الرواية “مرّ” لدانييل ستيل: قصة عن القرارات الجديدة والبدايات المتجددة
تُعَدّ رواية “مرّ” للكاتبة دانييل ستيل واحدة من أبرز أعمالها التي تُعبّر عن التحديات التي يواجهها الأفراد في مسيرتهم نحو تحقيق الذات وتجديد حياتهم. نُشرت الرواية في مارس من عام 1999 عن دار النشر “ديلا كورت بريس”، وهي تصف بدقة رحلة شخصية محفوفة بالتحديات والتجارب، وتُعَرِّف القارئ بقصة امرأة تُعيد اكتشاف نفسها وتواجه التحولات العميقة في حياتها.
تبدأ الرواية بقصة إنديا تايلور، وهي امرأة تعيش في عالم مترف يتميز بالانتظام والتنسيق، حيث يُمثل العشب الأخضر المُهَندَم والمواعيد المنظمة صورة مثالية للحياة التي تختارها. إنديا، التي كانت في السابق مصورة صحفية ناجحة، اختارت حياة مليئة بالتفاني والتضحية في إطار عائلتها، متمثلة في زوجها دوغ وأطفالها الأربعة. هذه الحياة التي اختارتها كانت تتضمن التزاماً عميقاً ورعاية مستمرة، إلى أن بدأت تشعر بأن ثمن هذه التضحيات كان باهظاً.
كان يبدو أن الحياة التي اختارتها إنديا كانت مكتملة. فقد كانت تؤمن بأن الزواج والعائلة يمثلان أكبر ما يمكن تحقيقه في الحياة، وأن نجاحاتها السابقة في مجال التصوير الصحفي كانت مجرد جزء من ماضيها. لكن مع مرور الوقت، بدأت تشعر بأن هذه الحياة لم تكن كما كانت تأملها. كان الأمر واضحاً عندما تلقت مكالمة من وكيلها يطلب منها قبول مهمة صحفية جديدة، لكن دوغ كان مصمماً على رفضها، مما جعلها تشعر بأن قيمتها لم تُقدَّر كما يجب.
ثم دخلت شخصية بول وارد، رجل الأعمال الناجح المتزوج من كاتبة مشهورة، الذي يعيش حياة مليئة بالرفاهية والسفر. لم يكن من المخطط أن تصبح إنديا صديقة لبول، لكن الحديث معه كان سهلاً ومريحاً، وبدأت تشارك أحلامها وتقدم له الدعم في أوقات حزنه. بول كان يشجع إنديا على استعادة مسيرتها المهنية، مما دفعها لتجد الشجاعة وتبدأ في استعادة إبداعها وثقتها بنفسها. بالرغم من معارضة دوغ القوية، استمرت إنديا في التحرر من القيود التي كانت تشدها إلى حياتها السابقة، مستلهمةً من دعم بول.
تتطور الأحداث في الرواية لتكشف عن رحلة إنديا المؤلمة والمثيرة في ذات الوقت، حيث تبدأ في التغيير تدريجياً وتعيد اكتشاف ذاتها. لم يعد بإمكانها العودة إلى الحياة التي كانت تعيشها من قبل. تصف الرواية بصور مؤثرة كيف أن إنديا تواجه قراراً حاسماً، وهو مغادرة مكان آمن ومعروف إلى عالم مليء بال未知ات، وهو قرار يتطلب شجاعة هائلة.
“مرّ” ليست مجرد رواية رومانسية معاصرة، بل هي دراسة عميقة لعملية التجدد الشخصي والتحديات التي تصاحبها. تقدم دانييل ستيل في هذه الرواية صورة حية لامرأة تجرؤ على بدء مغامرة جديدة، وتوضح كيف أن وجود شخص يدعمه يمكن أن يكون له تأثير عميق على مسار الحياة.
تسبر الرواية أغوار العلاقات الإنسانية، والتوازن بين الالتزام الشخصي وتحقيق الذات، مما يجعلها قراءة ملهمة لمن يسعى لإعادة اكتشاف نفسه ومواجهة تحديات الحياة بثقة وشجاعة. وبذلك، تُعدّ “مرّ” شهادة على قوة الإرادة والتغيير، وتستحق أن تُقرأ من قبل كل من يسعى لتغيير حياته واكتشاف إمكانياته الكامنة.