمييز بين كونه ظاهرة مؤقتة ناتجة عن وضعية النوم أو مشكلة تنفسية بسيطة، وبين كونه عرضاً مرضياً يستدعي التدخل الطبي. التقييم الدقيق والمتابعة المستمرة وتطبيق استراتيجيات العلاج المناسبة تضمن السيطرة على هذه الحالة وتحسين جودة النوم والحياة اليومية بشكل عام.