مدة فصل الشتاء وأسبابه

مدة فصل الشتاء وأبعاده الزمنية والفلكية والمناخية

يُعتبر فصل الشتاء أحد الفصول الأربعة التي تتكرر سنويًا، وهو الفصل الذي يتميز بانخفاض درجات الحرارة، وطول ساعات الليل، وتغيرات مناخية مميزة تؤثر على البيئة والحياة اليومية للبشر والنباتات والحيوانات. يتساءل الكثيرون عن المدة الزمنية لفصل الشتاء، وما هي العوامل التي تحدد بدايته ونهايته، وكيف تختلف هذه المدة باختلاف المناطق الجغرافية. هذا المقال يتناول بشكل موسع ومفصل مدة فصل الشتاء من النواحي الفلكية والمناخية، بالإضافة إلى شرح العوامل المؤثرة في تحديد هذه المدة وتغيراتها عبر الكرة الأرضية.

تعريف فصل الشتاء

الشتاء هو الفصل الذي يبدأ فيه الجو بالبرودة الشديدة نسبيًا، ويزداد طول الليل على حساب النهار، ويُعدّ بداية موسم تساقط الثلوج في المناطق الباردة. يمتاز الشتاء بتغيرات مناخية واضحة مثل انخفاض درجات الحرارة، زيادة احتمالات هطول الأمطار أو الثلوج، وانخفاض النشاط الحيوي للنباتات والحيوانات في كثير من المناطق.

المدة الفلكية لفصل الشتاء

تُعرف مدة فصل الشتاء الفلكية بناءً على حركة الأرض حول الشمس وتحديدًا على الظواهر الفلكية المتعلقة بالشمس، وهي:

• الانقلاب الشتوي: يحدث عندما تصل الشمس إلى أدنى نقطة في السماء فوق نصف الكرة الأرضية الشمالي، ويصادف عادةً يوم 21 أو 22 ديسمبر. في هذا اليوم، يكون النهار هو الأقصر في السنة، والليل هو الأطول، ويبدأ فصل الشتاء الفلكي رسميًا.

• الاعتدال الربيعي: هو الحد الفاصل بين الشتاء والربيع، ويحدث عندما يتساوى طول النهار مع طول الليل، ويحدث غالبًا يوم 20 أو 21 مارس.

بذلك، فإن المدة الفلكية لفصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي تكون من الانقلاب الشتوي (21 ديسمبر تقريبًا) وحتى الاعتدال الربيعي (20 مارس تقريبًا)، أي حوالي 89 يومًا أو 3 أشهر.

أما في نصف الكرة الجنوبي فتكون المدة العكسية، حيث يبدأ الشتاء من انقلاب يونيو (21 يونيو تقريبًا) وينتهي مع اعتدال سبتمبر (23 سبتمبر تقريبًا).

المدة المناخية لفصل الشتاء

في الدراسات المناخية، يتم تقسيم السنة إلى أربعة فصول من حيث الظروف الجوية السائدة وليس فقط بناءً على الظواهر الفلكية. وغالبًا ما يكون فصل الشتاء في هذه الحالة أطول أو أقصر قليلاً من المدة الفلكية، ويُعرف الشتاء المناخي بأنه ثلاثة أشهر كاملة وهي:

• ديسمبر، يناير، فبراير في نصف الكرة الشمالي.

• يونيو، يوليو، أغسطس في نصف الكرة الجنوبي.

هذه المدة المناخية تُستخدم عادةً في الإحصاءات المناخية والرصد الجوي، لأنها تتطابق بشكل أفضل مع أشهر البرودة الشديدة وهطول الأمطار أو الثلوج، وهي ذات أثر مباشر على الزراعة والحياة اليومية.

الفروق الإقليمية في مدة الشتاء

على الرغم من وجود مدة فلكية ومناخية محددة لفصل الشتاء، إلا أن المدة الفعلية التي تشعر فيها مناطق مختلفة بالشتاء تختلف بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل جغرافية ومناخية منها:

• الموقع الجغرافي (خط العرض): المناطق القريبة من خط الاستواء تشهد فصولًا أقل وضوحًا من حيث التغيرات الموسمية، وبالتالي يكون الشتاء فيها قصيرًا جدًا أو غير محسوس، مثل المناطق الاستوائية. أما المناطق القريبة من القطبين فتشهد شتاءً طويلاً يمتد لأشهر طويلة جداً مع درجات حرارة منخفضة جدًا.

• الارتفاع عن سطح البحر: المناطق الجبلية العالية تشهد شتاءً طويلًا باردًا جدًا مع تراكم الثلوج لفترات تمتد أحيانًا إلى نصف السنة أو أكثر، في حين أن المناطق المنخفضة تكون مدة الشتاء فيها أقصر.

• التيارات البحرية والمناخ المحلي: التيارات البحرية الدافئة أو الباردة تؤثر بشكل كبير في تحديد مدة الشتاء ودرجات الحرارة المصاحبة له. فمثلاً التيار البحري الدافئ (كالتيار الخليجي في المحيط الأطلسي) قد يخفف من شدة وبرودة الشتاء في المناطق الساحلية.

تأثيرات مدة الشتاء على البيئة والحياة

تؤثر مدة فصل الشتاء بشكل مباشر على دورة الحياة في الطبيعة. ففي المناطق التي يمتد فيها الشتاء لفترة طويلة:

• النباتات تدخل في مرحلة سكون طويلة للحماية من البرودة والثلوج، وتبدأ دورة حياتها من جديد مع بداية الربيع.

• الحيوانات تتكيف عبر وسائل مختلفة مثل الهجرة إلى المناطق الدافئة أو الدخول في سبات شتوي لفترات طويلة.

• الإنسان يتأثر الشتاء في نمط حياته من حيث الملابس، الطعام، النشاطات اليومية، والاقتصاد، خاصة في قطاعات مثل الزراعة، السياحة الشتوية، وتوفير الطاقة.

مقارنة بين مدة الشتاء في نصف الكرة الشمالي والجنوبي

العوامل المؤثرة في تحديد مدة الشتاء وتغيراته

عدة عوامل تؤثر على طول مدة الشتاء وشدته، أبرزها:

1. التغيرات المناخية العالمية: ظاهرة الاحتباس الحراري أدت إلى تغييرات في أنماط الفصول، حيث يلاحظ في بعض المناطق تأخير بداية الشتاء أو تقصير مدته، وكذلك زيادة درجات الحرارة أثناء الشتاء في مناطق أخرى.

2. النشاط الشمسي: دورات النشاط الشمسي تؤثر على درجات الحرارة الأرضية بشكل غير مباشر، مما قد يؤثر على طول وشدة الشتاء.

3. ظواهر طبيعية أخرى: مثل ظاهرة النينيو واللنينيا التي تؤثر على توزيع درجات الحرارة وهطول الأمطار على نطاق عالمي، فتؤدي إلى تغييرات في مدة وشدة الفصول بما فيها الشتاء.

أهمية تحديد مدة الشتاء بدقة

معرفة مدة فصل الشتاء بدقة أمر حيوي لعدة مجالات، منها:

• الزراعة: لتحديد مواعيد الزراعة والحصاد بما يتناسب مع فترة البرودة والثلوج.

• إدارة الموارد الطبيعية: خصوصًا في المناطق التي تعتمد على مياه ذوبان الثلوج خلال الربيع والصيف.

• التخطيط الحضري: حيث يلزم معرفة مدة الشتاء لتوفير التدفئة الملائمة، وصيانة الطرق، والتخطيط للطوارئ المتعلقة بالطقس.

• السياحة: خاصة في المناطق التي تعتمد على السياحة الشتوية مثل منتجعات التزلج.

خاتمة علمية

يُعتبر فصل الشتاء فترة زمنية ذات خصائص مميزة من حيث الطقس والتغيرات البيئية، ويُعرف من الناحية الفلكية بفترة تمتد من الانقلاب الشتوي حتى الاعتدال الربيعي، وهي تقريبًا ثلاثة أشهر. تختلف مدة الشتاء وشدته باختلاف المواقع الجغرافية والظروف المناخية، وتؤثر عوامل متعددة من بينها التغيرات المناخية العالمية على هذه المدة. يكتسب فهم مدة الشتاء أهمية كبيرة في التخطيط البيئي والاقتصادي والاجتماعي، لما له من تأثيرات واسعة على حياة الإنسان والطبيعة.

المصادر والمراجع

• الأرصاد الجوية العالمية – تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) 2023

• كتاب “المناخ والطقس” للدكتور سامي الحاج علي، دار الفكر العربي، 2018

بهذا المقال المفصل يمكن الاطلاع على كل ما يتعلق بمدة فصل الشتاء من جوانب فلكية، مناخية، جغرافية، وتأثيراته على الحياة.