مساحة أوكرانيا وعدد سكانها

تعد أوكرانيا من أكبر الدول في القارة الأوروبية من حيث المساحة، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي على مفترق طرق بين أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية، ما جعلها محوراً أساسياً في السياسة والاقتصاد الإقليمي والدولي. تتسم أوكرانيا بتنوع طبيعي ومناخي، كما تلعب مساحتها الواسعة دوراً مركزياً في تحديد أهميتها الجيوسياسية والاقتصادية والزراعية.

المساحة الجغرافية لأوكرانيا

تبلغ المساحة الإجمالية لأوكرانيا 603,550 كيلومتراً مربعاً، ما يجعلها ثاني أكبر دولة في أوروبا بعد روسيا، وأكبر دولة تقع بالكامل داخل القارة الأوروبية دون أن يكون جزء منها في آسيا. وتمتد أوكرانيا من بحر آزوف والبحر الأسود جنوباً إلى حدود روسيا شمالاً وشرقاً، ومن بولندا وسلوفاكيا والمجر غرباً حتى بيلاروسيا شمالاً.

يمتد طول أوكرانيا من الشرق إلى الغرب لمسافة تقارب 1,316 كيلومتراً، ومن الشمال إلى الجنوب بمسافة تتراوح بين 893 كيلومتراً، ما يمنحها تنوعاً طبيعياً كبيراً، بدءاً من السهول الخصبة وحتى الجبال والغابات. وتُعتبر السهول الأوكرانية (المعروفة باسم “السهوب”) من أكثر الأراضي الزراعية خصوبة في العالم، خاصة في منطقة الحزام الأسود الغني بالتربة الطينية السوداء.

الحدود الجغرافية والموقع الإقليمي

يحد أوكرانيا عدد كبير من الدول، ما يزيد من أهميتها السياسية والجغرافية:

وتطل أوكرانيا أيضاً على البحر الأسود والبحر آزوف، مما يمنحها موقعاً بحرياً مهماً يسهم في التجارة والنقل البحري والصادرات الزراعية والصناعية. ميناء أوديسا هو أحد أهم الموانئ في منطقة البحر الأسود، ويُعتبر شرياناً حيوياً للاقتصاد الأوكراني.

التركيبة الجغرافية والتضاريس

تتنوع تضاريس أوكرانيا بين سهول شاسعة وجبال متوسطة الارتفاع وغابات كثيفة. وتضم البلاد سلاسل جبلية مثل:

• جبال الكاربات في الغرب، والتي تمتد إلى حدود بولندا وسلوفاكيا ورومانيا، وتصل أعلى قممها (هورا هوفرلا) إلى 2,061 متراً.

• جبال القرم جنوب البلاد، وتطل على البحر الأسود، لكنها حالياً تحت السيطرة الروسية بعد ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.

يُشكّل نهر دنيبرو (دنيبر) الشريان المائي الرئيسي للبلاد، ويمتد بطول 981 كم داخل الأراضي الأوكرانية، وهو ثالث أطول نهر في أوروبا بعد الفولغا والدانوب. وتُستخدم مياهه لأغراض الشرب، والزراعة، والصناعة، وتوليد الطاقة الكهرومائية.

المناخ والتنوع الطبيعي

المساحة الشاسعة لأوكرانيا تمنحها تنوعاً مناخياً ملحوظاً. يسود المناخ القاري المعتدل معظم أرجاء البلاد، مع شتاء بارد وصيف دافئ. يزداد التأثير المحيطي في الجنوب والغرب نتيجة القرب من البحر الأسود، بينما تزداد البرودة في الشمال الشرقي.

يشمل التنوع الطبيعي في أوكرانيا الغابات المختلطة، والمروج، والجبال، والبحيرات، والمستنقعات، والأنهار، مما يجعلها موطناً لعدد كبير من الأنواع النباتية والحيوانية. وتمثل الغابات حوالي 16% من إجمالي مساحة البلاد، وتضم أنواعاً نادرة من النباتات والحيوانات المحمية.

التركيبة السكانية في أوكرانيا

رغم المساحة الشاسعة، فإن الكثافة السكانية في أوكرانيا ليست مرتفعة مقارنة بدول أوروبية أخرى. ووفقاً لتقديرات عام 2023، بلغ عدد سكان أوكرانيا حوالي 36.7 مليون نسمة، وهو انخفاض ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة بسبب الهجرة والنزاع المسلح.

وقد شهدت أوكرانيا انخفاضاً سكانياً مستمراً منذ التسعينيات بسبب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى النزاعات السياسية والهجرة الجماعية، خصوصاً بعد عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، وبعد اندلاع الحرب في شرق البلاد، واشتداد النزاع مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022.

توزيع السكان غير متساوٍ؛ حيث تتركز الكثافة السكانية في المناطق الحضرية وفي الأقاليم الغربية والوسطى، بينما تنخفض في الشرق والجنوب الشرقي نتيجة النزاعات. وتشكل كييف العاصمة أكبر المدن الأوكرانية وأكثرها سكاناً، تليها خاركيف، أوديسا، دنيبرو، ودونيتسك (التي تضررت بشدة نتيجة الحرب).

أهمية أوكرانيا الجغرافية والاقتصادية

تلعب المساحة الشاسعة دوراً استراتيجياً في تحديد ثقل أوكرانيا على الساحة الإقليمية والدولية. فإلى جانب موقعها الحدودي مع روسيا والاتحاد الأوروبي، تمتلك أوكرانيا أراضي خصبة جعلتها تعرف بـ”سلة خبز أوروبا”. وتُعد من كبار المنتجين والمصدرين العالميين للحبوب، خصوصاً القمح، الذرة، والشعير، إضافة إلى زيت دوار الشمس.

كما تحتوي البلاد على موارد طبيعية مهمة مثل الحديد، الفحم، الغاز الطبيعي، المنغنيز، النيكل، والأراضي الصالحة للزراعة التي تغطي نحو 70% من المساحة الكلية للبلاد. وتنتشر الصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة في مختلف أنحاء البلاد، ما يعزز مكانتها كقاعدة صناعية مهمة في أوروبا الشرقية.

التحديات المرتبطة بالمساحة والوضع السياسي

رغم المساحة الواسعة، تواجه أوكرانيا تحديات جسيمة في إدارتها الجغرافية والاقتصادية، وعلى رأسها:

• النزاعات الحدودية والسياسية: مثل النزاع مع روسيا حول شبه جزيرة القرم ومناطق دونيتسك ولوهانسك.

• النزوح السكاني الداخلي والخارجي بسبب الحرب.

• ضعف البنية التحتية في بعض المناطق الريفية نتيجة الفساد والإهمال المزمن.

• تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الزراعة والصناعة والبنية التحتية، حيث تضررت مساحات شاسعة من الأراضي، ما أثّر على الإنتاج والصادرات.

مقارنة أوكرانيا بالدول الأوروبية الأخرى

يوضح الجدول التالي مقارنة بين مساحة أوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية الكبرى:

الخاتمة

تُعد أوكرانيا من أكبر وأهم الدول الأوروبية من حيث المساحة والموقع الجغرافي. هذه المساحة الشاسعة لم تمنحها فقط تنوعاً طبيعياً ومناخياً وموارد اقتصادية غنية، بل جعلت منها أيضاً نقطة استراتيجية حيوية في التوازنات الجيوسياسية الإقليمية والدولية. ومع ذلك، فإن التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، خصوصاً في ظل النزاع المسلح المستمر، تفرض واقعاً معقداً يتطلب استراتيجيات طويلة الأمد للحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية وتنميتها المستدامة.

المصادر والمراجع:

1. الموقع الرسمي لجهاز الإحصاء الأوكراني — ukrstat.gov.ua

2. البنك الدولي — قاعدة بيانات الدول

3. CIA World Factbook – Ukraine

4. الأمم المتحدة – تقارير السكان والهجرة

5. خرائط ومصادر وزارة الجغرافيا الأوكرانية