الاضطراب السلوكي أثناء النوم: الأسباب والعلاج

الاضطراب السلوكي أثناء النوم: الأعراض والعلاج

تعتبر اضطرابات النوم من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على حياة الأفراد بشكل ملحوظ. من بين هذه الاضطرابات، يأتي “الاضطراب السلوكي أثناء النوم” كأحد أبرز المشكلات التي قد لا يعرف الكثيرون عنها الكثير. هذا الاضطراب يعكس نمطًا غير طبيعي من السلوكيات التي تحدث أثناء النوم، وتتنوع هذه السلوكيات بين الحركات الجسدية العنيفة، أو التحدث بشكل غير طبيعي، أو حتى ممارسة نشاطات جسدية قد تكون خطرة على الفرد. في هذا المقال، سنناقش هذا الاضطراب بشكل تفصيلي، بدءًا من تعريفه وصولاً إلى الأعراض والعلاج المتاح له.

تعريف الاضطراب السلوكي أثناء النوم

الاضطراب السلوكي أثناء النوم هو حالة طبية تؤثر على الأشخاص أثناء نومهم العميق، وهو يحدث عندما يمر الشخص بفترات من الحركات السلوكية غير الطبيعية أو حتى التفاعل مع البيئة المحيطة بشكل غير تقليدي. هذا الاضطراب يرتبط غالبًا بمرحلة النوم العميق، المعروفة أيضًا بمرحلة حركة العين السريعة (REM)، حيث عادةً ما تكون الحركات الجسدية محدودة، إذ يحاول الجسم أن “يشل” العضلات كي لا تتحرك بشكل عشوائي أثناء الأحلام.

لكن في حالة اضطراب السلوك أثناء النوم، يتجاوز الشخص هذا الشلل الطبيعي، مما يؤدي إلى حدوث سلوكيات جسدية مفرطة. قد يشمل ذلك المشي أثناء النوم، التحدث أثناء النوم، أو حتى التصرفات العدوانية أو العنيفة.

الأعراض

تختلف أعراض الاضطراب السلوكي أثناء النوم من شخص لآخر، لكنها عادة ما تتضمن مجموعة من السلوكيات التي قد تكون مزعجة أو خطيرة. من بين الأعراض الأكثر شيوعًا:

1. الحركات الجسدية العنيفة:

• يشمل ذلك الحركات العنيفة أو السريعة للجسم، مثل الركل، واللكم، والرفس، أو حتى القفز من السرير. قد تحدث هذه الحركات بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى إصابة الشخص نفسه أو من ينام بالقرب منه.

2. التحدث أثناء النوم:

• يمكن أن يتحدث الشخص أثناء نومه بعبارات غير منطقية أو حتى بصوت مرتفع. في بعض الحالات، قد تكون هذه الأحاديث مؤشراً على الأحلام التي يعاني منها الشخص أثناء نومه.

3. المشي أثناء النوم:

• يُعتبر المشي أثناء النوم من أكثر الأعراض شيوعًا في الاضطرابات السلوكية أثناء النوم، حيث يستيقظ الشخص فجأة ويبدأ في المشي داخل المنزل أو حتى خارج المنزل دون أن يكون مدركًا لما يقوم به.

4. العدوانية أو السلوكيات العنيفة:

• قد يظهر الأشخاص المصابون بالاضطراب السلوكي أثناء النوم سلوكيات عدوانية تجاه الآخرين أثناء نومهم. هذا يشمل الضرب أو العض أو حتى محاولة التسبب في ضرر للآخرين من دون وعي.

5. الارتباك عند الاستيقاظ:

• عند الاستيقاظ من نوبة اضطراب سلوكي أثناء النوم، قد يشعر الشخص بالارتباك أو الانزعاج، حيث يصعب عليه تذكر ما فعله أثناء نومه. كما قد يعاني من فقدان الذاكرة المؤقت عند الاستيقاظ.

الأسباب والعوامل المؤثرة

السبب الدقيق للاضطراب السلوكي أثناء النوم غير معروف، لكن هناك العديد من العوامل التي قد تساهم في حدوثه، بما في ذلك:

1. التاريخ الطبي والعوامل الوراثية:

• الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من الاضطرابات النفسية أو العصبية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب. كما أن بعض الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض معينة مثل مرض باركنسون أو داء الزهايمر قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به.

2. الإجهاد والقلق:

• الاضطرابات النفسية مثل القلق الشديد أو التوتر يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض أو تحفيز حدوث هذه السلوكيات أثناء النوم.

3. الأدوية والمخدرات:

• بعض الأدوية، خصوصًا الأدوية المنومة والمضادة للاكتئاب، قد تساهم في حدوث اضطرابات النوم. كما أن تعاطي المخدرات والكحول يمكن أن يكون له تأثير مباشر على النظام العصبي المركزي وبالتالي يعزز حدوث هذا الاضطراب.

4. الاختلالات الكيميائية في الدماغ:

• قد تشير بعض الأبحاث إلى أن الاختلالات الكيميائية في الدماغ، مثل نقص أو زيادة بعض المواد الكيميائية مثل الدوبامين، قد تكون سببًا في حدوث الاضطراب السلوكي أثناء النوم.

5. العوامل البيئية:

• العوامل البيئية مثل الضوضاء أو التغيرات المفاجئة في الروتين اليومي قد تساهم في حدوث هذا الاضطراب. فالأشخاص الذين يتعرضون لتغيرات كبيرة في حياتهم، مثل الانتقال إلى منزل جديد أو التعرض لحالة صدمة، قد يصابون بمشكلات في النوم.

التشخيص

تشخيص الاضطراب السلوكي أثناء النوم غالبًا ما يتم من خلال التقييم السريري الشامل. يبدأ الطبيب بتقييم الأعراض التي يعاني منها المريض ويقوم بمراجعة التاريخ الطبي والنفسي له. في بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء دراسة نوم (Polysomnography) لمراقبة النشاط الكهربائي في الدماغ أثناء النوم، أو إجراء تسجيل للفيديو لتحليل الحركات غير الطبيعية أثناء النوم.

قد يطلب الطبيب أيضًا إجراء فحوصات للتأكد من عدم وجود حالات صحية أخرى مثل النوم القهري أو اضطرابات النوم الأخرى التي قد تشترك في بعض الأعراض.

العلاج

على الرغم من أن الاضطراب السلوكي أثناء النوم يمكن أن يكون مزعجًا أو حتى خطيرًا في بعض الحالات، إلا أن هناك عدة طرق للعلاج التي قد تساعد في تقليل الأعراض.

1. العلاج الدوائي:

• يمكن استخدام بعض الأدوية لعلاج الاضطراب السلوكي أثناء النوم، مثل الأدوية المهدئة أو مضادات الاكتئاب. قد تكون أدوية مثل “كلونازيبام” (Clonazepam) أو “ميمانتين” (Memantine) فعالة في تقليل الأعراض في بعض الحالات.

2. العلاج السلوكي المعرفي:

• يعتبر العلاج السلوكي المعرفي من الخيارات الجيدة لمعالجة هذا النوع من الاضطراب. يعمل هذا العلاج على مساعدة المريض في تقليل القلق والتوتر وتحسين أنماط النوم.

3. تعديل السلوك البيئي:

• تحسين بيئة النوم يمكن أن يساعد بشكل كبير في التقليل من أعراض هذا الاضطراب. يشمل ذلك التأكد من أن غرفة النوم هادئة ومظلمة، وتجنب المثيرات مثل الكافيين أو الوجبات الثقيلة قبل النوم.

4. تجنب المثيرات السلوكية:

• يوصي الأطباء بتجنب بعض المثيرات التي قد تساهم في تفاقم الأعراض، مثل تناول الكحول أو المخدرات أو الأطعمة الدهنية.

5. الاستشارة النفسية:

• إذا كانت الأعراض مرتبطة بمشكلات نفسية مثل القلق أو التوتر، قد تكون الاستشارة النفسية أو العلاج النفسي وسيلة فعالة في علاج هذه الاضطرابات.

6. الاسترخاء والعلاج الطبيعي:

• تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا قد تساعد على تقليل مستوى التوتر، مما قد يساهم في تحسين النوم وتقليل الأعراض السلوكية المرتبطة بالاضطراب.

الوقاية

على الرغم من أن الوقاية من الاضطراب السلوكي أثناء النوم قد تكون صعبة نظرًا لعدم وضوح الأسباب الرئيسية، إلا أن تبني نمط حياة صحي يمكن أن يساعد في تقليل حدوث الأعراض. يشمل ذلك:

• الحفاظ على روتين نوم منتظم.

• تجنب المنبهات مثل الكافيين قبل النوم.

• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

• تجنب الضغوط النفسية المفرطة.

الخاتمة

يعد الاضطراب السلوكي أثناء النوم حالة طبية قد تتسبب في العديد من المشاكل الجسدية والنفسية للمريض ولمن ينامون بالقرب منه. من خلال التشخيص الدقيق والعلاج المناسب، يمكن للأشخاص المصابين بهذا الاضطراب أن يعيشوا حياة نوم أكثر هدوءًا وأمانًا.