متى يجلس الطفل؟ التطور الحركي للطفل من الولادة حتى الجلوس
تُعد مرحلة جلوس الطفل من أهم المحطات في نموه الحركي، وهي علامة بارزة تشير إلى تطور قوة العضلات والتنسيق الحركي في جسمه. تختلف قدرة الأطفال على الجلوس من طفل إلى آخر، لكنها تتبع نمطًا نموذجيًا يمكن ملاحظته علميًا وطبيًا. في هذا المقال، سنناقش بشمولية متى يجلس الطفل، العوامل التي تؤثر على هذه المرحلة، والكيفية التي يمكن بها دعم الطفل خلال هذه المرحلة الحاسمة من نموه.
التطور الحركي عند الأطفال: مراحل ما قبل الجلوس
قبل أن يتمكن الطفل من الجلوس بشكل مستقل، يمر بعدة مراحل أساسية من التطور الحركي تشمل التحكم بالرأس، دعم الجسم أثناء الاستلقاء، والتوازن الجزئي في وضعية الجلوس.
-
التحكم بالرأس: يبدأ الطفل عادةً بالتحكم في حركة رأسه بين عمر الشهرين إلى أربعة أشهر. هذا التحكم هو أساس حيوي لبناء التوازن اللازم للجلوس.
-
الدعم الذاتي أثناء الاستلقاء على البطن: عندما يبلغ الطفل من العمر 3 إلى 6 أشهر، يبدأ في رفع الجزء العلوي من جسده باستخدام ذراعيه، وهي خطوة مهمة تقوي عضلات الظهر والرقبة.
-
الجلوس بمساعدة: في عمر 4 إلى 6 أشهر، يصبح الطفل قادرًا على الجلوس بمساعدة أو بدعم من الأهل أو الوسائد، لكنه لا يزال غير قادر على الجلوس بثبات دون دعم.
متى يجلس الطفل بمفرده؟
يُعد عمر 6 إلى 8 أشهر هو الفترة التي يبدأ فيها معظم الأطفال بالجلوس بشكل مستقل دون الحاجة إلى دعم. يتطلب الجلوس المستقل توازنًا جيدًا بين قوة العضلات والتنسيق العصبي الحركي.
-
عمر 6 أشهر: يبدأ بعض الأطفال بالجلوس لفترات قصيرة مع دعم اليدين على الأرض أو على أقدامهم للحفاظ على توازنهم.
-
عمر 7 أشهر: يكتسب الطفل عادة القدرة على الجلوس دون دعم لبضع دقائق مع استقامة الجسم، وذلك بفضل تطور العضلات الأساسية في الظهر والبطن.
-
عمر 8 أشهر: معظم الأطفال قادرون على الجلوس بثبات تام دون الحاجة لأي دعم، ويبدؤون بالتحكم في حركات أجسامهم بشكل أفضل، مثل الاستدارة أو الانحناء للوصول إلى الألعاب.
العوامل المؤثرة على توقيت جلوس الطفل
لا يوجد عمر محدد بدقة يجلس فيه الطفل، إذ أن هناك عوامل كثيرة تؤثر على هذا التوقيت، تشمل:
-
الوراثة: يلعب العامل الوراثي دورًا في سرعة تطور الطفل الحركي، حيث يلاحظ بعض الأطفال يتبعون نمط أسرهم في النمو.
-
الوزن والقوة العضلية: زيادة الوزن أو ضعف العضلات قد تؤخر القدرة على الجلوس.
-
نوع الولادة وحالتها الصحية: الأطفال الذين وُلدوا مبكرًا (الخدج) قد يتأخرون في مراحل النمو مقارنة بأقرانهم من مواليد الحمل الكامل.
-
البيئة المحيطة: الدعم والتشجيع الذي يتلقاه الطفل في البيئة المنزلية من خلال التمارين المناسبة واللعب يحفز تطوره الحركي.
-
المشاكل الصحية: بعض الحالات الصحية العصبية أو العضلية قد تؤثر على توقيت الجلوس.
نصائح لتشجيع الطفل على الجلوس
يمكن للأهل تعزيز تطور الطفل الحركي ودعمه للجلوس من خلال ممارسات يومية بسيطة:
-
وضع الطفل على بطنه لفترات متكررة: يساعد هذا التمرين على تقوية عضلات الرقبة والظهر التي تعتبر أساسية للجلوس.
-
تشجيع الطفل على الوصول إلى الألعاب: وضع الألعاب على مسافة يمكن للطفل الوصول إليها يشجعه على تحسين توازنه والجلوس للوصول إليها.
-
الدعم اليدوي أثناء الجلوس: مساعدة الطفل على الجلوس بتوفير دعم خفيف بيديه أو استخدام الوسائد يساعده على تقوية عضلاته تدريجيًا.
-
المساج وتمارين الإطالة: تدليك عضلات الطفل بلطف وتمارين الإطالة تساعد في تحسين مرونته وقوته العضلية.
كيفية الجلوس الصحيحة عند الطفل
عندما يبدأ الطفل بالجلوس، من المهم أن يكون جلوسه صحيًا لتجنب المشكلات المستقبلية. الجلوس الصحي يتميز بما يلي:
-
استقامة الظهر: يجب أن يكون ظهر الطفل مستقيمًا ومشدودًا قليلًا.
-
القدمان مسطحتان على الأرض أو السطح: ليمنحا دعمًا وثباتًا.
-
توازن الرأس والرقبة: بحيث يكون الرأس مستقيمًا وغير مائل.
-
عدم الاعتماد المفرط على الذراعين: حيث ينبغي أن تتوازن العضلات من دون الضغط المفرط على الذراعين للحفاظ على الجلوس.
المشاكل الشائعة وتأخر الجلوس
قد يعاني بعض الأطفال من تأخر في الجلوس لأسباب متعددة، والتي تستدعي تقييمًا طبيًا مبكرًا:
-
ضعف العضلات: قد يكون ضعف عضلات الظهر أو البطن السبب في عدم قدرة الطفل على الجلوس.
-
مشاكل التوتر العضلي: مثل التوتر المفرط أو انخفاض التوتر العضلي.
-
المشاكل العصبية: مثل التأخر في التطور الحركي العصبي أو اضطرابات النمو العصبي.
-
الإصابات أو التشوهات العضلية: أحيانًا تؤثر المشاكل العضلية الهيكلية على قدرة الطفل على الجلوس.
يُنصح بالمتابعة الطبية مع طبيب الأطفال أو أخصائي العلاج الطبيعي عند ملاحظة تأخر ملحوظ في الجلوس بعد عمر 9 أشهر.
مراحل تالية بعد الجلوس
بعد تمكن الطفل من الجلوس بثبات، تبدأ مراحل أخرى مهمة في التطور الحركي:
-
الزحف: يبدأ الطفل عادة بالزحف بعد تعلم الجلوس بثبات، وهي خطوة تسبق الوقوف.
-
الوقوف والمشي: بعد اكتساب مهارات الزحف، يبدأ الطفل في محاولة الوقوف والتحرك بمساعدة، ثم المشي بشكل مستقل.
جدول نمو الجلوس عند الأطفال (بالأشهر)
| العمر (بالشهور) | القدرة الحركية المرتبطة بالجلوس |
|---|---|
| 1-3 | تحكم بسيط في الرأس، يبدأ في رفع الرأس عند الاستلقاء على البطن |
| 4-5 | الجلوس مع دعم اليدين أو الوسائد |
| 6 | الجلوس مع دعم قليل، القدرة على الجلوس لفترات قصيرة بدون دعم |
| 7 | الجلوس المستقل لفترات أطول مع توازن متقدم |
| 8-9 | الجلوس بثبات تام بدون دعم، بداية الزحف |
| 10-12 | الجلوس بثبات وتحكم كامل، الاستعداد للوقوف والمشي |
أهمية مراقبة مراحل الجلوس
تُعد متابعة مراحل الجلوس عند الطفل مؤشرًا مهمًا على صحته الحركية والعصبية، إذ يرتبط تأخر الجلوس أحيانًا بمشكلات صحية أو تطورية تستوجب التدخل المبكر. كما أن دعم الأهالي في هذه المرحلة يضمن تطورًا سليمًا وقويًا لمهارات الطفل الحركية مستقبلاً.
يبقى جلوس الطفل علامة مميزة في رحلة نموه الحركي والاجتماعي، فهو يعزز استقلاليته وقدرته على التفاعل مع البيئة من حوله. بالاهتمام بتوفير بيئة محفزة وداعمة، يستطيع الطفل تخطي هذه المرحلة بسهولة والتقدم نحو مهارات أكثر تعقيدًا في النمو الحركي.
المصادر والمراجع
-
American Academy of Pediatrics. (2021). Developmental milestones: Sitting.
-
Mayo Clinic Staff. (2022). Infant development: When will my baby sit, crawl, and walk?
