متى يتكون الجنين الذكر؟

متى يتكون الجنين الذكر؟

يعد تحديد جنس الجنين من أكثر الأمور التي تثير فضول الأمهات والآباء على حد سواء، ويعد السؤال “متى يتكون الجنين الذكر؟” واحداً من الأسئلة التي يكثر طرحها في فترة الحمل. من خلال هذا المقال، سنحاول تقديم إجابة شاملة ودقيقة بناءً على ما أثبتته الأبحاث العلمية، مع تسليط الضوء على كيفية حدوث هذه العملية البيولوجية من الناحية الجينية والهرمونية.

1. الجنس البشري: أساسيات علمية

قبل التطرق إلى متى يتكون الجنين الذكر، من الضروري فهم الأساسيات المتعلقة بجنس الجنين بشكل عام. في البداية، يعتبر جنس الإنسان من الأمور التي تتحدد عند التخصيب، أي عند اتحاد الحيوان المنوي الذكري مع البويضة الأنثوية. تتشكل الخلايا الجنسية في الرجل والمرأة بحيث تحتوي البويضة على كروموسومات “XX” والحيوان المنوي على كروموسومات “XY”. عند التقاءهما، تتحدد الشفرة الجينية التي تحدد جنس الجنين.

• الكروموسومات الجنسية:

  • الأنثى: تمتلك البويضة كروموسومات من نوع “XX”.

  • الذكر: يحتوي الحيوان المنوي على كروموسومات من نوع “XY”. إذا تم التخصيب بواسطة حيوان منوي يحمل الكروموسوم “Y”، يصبح الجنين ذكراً.

2. البداية: تحديد الجنس عند التخصيب

منذ اللحظة التي يحدث فيها التخصيب، يتم تحديد جنس الجنين بناءً على الكروموسومات التي تحملها البويضة والحيوان المنوي. إذا تم تخصيب البويضة بحيوان منوي يحمل الكروموسوم “Y”، يتشكل الجنين الذكر (XY)، بينما إذا كان الحيوان المنوي يحمل الكروموسوم “X”، سيتشكل الجنين الأنثوي (XX).

ومع ذلك، لا يعني أن الجنين الذكر يظهر على الفور، حيث يبدأ نمو الجنين وتمايزه في مراحل لاحقة، مع تغيرات جينية وهرمونية تؤثر بشكل كبير في تطور الأعضاء التناسلية وتحديد الشكل النهائي للجنين الذكر.

3. التطور الجنيني المبكر: من لحظة التخصيب حتى الأسابيع الأولى

تبدأ عملية التكوين الجنيني بمجرد أن يتم تلقيح البويضة بواسطة الحيوان المنوي. في البداية، تنقسم البويضة المخصبة لتشكل خليتين، ثم أربع خلايا، وهكذا حتى تتكون كرة مكونة من العديد من الخلايا. ومع تقدم الأيام، تبدأ هذه الخلايا في التمايز لتكوين الأنسجة والأعضاء المختلفة.

في الأسابيع الثلاثة الأولى من الحمل، لا يكون هناك تمايز واضح بين الأجنة الذكور والإناث، حيث تكون جميع الأجنة مشابهة إلى حد كبير. ومع ذلك، يبدأ التمايز الجنسي في المرحلة التالية، أي في الأسابيع 7 إلى 8 من الحمل.

4. المرحلة الحاسمة: تحول الجنين إلى ذكر

في الأسبوع السابع تقريباً من الحمل، يبدأ تحديد الجنس بشكل واضح في الجنين الذكر. ويحدث هذا نتيجة لتحفيز الجينات التي توجد على الكروموسوم “Y”، وتحديداً جين يُسمى “SRY” (Sex-determining Region Y)، وهو الجين المسؤول عن تحديد ما إذا كان الجنين سيطور خصائص ذكرية أو أنثوية.

• دور جين SRY:

  • هذا الجين يفرز بروتيناً يعمل على تحفيز الخلايا الجنينية لتكوين الأنسجة الذكرية. في وجود هذا الجين، تبدأ الغدد التناسلية الجنينية في التطور لتصبح خصيتين بدلاً من المبيضين.

  • هذه الخصيتين هي المسؤولة عن إفراز هرمون “التستوستيرون”، الذي له دور كبير في تطوير الأعضاء التناسلية الذكرية.

5. ظهور الأعضاء التناسلية: تطور الأعضاء الذكرية

مع إفراز هرمون “التستوستيرون” في الجنين الذكر، تبدأ الأعضاء التناسلية في التطور بشكل مميز، حيث يبدأ تطور القضيب وكيس الصفن. في البداية، لا يظهر التمايز الجنسي في الجنين بوضوح، إلا أن مع مرور الأسابيع، تصبح الأعضاء التناسلية الذكرية واضحة مع تشكيل الخصيتين في كيس الصفن.

• الأسبوع 9 من الحمل: يبدأ الجنين الذكر في تطوير العضو التناسلي الذكري.

• الأسبوع 12 من الحمل: تتشكل الخصيتين بشكل كامل، ويبدأ القضيب في التكون بصورة أوضح.

6. الاختلاف بين الجنين الذكر والأنثى

حتى منتصف الحمل، لا يختلف الجنين الذكر عن الأنثى كثيرًا من حيث الشكل الظاهري، حيث يكون شكل الأعضاء التناسلية متشابهاً تقريباً. ومع تقدم الحمل، تصبح السمات الجنسية أكثر وضوحًا. تبدأ الخصيتان في إفراز المزيد من هرمون “التستوستيرون”، مما يؤدي إلى حدوث تغييرات هرمونية في الجسم.

• السمات الجنسية الذكرية:

  • تطور الأعضاء التناسلية الذكرية.

  • زيادة مستوى هرمون التستوستيرون الذي يساعد على نمو العضلات والعظام.

  • تطور الصفات الذكرية الثانوية مثل زيادة شعر الجسم (الذي يظهر لاحقاً عند الولادة أو بعد مرحلة البلوغ).

7. المرحلة المتأخرة: بعد الأسبوع 20 من الحمل

بحلول الأسبوع 20 من الحمل، يمكن للأطباء باستخدام الموجات فوق الصوتية (السونار) ملاحظة الأعضاء التناسلية بوضوح، وفي هذه المرحلة يمكن تحديد جنس الجنين بشكل دقيق إذا كانت جميع الظروف مثالية. يبدأ الجنين الذكر في تطوير حجم عضلات أكبر مقارنةً بالجنين الأنثوي.

8. التطورات ما بعد الأسبوع 20

في الفترة المتبقية من الحمل، يواصل الجنين الذكر تطوره بشكل طبيعي، حيث تزداد الخصيتان في الحجم وتنتقلان من موقعهما في البطن إلى كيس الصفن استعداداً للولادة. كما تبدأ الصفات الجنسية الذكرية مثل تكوّن الحنجرة التي تساهم في الصوت الذكوري بالظهور تدريجياً.

9. دور الهرمونات في تطور الجنين الذكر

تلعب الهرمونات دوراً أساسياً في تحديد وتطوير الخصائص الجنسية لدى الجنين الذكر. هرمون “التستوستيرون” له تأثير كبير على نمو الأعضاء الذكرية ويعتبر المساهم الرئيسي في التمايز الجنسي للجنين. يساعد التستوستيرون في:

• زيادة حجم الخصيتين.

• تشكيل القضيب وكيس الصفن.

• تحفيز نمو البروستاتا، وهي جزء آخر من الجهاز التناسلي الذكري.

10. التشخيص في المراحل المبكرة

اليوم، بفضل التقدم الطبي والتكنولوجي، أصبح من الممكن استخدام تقنيات متقدمة لتحديد جنس الجنين مبكرًا. الموجات فوق الصوتية (السونار) توفر وسيلة غير غازية للكشف عن جنس الجنين بدءاً من الأسبوع 12 إلى 16 من الحمل، بينما توفر بعض اختبارات الحمض النووي (مثل اختبار DNA الجنيني في دم الأم) نتائج دقيقة حول جنس الجنين في وقت أبكر.

11. الخاتمة

في الختام، يتكون الجنين الذكر مباشرة عند التخصيب، عندما يتم تخصيب البويضة بحيوان منوي يحمل الكروموسوم “Y”. ومع مرور الأسابيع الأولى من الحمل، يبدأ الجنين في تطوير خصائصه الذكرية بشكل تدريجي، حيث يبدأ في تكوين الأعضاء التناسلية الذكرية بفضل إفراز هرمون التستوستيرون. في الأسابيع 7 إلى 8 من الحمل، يبدأ الجنين في التمايز الجنسي بشكل واضح، ويتطور الجنين الذكر بشكل تدريجي حتى يصبح جنس الجنين واضحًا.