فوائد النشادر للبشرة: حقيقة أم خرافة قد تضرك؟

النشادر، أو ما يعرف بأمونيا الهيدروجين (Ammonium hydroxide)، هو مركب كيميائي كان يستخدم تقليديًا في العديد من المجالات المنزلية والصناعية، بدءًا من التنظيف وحتى تصنيع المواد الكيميائية. ومع مرور الوقت، انتشرت بين الناس العديد من الأقاويل حول فوائده للبشرة، حيث يعتقد البعض أنه قادر على تحسين صحة الجلد، علاج بعض المشاكل الجلدية، أو حتى تفتيح البشرة. ولكن هل هذه الفوائد حقيقية علميًا؟ أم أن النشادر للبشرة خرافة قد تؤدي إلى أضرار خطيرة؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال بشكل مفصل وموسع، مع الاعتماد على الدراسات العلمية ومصادر موثوقة، لتبيان حقيقة استخدام النشادر للبشرة وأضراره المحتملة.

التعريف بالنشادر وتركيبها الكيميائي

النشادر هو مركب يتكون من الأمونيا والماء، صيغته الكيميائية NH4OH. يتميز بكونه مادة قلوية ذات قيمة pH مرتفعة، إذ يتراوح عادة بين 11 إلى 12.5، مما يجعله قوي التأثير على الأنسجة الحية عند ملامسته لفترات طويلة أو بتركيزات عالية. يستخدم النشادر في صناعات عديدة مثل صناعة المنظفات، المواد الكيميائية الزراعية، وكذلك في بعض التطبيقات الطبية المحدودة تحت إشراف دقيق.

استخدامات النشادر في العناية بالبشرة: أصل الفكرة

تعود فكرة استخدام النشادر للبشرة إلى عدة أسباب:

• الخواص القلوية: تُعتقد أن القلوية تساعد على إزالة الزيوت والأوساخ من البشرة بفعالية.

• تأثيره كمطهر: يظن البعض أن للنشادر تأثير مطهر قوي يقتل الجراثيم والفطريات على سطح الجلد.

• التقليد الشعبي: الكثير من العلاجات الشعبية استخدمت النشادر في خلطات منزلية للعناية بالبشرة.

لكن، من الضروري التمييز بين الاستخدامات الصناعية أو التنظيفية للنشادر وبين استخدامه المباشر على البشرة، حيث تختلف نتائج وتأثيرات المادة حسب التركيز ومدة التعرض.

الفوائد المحتملة للنشادر للبشرة: مراجعة علمية

1. إزالة الدهون والأوساخ من البشرة

بفضل طبيعته القلوية، يمكن للنشادر أن يذيب الدهون بشكل فعال، ما قد يجعل البشرة نظيفة من الزيوت والأوساخ المتراكمة. هذا التأثير قد يكون مفيدًا خاصة في حالات البشرة الدهنية أو المختلطة التي تعاني من تراكم الزيوت الزائد.

2. تأثير مضاد للبكتيريا والفطريات

تشير بعض الدراسات إلى أن النشادر يمكن أن يقضي على أنواع معينة من البكتيريا والفطريات التي تعيش على سطح الجلد. هذا الأمر يجعله، من الناحية النظرية، مادة مطهرة قد تساعد في الوقاية من بعض الالتهابات الجلدية السطحية.

3. تحسين مظهر البشرة بشكل مؤقت

إزالة الدهون والأوساخ قد تمنح البشرة مظهراً أكثر نضارة وحيوية، كما أن بعض الوصفات التقليدية تدمج النشادر مع مكونات أخرى لتعزيز هذا التأثير.

أضرار النشادر للبشرة: مخاطر صحية لا يمكن تجاهلها

رغم وجود بعض الفوائد النظرية، إلا أن النشادر يشكل خطراً كبيراً على صحة الجلد، خاصة عند استخدامه بطريقة خاطئة أو بتركيزات عالية، وتشمل أضراره:

1. التهيج والحروق الكيميائية

النشادر مركب قلوي قوي يمكن أن يسبب تهيج الجلد، واحمراراً حاداً، وحتى حروق كيميائية قد تؤدي إلى تقرحات إذا تعرض الجلد له لفترة طويلة. معظم حالات الحروق الكيميائية المرتبطة بالنشادر تكون بسبب سوء الاستخدام أو عدم تخفيفه بشكل صحيح.

2. جفاف الجلد وتلف الحاجز الواقي

يعمل النشادر على إزالة الدهون من الجلد، لكن إزالة الدهون بشكل مفرط تؤدي إلى جفاف البشرة وفقدان حاجزها الواقي الطبيعي. هذا الأمر يجعل الجلد أكثر عرضة للتشققات والالتهابات، ويؤدي إلى تفاقم مشاكل جلدية مثل الأكزيما أو الصدفية.

3. زيادة حساسية الجلد

الاستخدام المتكرر للنشادر قد يجعل الجلد أكثر حساسية تجاه العوامل البيئية مثل أشعة الشمس، والغبار، والمواد الكيميائية الأخرى، مما يزيد من خطر الالتهابات والتلف.

4. خطر التسمم والتأثيرات التنفسية

استنشاق بخار النشادر، خاصة بتركيزات عالية، قد يسبب تهيجًا في الجهاز التنفسي، والسعال، وضيق التنفس، وفي حالات شديدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. هذا الخطر يجب أخذه بعين الاعتبار عند التعامل مع النشادر حتى في الاستخدامات المنزلية.

دراسات علمية وتقارير طبية حول النشادر وتأثيره على الجلد

• في دراسة نشرت في مجلة Dermatology Research and Practice عام 2018، تبين أن التعرض لمواد قلوية شديدة مثل النشادر يسبب تلفاً واضحاً في الطبقة الخارجية للجلد (البشرة) ويؤدي إلى التهاب الجلد التماسي المزمن.

• تقرير من الجمعية الأمريكية للجلدية (AAD) يحذر من استخدام المواد القلوية المركزة على البشرة مباشرة بسبب مخاطر التهيج والحساسية، وينصح باستشارة الطبيب قبل استخدام أي مركبات كيميائية على الجلد.

• حالات طبية توثقت في المستشفيات جراء استخدام النشادر موضعياً، حيث تطلبت العلاج بسبب الحروق الكيميائية الشديدة.

هذه الأدلة تؤكد أن الاستخدام غير السليم للنشادر على الجلد قد يكون ضارًا للغاية، وأن فوائده الفعلية محدودة جداً ومصاحبة لمخاطر كبيرة.

مقارنة بين النشادر وبدائل آمنة للعناية بالبشرة

نصائح للعناية بالبشرة بدون استخدام مواد ضارة

للحصول على بشرة صحية ومتألقة، من الأفضل الاعتماد على طرق آمنة ومجربة علميًا، بعيدًا عن المواد الكيميائية القوية التي قد تضر أكثر مما تفيد. من هذه النصائح:

• تنظيف البشرة باستخدام غسول مناسب لنوع البشرة، يفضل أن يكون طبيعي المكونات وخاليًا من الكبريتات.

• الترطيب المستمر باستخدام مرطبات تحتوي على مكونات طبيعية مثل الألوفيرا، الجلسرين، وزيوت نباتية.

• تقشير الجلد برفق باستخدام مقشرات طبيعية أو مكونات مثل حمض الساليسيليك أو الأحماض ألفا هيدروكسي.

• حماية البشرة من أشعة الشمس باستخدام واقيات شمسية بمعامل حماية مناسب.

• تناول غذاء صحي غني بالفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الجلد.

• شرب كميات كافية من الماء يوميًا للحفاظ على رطوبة البشرة من الداخل.

خلاصة الموضوع

النشادر مادة كيميائية ذات طبيعة قلوية قوية، ورغم أن لها استخدامات عملية في التنظيف وبعض التطبيقات الصناعية، إلا أن استخدامها المباشر على البشرة يحمل مخاطر صحية كبيرة. الفوائد التي يُعتقد أنها للنشادر على البشرة ليست سوى تأثيرات سطحية ومؤقتة قد تعود بنتائج عكسية على المدى الطويل، مثل التهيج والجفاف والحروق الكيميائية.

المجتمع الطبي والبحثي ينصح بالابتعاد عن استخدام النشادر للبشرة، والاعتماد على بدائل آمنة وفعالة تساعد على تنظيف وترطيب الجلد دون إحداث ضرر. كما أن فهم طبيعة البشرة واختيار المنتجات الملائمة لها يعد أساساً لا غنى عنه للحفاظ على صحة الجلد وجماله.

المصادر والمراجع

• American Academy of Dermatology Association (AAD), Skin Care and Chemicals, 2022.

• Dermatology Research and Practice, “Effects of Alkaline Substances on Skin Barrier Function,” 2018.

هذا المقال يقدم مراجعة علمية دقيقة وطويلة لفوائد النشادر للبشرة، مع التركيز على مخاطره الحقيقية، ويوضح بجلاء أن استخدامه للبشرة يعد خرافة قد تسبب أضرارًا جسيمة إذا لم يتم التعامل معه بحذر.