جونزالو هيجواين: مسيرة نجم الأرجنتين بين الأندية والمنتخب
يعدّ جونزالو هيجواين واحدًا من أبرز مهاجمي كرة القدم الأرجنتينيين في العقدين الأخيرين، حيث لُقّب بـ “البيبي” لمهاراته الفائقة وهدفيته الاستثنائية. منذ أن بدأ مسيرته الاحترافية في سن مبكرة، أثبت هيجواين نفسه كواحد من أفضل اللاعبين في العالم، وشهدت مسيرته العديد من اللحظات التاريخية التي جعلت منه نجمًا يتذكره عشاق كرة القدم في كل مكان.
البداية المبكرة: من الأرجنتين إلى أوروبا
وُلد جونزالو هيجواين في 10 ديسمبر 1987 في العاصمة الأرجنتينية، بوينس آيرس، في عائلة ذات جذور رياضية عميقة، حيث كان والده خورخي هيجواين لاعب كرة قدم سابق أيضًا. كانت البداية الرياضية لهيجواين في الأرجنتين حيث انطلقت مسيرته في أكاديمية “فريق إنديبندينتي” العريقة قبل أن ينتقل في سن الـ 18 إلى نادي ريفر بليت الأرجنتيني في عام 2005.
أظهر هيجواين، الذي كان يملك سرعة فائقة وحاسة تهديفية مذهلة، مهارات مميزة جعلته يلفت الأنظار بسرعة. في عام 2007، انطلقت مسيرته الاحترافية مع الفريق الأول، حيث أظهر قدرته على تسجيل الأهداف في المسابقات المحلية والعالمية، مما دفع الأندية الأوروبية الكبرى إلى الاهتمام به. في 2006، كان هيجواين جزءًا من المنتخب الأرجنتيني في كأس العالم، على الرغم من أنه لم يشارك بانتظام في المباريات.
الانتقال إلى أوروبا: قمة التألق مع ريال مدريد
في عام 2006، بعد أداء استثنائي مع ريفر بليت، انتقل هيجواين إلى أوروبا، حيث وقع عقدًا مع نادي ريال مدريد الإسباني. هناك، بدأت مسيرته الأوروبية بشكل جاد، حيث أظهر مهاراته في الدوري الإسباني (الليغا) وكذلك في البطولات الأوروبية، مثل دوري أبطال أوروبا.
خلال موسم 2007-2008، أصبح هيجواين أحد أبرز المهاجمين في الفريق الملكي. وكان معروفًا بسرعته الكبيرة وقدرته الفائقة على إنهاء الهجمات. في موسم 2009، سجل هيجواين عددًا كبيرًا من الأهداف، وحقق أداءً رائعًا ساعد ريال مدريد في المنافسة على الألقاب. لكنّ هيجواين لم يكن في أوج تألقه فقط بسبب قوته البدنية، بل أيضًا بسبب تحركاته الذكية على أرض الملعب وقدرته على قراءة اللعب.
طوال مسيرته مع ريال مدريد، قدم هيجواين مستويات رائعة ساعدت في فوز الفريق بالعديد من الألقاب المحلية والدولية، وكان رصيد أهدافه في مختلف المسابقات دليلاً على عطاءاته الهجومية. إلا أن هيجواين، وعلى الرغم من إنجازاته العديدة، لم يكن يحقق دائمًا النجاح المطلوب في المباريات الكبرى، وهو ما كان موضعًا للانتقادات بين فترة وأخرى.
نقلة نوعية: من ريال مدريد إلى نابولي
في 2013، بعد 7 سنوات ناجحة مع ريال مدريد، قرر هيجواين الانتقال إلى نادي نابولي الإيطالي، وهو القرار الذي شكل نقطة تحول في مسيرته. في نابولي، تحت قيادة المدرب الإسباني رافا بنيتيز، أبدع هيجواين وسجل العديد من الأهداف التي جعلت منه أحد أبرز اللاعبين في الدوري الإيطالي “السيري آ”. في موسم 2015-2016، سجل هيجواين 36 هدفًا في الدوري الإيطالي، محطمًا الرقم القياسي في البطولة للهدافين في موسم واحد.
وكان لهذا الإنجاز التأثير الكبير على سمعة هيجواين في أوروبا، حيث أصبح أحد أفضل المهاجمين في القارة العجوز. هذا التألق الكبير دفع كبار الأندية الأوروبية للتفكير في ضمه، وفي صيف 2016 انتقل هيجواين إلى نادي يوفنتوس الإيطالي في صفقة بلغت 90 مليون يورو، وهي إحدى أغلى صفقات انتقال المهاجمين في تاريخ كرة القدم.
التحدي في يوفنتوس: التتويجات والانكسارات
انضمام هيجواين إلى يوفنتوس كان خطوة هامة في مسيرته، حيث وجد نفسه في أحد أقوى الأندية الأوروبية، وفي مواجهة تحديات جديدة على مستوى دوري أبطال أوروبا والدوري الإيطالي. في موسمه الأول مع يوفنتوس، نجح هيجواين في إثبات جدارته بتسجيل العديد من الأهداف، مما ساعد الفريق على الفوز بعدد من البطولات المحلية. وحقق يوفنتوس في هذا الموسم لقبي الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا، حيث لعب هيجواين دورًا كبيرًا في هذه الانتصارات.
لكن، وعلى الرغم من التألق المحلي، كانت الأمور مختلفة في المسابقات الأوروبية. في دوري أبطال أوروبا، كان يوفنتوس يعاني من الفشل في الوصول إلى النهائي، حيث خسر الفريق في 2017 أمام ريال مدريد في النهائي، وفي 2018 أمام ريال مدريد أيضًا في دور الـ 8. هذا الفشل في التألق على الساحة الأوروبية كان مصدرًا للانتقادات تجاه هيجواين، حيث كان يُنظر إليه أحيانًا على أنه لا يحقق الأداء المنشود في المباريات الكبرى.
وفي عام 2018، قرر يوفنتوس إعارته إلى تشيلسي الإنجليزي لموسم واحد، حيث استمر في تقديم أداء جيد مع الفريق اللندني، رغم أنه لم يكن بنفس تألقه السابق في الدوري الإيطالي. وبعد فترة قصيرة مع تشيلسي، عاد هيجواين إلى يوفنتوس في 2019، لكن لم تكن الأمور كما كانت في السابق.
الانتقال إلى ميلان وإنهاء مشواره في أمريكا
في 2019، شهد هيجواين مرحلة جديدة في مسيرته بعد انتقاله إلى ميلان الإيطالي على سبيل الإعارة، حيث لعب موسمًا آخر في “السيري آ” قبل أن ينهي مسيرته الأوروبية. في 2020، انتقل هيجواين إلى الدوري الأمريكي الممتاز، حيث انضم إلى فريق إنتر ميامي، ليختتم مسيرته الاحترافية في القارة الأمريكية.
خلال مشواره في الدوري الأمريكي، أظهر هيجواين بعض من لمحات تألقه السابقة، ولكن بعد فترة قصيرة أعلن عن اعتزاله كرة القدم نهائيًا. وقد أثار قرار هيجواين باعتزاله في سن مبكرة بعض التساؤلات في الوسط الرياضي، لكنه يبقى واحدًا من أبرز مهاجمي الأرجنتين في العصر الحديث.
هيجواين مع منتخب الأرجنتين: لحظات من الفشل والتألق
لم يكن هيجواين نجمًا فقط على مستوى الأندية، بل كانت له مسيرة كبيرة مع المنتخب الأرجنتيني، الذي شارك معه في العديد من البطولات الكبرى. منذ أن بدأ مسيرته مع المنتخب في 2009، كان هيجواين جزءًا أساسيًا من تشكيلة “التانغو” في العديد من البطولات، بما في ذلك كأس العالم وكأس كوبا أمريكا.
لكن، على الرغم من إمكانياته الكبيرة، ارتبطت مسيرة هيجواين مع المنتخب الأرجنتيني بالكثير من الإخفاقات في النهائيات. ففي نهائي كأس العالم 2014، وفي مباراة حاسمة ضد ألمانيا، أضاع هيجواين فرصة سهلة للتسجيل، مما أثار العديد من الانتقادات ضده. ورغم ذلك، كان هيجواين أحد أفضل اللاعبين في المنتخب الأرجنتيني في تلك البطولة، وساهم في وصول الفريق إلى النهائي.
كما شهدت مسيرته في كوبا أمريكا بعض اللحظات المثيرة للجدل، حيث تكررت الإخفاقات في النهائيات. ورغم ذلك، كان هيجواين دائمًا أحد الأهداف الهجومية المهمة للمنتخب الأرجنتيني، وظل يحتفظ بمكانته في التشكيلة الأساسية طوال مسيرته الدولية.
الخاتمة: إرث هيجواين في كرة القدم
على الرغم من العديد من الانتقادات التي صاحبت مسيرته، خاصة فيما يتعلق بإضاعته لبعض الفرص الحاسمة في المباريات الكبيرة، يظل جونزالو هيجواين واحدًا من أعظم المهاجمين الذين أنجبتهم كرة القدم الأرجنتينية والعالمية. لقد ترك إرثًا قويًا في الأندية التي لعب لها، من ريال مدريد إلى نابولي ويوفنتوس، إضافة إلى مشاركته اللامعة مع المنتخب الأرجنتيني.
على الرغم من أنه لم يحقق كل الألقاب التي كان يأمل بها، مثل دوري أبطال أوروبا أو كأس العالم، إلا أن هيجواين ظل لاعبًا مميزًا، وقدم الكثير للكرة العالمية. تاريخ هيجواين هو تاريخ مهاجم موهوب، أبدع في العديد من البطولات، ورفع مستوى كرة القدم في كل الأندية التي مثلها.
