الجاثوم: أسبابه وعلاجه

الجاثوم (شلل النوم): تعريفه، أسبابه، أعراضه وطرق علاجه

يعتبر الجاثوم أو ما يعرف طبياً بشلل النوم واحداً من الظواهر المثيرة للقلق والتي يتعرض لها الكثير من الأشخاص أثناء نومهم. رغم أن هذه الحالة غير خطيرة في معظم الحالات، إلا أن تأثيراتها على الصحة النفسية والجسدية قد تكون كبيرة، مما يجعلها أحد المواضيع التي تستدعي الانتباه. يتمثل الجاثوم في حالة مؤقتة من الشلل العضلي المؤقت الذي يصاحب الوعي الكامل أو شبه الكامل، حيث يشعر المصاب أنه غير قادر على تحريك جسده، رغم أنه مدرك تماماً لما يحدث حوله.

في هذا المقال، سنستعرض مفهوم الجاثوم بشيء من التفصيل، موضحين أسبابه، الأعراض التي قد تصاحب هذه الحالة، وكيفية التعامل معها. كما سنتطرق إلى الحلول العلاجية والنصائح التي يمكن أن تساعد في تقليل حدوث الجاثوم أو التغلب عليه.

تعريف الجاثوم

يُعرف الجاثوم (شلل النوم) على أنه حالة من الشلل المؤقت الذي يحدث أثناء الانتقال بين النوم واليقظة. يحدث ذلك عندما تكون عضلات الجسم مشلولة مؤقتاً بينما يكون الدماغ في حالة وعي جزئي أو كامل. يشعر الشخص أثناء هذه الحالة أنه غير قادر على تحريك جسده أو حتى إصدار أي صوت. في بعض الحالات، قد يصاحب الجاثوم شعور بوجود شخص آخر في الغرفة أو سماع أصوات غريبة، مما يجعل التجربة أكثر رعباً.

وعلى الرغم من أن هذه الحالة قد تكون مزعجة بشكل كبير، إلا أن الجاثوم عادة ما يكون غير ضار ولا يسبب أي أضرار جسدية طويلة الأمد. ومع ذلك، فإن تكرار حدوثه قد يؤدي إلى مشاكل نفسية مثل القلق أو الاكتئاب.

كيف يحدث الجاثوم؟

للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نفهم أولاً كيف يعمل النوم بشكل عام. أثناء النوم، يمر الجسم بعدة مراحل، تبدأ من النوم الخفيف إلى النوم العميق. في المرحلة الأخيرة، والمعروفة بنوم حركة العين السريعة (REM)، يبدأ الدماغ في إعادة معالجة الذكريات والأفكار والمشاعر التي مر بها الشخص أثناء اليوم. في هذه المرحلة، يحدث النشاط العصبي بكثافة، وتبدأ الأحلام في الظهور.

لكن أثناء نوم حركة العين السريعة، يتم إيقاف معظم العضلات الرئيسية في الجسم بواسطة الدماغ لمنع الشخص من تحريك جسده استجابة لما يراه أو يعيشه في أحلامه. يسمى هذا التوقف الجزئي للعضلات بـ “التثبيط الحركي”، وهو آلية طبيعية تحمي الجسم من الإصابات التي قد تنشأ إذا تحرك الشخص بشكل عشوائي أثناء النوم.

في حالات الجاثوم، يحدث خلل في هذه العملية الطبيعية، حيث يبقى الشخص واعياً بينما تظل العضلات مشلولة. هذا الوعي الجزئي يمكن أن يسبب القلق والذعر لدى الشخص الذي يعاني من الجاثوم.

أسباب الجاثوم

لا يزال السبب الدقيق وراء الجاثوم غير معروف تماماً، ولكن هناك عدة عوامل قد تسهم في حدوثه. من أبرز هذه العوامل:

1. النوم غير المنتظم: يعد عدم انتظام ساعات النوم من الأسباب الرئيسية للجاثوم. الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم مثل الأرق أو الذين يعملون في مواعيد غير ثابتة قد يكونون أكثر عرضة لتجربة الجاثوم.

2. الإجهاد النفسي والقلق: الضغوط النفسية والقلق المستمر يمكن أن ترفع من احتمالية حدوث الجاثوم. الأشخاص الذين يواجهون ضغوطاً نفسية أو مشاكل عاطفية قد يواجهون صعوبة في الانتقال بين مراحل النوم بشكل سلس.

3. العوامل الوراثية: تشير بعض الدراسات إلى أن هناك احتمالًا لأن يكون الجاثوم موروثًا في بعض العائلات. أي إذا كان أحد أفراد الأسرة يعاني من الجاثوم، فقد يكون باقي الأفراد عرضة له أيضًا.

4. الاضطرابات النفسية: قد يرتبط الجاثوم ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق. كما قد تكون هناك علاقة بينه وبين بعض الأمراض العصبية مثل التصلب المتعدد.

5. تعاطي المواد المخدرة أو الكحول: بعض الأدوية أو المخدرات قد تسبب اضطرابًا في النوم وتؤدي إلى حالات شلل النوم. الكحول أيضاً يمكن أن يؤثر على جودة النوم، مما يرفع من احتمالية حدوث الجاثوم.

6. النوم على الظهر: تشير بعض الدراسات إلى أن النوم على الظهر يمكن أن يزيد من فرص حدوث الجاثوم، على الرغم من أن هذا العامل لا يزال بحاجة إلى مزيد من البحث.

أعراض الجاثوم

تتفاوت أعراض الجاثوم من شخص لآخر، ولكنها تشمل عادةً ما يلي:

1. شلل الجسم: الشعور بعدم القدرة على تحريك أي جزء من الجسم، سواء كانت الأطراف أو الجذع. يستمر هذا الشلل لفترة قصيرة قد تتراوح من بضع ثوان إلى بضع دقائق.

2. الشعور بالضغط على الصدر: في بعض الأحيان، يشعر المصاب وكأن شيئاً ثقيلًا يضغط على صدره أو يتسبب في صعوبة في التنفس. هذه الأعراض قد تثير الذعر لدى الشخص.

3. الأوهام السمعية أو البصرية: قد يختبر الشخص أثناء الجاثوم أوهامًا سمعية (مثل سماع أصوات غريبة) أو بصرية (مثل رؤية أشخاص أو مخلوقات غريبة). هذا يُعرف بـ “هلوسة النوم” ويمكن أن يكون جزءًا من التجربة.

4. القلق والخوف: يشعر معظم الأشخاص الذين يعانون من الجاثوم بالخوف أو القلق الشديد أثناء هذه الفترة. قد يعتقدون أنهم معرضون لخطر، لكن في الواقع، لا يوجد تهديد حقيقي.

5. الشعور بالعزلة: في بعض الأحيان، يشعر الشخص بأنه محاصر أو معزول عن العالم من حوله. هذا الشعور قد يساهم في زيادة القلق والإجهاد النفسي.

تأثير الجاثوم على الصحة النفسية والجسدية

على الرغم من أن الجاثوم في حد ذاته لا يشكل تهديدًا جسديًا مباشرًا، إلا أن تكرار هذه الظاهرة قد يكون له تأثيرات نفسية. الأشخاص الذين يعانون من الجاثوم بشكل متكرر قد يصابون بالقلق والخوف من النوم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات أخرى في النوم مثل الأرق.

من الجوانب السلبية الأخرى التي قد يسببها الجاثوم هو تزايد مشاعر العزلة والانعزال. بعض الأشخاص قد يتجنبون النوم تمامًا بسبب الخوف من تعرضهم للجاثوم، مما يؤدي إلى قلة النوم والإرهاق المزمن.

طرق علاج الجاثوم

لحسن الحظ، يمكن التعامل مع الجاثوم بطرق عدة تساعد في تقليل حدوثه أو التقليل من تأثيراته السلبية. إليك بعض الطرق التي يمكن أن تساعد:

1. تنظيم ساعات النوم: من الأمور الأساسية في معالجة الجاثوم هي الحفاظ على جدول نوم منتظم. يجب أن يحاول الشخص أن ينام في نفس الوقت يوميًا ويستيقظ في نفس الوقت، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.

2. تقليل التوتر والقلق: لأن القلق والإجهاد النفسي من العوامل المسببة للجاثوم، ينبغي التعامل مع التوتر بطرق صحية مثل ممارسة الرياضة، التنفس العميق، أو الاسترخاء. بعض الأشخاص قد يجدون أن ممارسة اليوغا أو التأمل تساعد في تقليل حدوث الجاثوم.

3. تحسين بيئة النوم: ينبغي تجنب العوامل التي قد تؤثر سلبًا على النوم مثل الضوضاء أو الضوء الزائد. الحفاظ على غرفة نوم مظلمة وهادئة قد يساعد في تعزيز نوعية النوم.

4. استشارة الطبيب: في حال تكرار الجاثوم بشكل كبير أو تأثيره على جودة الحياة اليومية، يجب استشارة طبيب مختص. قد يُوصي الطبيب بتحاليل أو فحوصات لمعرفة ما إذا كان الجاثوم ناتجًا عن حالة صحية أخرى مثل اضطرابات النوم أو التوتر.

5. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): في بعض الحالات، قد يساعد العلاج السلوكي المعرفي في التعامل مع الأفكار والمشاعر المرتبطة بالجاثوم. يساعد هذا النوع من العلاج على تقليل القلق المرتبط بالنوم وتوجيه الشخص نحو أساليب صحية للنوم.

الخاتمة

في النهاية، يعد الجاثوم حالة مؤقتة من الشلل المؤقت أثناء النوم، والتي لا تسبب أضراراً جسدية دائمة. على الرغم من أنها قد تكون مرعبة عند حدوثها، إلا أنها نادرًا ما تشكل خطرًا. يمكن التعامل مع هذه الحالة عن طريق تحسين عادات النوم وتقليل التوتر. إذا استمرت الحالة أو كانت تؤثر على جودة الحياة، ينبغي استشارة الطبيب للبحث عن حلول فعّالة.