شكل الجنين في الشهر التاسع من الحمل: مرحلة الاستعداد للولادة
الشهر التاسع من الحمل هو المرحلة الأخيرة في رحلة الحمل، وهي الفترة التي يعيش فيها الجنين تحولاً كبيراً نحو الاستعداد للولادة. مع مرور هذه الأسابيع، يتغير شكل الجنين بشكل ملحوظ ليصبح أكثر اكتمالاً في بنيته الفيزيائية، ويبدأ في تحضير نفسه لمغادرة رحم الأم إلى العالم الخارجي. في هذا المقال، سوف نتناول تفاصيل شكل الجنين في الشهر التاسع من الحمل، ونتعرف على التغيرات التي تحدث له، مع تسليط الضوء على التغيرات التي تطرأ على الأم خلال هذه المرحلة.
1. تطور الجنين في الشهر التاسع:
في بداية الشهر التاسع، يكون الجنين قد وصل إلى مرحلة متقدمة من النمو، حيث تصل طوله إلى حوالي 50 سم، ووزنه إلى حوالي 2.5 إلى 3 كيلوجرامات، وهذا يختلف بشكل طفيف من حمل لآخر. في هذه المرحلة، يكون الجنين قد اكمل غالبية التطورات الأساسية في جسمه، إلا أن هناك بعض التفاصيل الأخيرة التي تكتمل خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل.
1.1 الحجم والوزن:
يعد الجنين في الشهر التاسع أكبر بكثير من الأشهر السابقة، حيث يزداد الوزن بمعدل يتراوح بين 200 إلى 300 جرام كل أسبوع. ينمو الطفل في هذه المرحلة ليصبح أكثر اكتنازاً وامتلاءً. الطول يصل إلى ما يقارب 50 سم، ويستمر في النمو حتى يصبح جاهزاً للولادة. خلال هذه الفترة، يتراكم المزيد من الدهون تحت جلد الجنين، مما يساعد على تنظيم درجة حرارته بعد الولادة.
1.2 الجلد والتغيرات الجلدية:
تعتبر التغيرات في الجلد من أبرز ملامح الجنين في الشهر التاسع. في بداية الحمل، كان جلد الجنين رقيقاً وشفافاً. لكن مع اقتراب موعد الولادة، يصبح الجلد أكثر سمكاً وأقل شفافاً. كما تبدأ طبقة الدهن تحت الجلد في الزيادة، مما يعطي الجنين مظهراً أكثر امتلاءً ونعومة. طبقة الدهون هذه لا تساعد فقط في إعطاء الجنين شكلاً أكثر اكتمالاً، ولكنها تلعب دوراً مهماً في حماية الجنين وتنظيم درجة حرارته بعد الولادة.
1.3 تكوين الأظافر والشعر:
بحلول الشهر التاسع، تكون أظافر الجنين قد تطورت بشكل كامل. في بعض الحالات، قد تظهر الأظافر أطول من الطبيعي، لكن لا داعي للقلق، فهي ستأخذ شكلها الطبيعي بعد الولادة. كما أن الشعر على رأس الجنين يصبح أكثر كثافة وطولاً، ويمكن أن يكون أملساً أو مائجاً حسب الوراثة. قد يلاحظ البعض وجود شعر ناعم جداً (lanugo) على جسم الجنين، ولكن هذا الشعر عادة ما يتساقط في الأسابيع القليلة السابقة للولادة.
1.4 الأعضاء الداخلية:
الأعضاء الداخلية للجنين قد اكتملت بشكل شبه كامل. القلب يضخ الدم بكفاءة أكبر، والكبد والكلى يعملان بشكل جيد. كما بدأ الجنين في الأسبوع 36 من الحمل بتخزين الحديد الذي سيحتاجه خلال أول أشهر حياته بعد الولادة. الجهاز العصبي قد تطور بالكامل تقريباً، ويبدأ الدماغ في توجيه الأوامر اللازمة للمحافظة على التوازن والحركة.
2. الحركة والتفاعلات العصبية:
على الرغم من أن الجنين في الشهر التاسع لم يعد لديه المساحة الكافية للتحرك بحرية كما في الأشهر السابقة، إلا أنه لا يزال يواصل تحريك أطرافه وعينيه. يمكن للأم أن تشعر بحركات الجنين بشكل قوي في هذه المرحلة، سواء كانت ركلات أو تحركات مفاجئة. هذه الحركات تشير إلى أن الجنين في حالة صحية جيدة.
مع اقتراب موعد الولادة، تكون حركة الجنين أكثر توجهاً نحو الانكماش داخل الرحم، وقد تقلل الحركات الكبيرة لأن المساحة في الرحم تصبح ضيقة. ولكنه سيواصل التحرك من خلال التمدد والانقباضات الصغيرة التي تساعده على الاستعداد للولادة. في بعض الحالات، قد يشعر الجنين بتأثيرات التقلصات التي تحدث في رحم الأم (الطلق) خلال هذا الشهر.
3. الوضعية الأخيرة:
في الشهر التاسع من الحمل، يبدأ الجنين في اتخاذ وضعية الولادة، حيث يوجه رأسه نحو الأسفل، استعداداً للخروج من رحم الأم. هذه الوضعية هي الأكثر شيوعاً، وتسمى “الوضعية الرأسية”، وهي الأكثر ملاءمة لعملية الولادة الطبيعية. في بعض الأحيان، قد يظل الجنين في وضعية المقعدة أو الوضعية العرضية، لكن هذا يعد أقل شيوعاً، وقد يتطلب تدخلاً طبياً لمساعدة الجنين على الخروج بشكل آمن.
4. الاستعدادات التنفسية:
في هذه المرحلة من الحمل، يبدأ الجنين في تطوير نظامه التنفسي استعداداً للتنفس بعد الولادة. بالرغم من أن الجنين لا يتنفس الهواء داخل رحم الأم، إلا أن رئتيه تكونان في طور النضج الكامل. يمكن القول إن رئتي الجنين في الشهر التاسع تكونان جاهزتين لتوفير الأوكسجين لبقية جسمه بعد الولادة.
5. التغذية والهضم:
الجهاز الهضمي للجنين في الشهر التاسع قد اكتمل بشكل كبير. ينتقل الطعام عبر المشيمة من الأم إلى الجنين، حيث يقوم الجنين بامتصاص العناصر الغذائية اللازمة لنموه. كذلك، يبدأ الجنين في امتصاص السوائل من السائل الأمينوسي المحيط به، مما يساعد في عملية تطور الجهاز الهضمي.
من المهم أيضاً أن نذكر أن الجنين في هذا الشهر يبدأ بتخزين الفيتامينات والمعادن الضرورية لتقويته بعد الولادة، بما في ذلك الفيتامينات التي تسهم في تقوية جهاز المناعة.
6. التغيرات في جسم الأم:
تترافق التغيرات الجنينية في الشهر التاسع مع بعض التغيرات الجسدية والنفسية في جسم الأم. قد تشعر الأم بزيادة الضغط على الحوض والأعضاء الداخلية نتيجة للوزن المتزايد للجنين، مما يؤدي إلى الشعور بآلام الظهر والمفاصل.
قد تواجه الأم أيضاً التغيرات الهرمونية التي تؤثر على حالتها النفسية والعاطفية، حيث يمكن أن تشعر بتقلبات مزاجية أو شعور بالقلق حيال عملية الولادة. كما أن التغيرات في الهرمونات قد تؤدي إلى زيادة في حجم الثديين استعداداً للإرضاع.
7. علامات المخاض:
مع اقتراب نهاية الشهر التاسع، تبدأ علامات المخاض في الظهور. قد تشعر الأم بتقلصات متزايدة في الرحم، وقد تلاحظ إفرازات مائية أو دموية. تعد هذه التغيرات إشارة إلى أن الجنين في وضع الاستعداد للخروج، وقد يبدأ المخاض في أي لحظة. يمكن أن يختلف توقيت المخاض من حمل لآخر، حيث يحدث في بعض الأحيان في الأسبوع 37 أو 38، بينما يمكن أن يستمر إلى الأسبوع 40 أو حتى بعد ذلك.
8. الولادة:
بعد أن يكون الجنين قد أكمل جميع مراحل تطوره في الشهر التاسع، يكون جاهزاً للانتقال إلى العالم الخارجي. مع بداية المخاض، يتقلص الرحم بشكل متكرر لفتح عنق الرحم وتحريك الجنين نحو قناة الولادة. عندما يصبح عنق الرحم مفتوحاً بالكامل، يمكن للجنين أن يولد، وتتم الولادة في النهاية.
