مشاكل البشرة خلال فترة الحمل وطرق علاجها

تمثل فترة الحمل مرحلة مفصلية في حياة المرأة، وتشهد خلالها تغيّرات كبيرة تطال معظم أجهزة الجسم، بما في ذلك الجلد. فنتيجة للتقلبات الهرمونية والاضطرابات في التوازن الغذائي والنفسي، تظهر على البشرة علامات ومشاكل قد تكون مؤقتة لكنها تؤثر بشكل مباشر على الثقة بالنفس وجودة الحياة. تتراوح مشاكل البشرة أثناء الحمل بين التصبغات، وحب الشباب، والجفاف، والتمددات الجلدية، والتغيرات في المظهر العام للبشرة. ورغم أن العديد من هذه التغيرات تزول بعد الولادة، إلا أن بعض الحالات قد تستدعي تدخلاً طبياً أو عناية خاصة خلال فترة الحمل لتقليل تأثيرها وتجنب تفاقمها.

التغيرات الهرمونية وأثرها على البشرة

خلال الحمل، يرتفع تركيز هرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون والبلاكتيك لاكتوجين، بالإضافة إلى زيادة تدفق الدم في الجسم بنحو 50%. هذه التغيرات تلعب دورًا رئيسيًا في تحفيز نشاط الغدد الدهنية وزيادة الميلانين، مما يؤدي إلى ظهور مشاكل جلدية تختلف حدتها من امرأة إلى أخرى.

دور الميلانين وزيادة التصبغات

ارتفاع مستويات الهرمونات الجنسية يؤدي إلى تحفيز الخلايا الميلانينية المسؤولة عن إفراز صبغة الميلانين، ما يتسبب في ظهور الكلف (قناع الحمل) والبقع الداكنة خاصة في الوجه، الخدين، الجبهة، والذقن. كما يزداد اسمرار مناطق معينة من الجسم مثل الحلمات، الفخذ الداخلي، والإبطين، إضافة إلى الخط البني الذي يظهر على البطن ويُعرف باسم “Linea Nigra”.

أهم مشاكل البشرة خلال فترة الحمل

1. الكلف (Melasma)

الكلف من أكثر مشاكل الجلد شيوعًا أثناء الحمل، ويعرف أيضًا باسم “قناع الحمل”. يظهر على شكل بقع بنية أو رمادية على مناطق الوجه المعرضة للشمس، بسبب تحفيز الهرمونات لإنتاج الميلانين.

طرق العلاج:

• استخدام واقي شمس بمعامل حماية عالٍ SPF 50+ يوميًا.

• تجنّب التعرض المباشر للشمس، خاصة خلال أوقات الذروة.

• استخدام كريمات موضعية تحتوي على فيتامين C أو حمض الكوجيك بعد استشارة الطبيب.

• بعد الولادة، يمكن اللجوء إلى التقشير الكيميائي أو الليزر لعلاج البقع المستعصية.

2. حب الشباب

تتغير مستويات الهرمونات خلال الحمل مما يزيد من إفراز الدهون في البشرة، ويؤدي ذلك إلى انسداد المسام وظهور حب الشباب خاصة في الثلث الأول من الحمل.

طرق العلاج:

• غسل الوجه بغسول لطيف غير كوميدوغينيك مرتين يوميًا.

• استخدام منتجات تحتوي على حمض الساليسيليك بتركيز منخفض لا يتعدى 2% بعد استشارة الطبيب.

• تجنّب العلاجات القاسية مثل الرتينويدات ومشتقات فيتامين A التي يُمنع استخدامها خلال الحمل.

3. جفاف البشرة والحكة

تعاني بعض الحوامل من جفاف البشرة نتيجة فقدان الرطوبة، ما يؤدي إلى الحكة وتهيج الجلد، خاصة في منطقة البطن والثديين.

طرق العلاج:

• استخدام مرطبات غنية بمكونات مثل زبدة الشيا، زيت جوز الهند، أو الجلسرين.

• تجنّب الصابون القاسي أو العطور الاصطناعية.

• شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على الترطيب الداخلي للبشرة.

4. التمددات الجلدية (Stretch Marks)

تظهر علامات التمدد الجلدية غالبًا في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل بسبب تمدد الجلد السريع نتيجة لنمو الجنين. تظهر في مناطق مثل البطن، الثديين، الفخذين، والأرداف.

طرق العلاج:

• استعمال كريمات مرطبة تحتوي على فيتامين E أو زيت اللوز الحلو.

• استخدام منتجات مخصصة للوقاية من التمدد مثل كريمات تحتوي على زبدة الكاكاو أو حمض الهيالورونيك.

• بعد الولادة يمكن استخدام الليزر أو الميكرونيدلينغ لتحسين مظهر العلامات.

5. الاحمرار والطفح الجلدي

قد تظهر حالات من الاحمرار أو الطفح الجلدي خلال الحمل، مثل الطفح الحراري نتيجة ارتفاع درجة حرارة الجسم، أو حالات نادرة مثل طفح الحمل الشائع PUPPP.

طرق العلاج:

• ارتداء ملابس قطنية وفضفاضة.

• استخدام بودرة التلك أو كريمات مضادة للتهيج.

• استشارة الطبيب في حال وجود طفح جلدي غير معتاد أو يسبب انزعاجًا شديدًا.

طرق العناية بالبشرة أثناء الحمل

العناية اليومية الآمنة

من المهم تبنّي روتين عناية بالبشرة يتناسب مع خصوصية الحمل:

• تنظيف البشرة بماء فاتر وغسول لطيف.

• ترطيب يومي باستخدام منتجات خالية من البارابين والعطور.

• استخدام واقي شمس يومي حتى في الأماكن المغلقة.

• تجنب العلاجات القاسية مثل التقشير العميق أو استخدام الأجهزة التي تبعث موجات حرارية أو كهرومغناطيسية.

التغذية السليمة وتأثيرها على البشرة

يلعب النظام الغذائي دورًا رئيسيًا في صحة الجلد. يجب التركيز على:

• تناول الأطعمة الغنية بالأوميغا 3 مثل السمك وزيت الكتان.

• الإكثار من الخضروات الورقية، الفواكه الغنية بالفيتامين C، والمكسرات.

• تجنّب الأطعمة المعالجة والمقلية والمليئة بالسكريات.

مكونات يُنصح بتجنبها خلال الحمل

بعض مكونات العناية بالبشرة يمكن أن تكون ضارة للجنين، ويجب تجنبها خلال الحمل:

العناية بالبشرة بعد الولادة

تستمر بعض مشاكل البشرة حتى بعد الولادة، ولكن الجسم يبدأ تدريجيًا باستعادة توازنه الهرموني، ما يساعد على تحسّن ملحوظ في حالة الجلد. وفي حال استمرار المشاكل، يمكن حينها استخدام مستحضرات أقوى أو الخضوع للعلاجات التجميلية التي كانت ممنوعة خلال الحمل.

تشمل الخطوات الأساسية للعناية بالبشرة بعد الولادة:

• تقشير خفيف للبشرة مرتين أسبوعيًا.

• استخدام مكونات فعالة مثل حمض الأزيليك، النياسيناميد، وفيتامين C.

• مراجعة طبيب الجلد في حال استمرار التصبغات أو ظهور مشاكل جديدة.

التغيرات التي قد تكون مؤشراً لحالة صحية خطيرة

رغم أن معظم مشاكل الجلد أثناء الحمل تعتبر طبيعية، إلا أن هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى حالات صحية تستدعي تدخلاً فورياً:

• الحكة الشديدة المصاحبة لاصفرار الجلد أو العينين، وقد تكون مؤشراً على ركود صفراوي داخل الكبد.

• الطفح الجلدي المتفشي والسريع، وهو ما قد يدل على حالة تسمى Pemphigoid gestationis، وهي من أمراض المناعة الذاتية النادرة.

في هذه الحالات، يُنصح بمراجعة الطبيب فورًا لتجنب أي مضاعفات صحية قد تطال الأم أو الجنين.

العناية النفسية وتأثيرها على الجلد

لا يمكن فصل الجانب النفسي عن الحالة الجلدية، فقد أظهرت دراسات عديدة وجود علاقة مباشرة بين القلق والتوتر ومشاكل البشرة مثل الأكزيما والوردية. الحمل بحد ذاته مرحلة مثقلة بالمشاعر المتضاربة، مما قد يؤدي إلى تفاقم بعض الحالات الجلدية. ينصح بممارسة تمارين التنفس، اليوغا الخاصة بالحوامل، والاهتمام بالنوم الجيد لتحسين صحة البشرة بشكل عام.

الختام

تمثل مشاكل البشرة أثناء الحمل تحديًا حقيقيًا لكثير من النساء، لكن بالوعي الكافي والعناية المستمرة يمكن تخفيف حدتها أو حتى تجنبها في بعض الحالات. الحفاظ على روتين آمن للعناية بالبشرة، الالتزام بتغذية صحية، والانتباه للمكونات المستخدمة كلها عوامل تساهم في تعزيز صحة البشرة خلال هذه المرحلة الحساسة. وبعد الولادة، يمكن للمرأة استعادة إشراق بشرتها تدريجياً باستخدام خيارات علاجية أكثر تنوعًا وفعالية، شرط أن تتم تحت إشراف طبي مختص.

المراجع:

1. American Academy of Dermatology Association – aad.org

2. Mayo Clinic – Pregnancy Skin Changes – mayoclinic.org