متى يبدأ الطفل بالمشي؟
يعد المشي أحد أبرز المعالم التي يشهدها الطفل في مراحل نموه المبكرة، وهو خطوة رئيسية في رحلة تطوره الحركي. يتساءل العديد من الآباء والأمهات عن الوقت الذي يبدأ فيه أطفالهم في المشي، وفي هذا المقال، سنتناول هذا الموضوع بشكل شامل، مع توضيح العوامل التي تؤثر في هذا الحدث المهم، بالإضافة إلى أبرز المراحل الحركية التي يمر بها الطفل حتى يتمكن من المشي بشكل كامل.
مراحل نمو الطفل الحركية
تمر مرحلة تطور الحركة لدى الطفل بعدد من المراحل التي تساعده على اكتساب المهارات الحركية المختلفة بشكل تدريجي. ويبدأ الطفل أولاً بالتفاعل مع بيئته عن طريق حركات محدودة، مثل حركة الرأس، ثم تتطور هذه الحركات تدريجيًا لتشمل الحركات التي تنطوي على تنسيق أكبر بين عضلات الجسم. ويمكن تقسيم تطور الطفل الحركي إلى عدة مراحل رئيسية:
-
التحكم بالرأس:
في الأشهر الأولى من حياته، يركز الطفل على التحكم في رأسه وتوجيهه بشكل أكثر استقلالية. وعادةً ما يحدث هذا في الشهرين الأولين. -
الجلوس:
بحلول الشهر الرابع أو الخامس، يبدأ الطفل في إظهار القدرة على الجلوس بمفرده لدقائق معدودة، وهو ما يُعتبر مؤشرًا على تحسن القدرة على التحكم في الجذع. -
التسلق والزحف:
من الشهر السابع وحتى العاشر، يبدأ الطفل في الزحف على بطنه، ثم يطور مهارات التسلق والزحف على يديه وركبتيه. هذه المرحلة مهمة لأنها تعتبر تمهيدًا للانتقال إلى الوقوف. -
الوقوف والتوازن:
في حوالي الشهر التاسع إلى العاشر، يبدأ الطفل في محاولة الوقوف مع الاستناد إلى شيء ثابت، مثل الأثاث أو يد الأم أو الأب. يبدأ الطفل في تعلم التوازن على قدميه، وهو خطوة حاسمة في تمهيد الطريق للمشي. -
المشي:
بعد مرحلة الوقوف، يبدأ الطفل في اتخاذ خطواته الأولى، وعادةً ما يحدث ذلك بين الشهر 10 إلى الشهر 15 من عمره. في البداية تكون الخطوات غير مستقرة وقصيرة، لكن مع مرور الوقت يتحسن توازنه وقدرته على المشي بشكل طبيعي.
العوامل المؤثرة في توقيت المشي
على الرغم من أن معظم الأطفال يتبعون نفس الخطوط العريضة في تطوير المهارات الحركية، إلا أن توقيت المشي يمكن أن يختلف بشكل كبير من طفل لآخر. هذا الاختلاف يعتمد على عدة عوامل رئيسية، من أبرزها:
-
الوراثة:
قد يؤثر الجين الوراثي على توقيت المشي، ففي بعض العائلات، يبدأ الأطفال في المشي في وقت أبكر أو متأخر بناءً على أنماط التطور الوراثي. -
التغذية:
تلعب التغذية دورًا كبيرًا في تطور الطفل البدني، حيث أن الأطفال الذين يتناولون طعامًا صحيًا ومتوازنًا يحصلون على العناصر الغذائية اللازمة لتعزيز نمو العضلات والعظام. وهذا بدوره يسهم في تعزيز قدرة الطفل على المشي في الوقت المتوقع. -
البيئة:
البيئة المحيطة بالطفل تلعب دورًا مهمًا في تحفيز تطوره الحركي. فإذا كان الطفل محاطًا بمساحات مفتوحة وآمنة ليتحرك فيها، فإن فرصه في تعلم المشي ستكون أعلى. كما أن الدعم العاطفي والمادي من الوالدين يمكن أن يساعد الطفل على اكتساب هذه المهارة. -
التمارين والأنشطة:
النشاط البدني والتفاعل مع الطفل من خلال اللعب والتدريب على الحركات البسيطة مثل الجلوس والوقوف قد يعجل من تعلمه للمشي. الأطفال الذين يمارسون الأنشطة الحركية منذ وقت مبكر يطورون مهاراتهم بسرعة أكبر. -
حالة الطفل الصحية:
قد تؤثر بعض الحالات الصحية أو الطبية على تطور الطفل الحركي. على سبيل المثال، قد يواجه الأطفال الذين يعانون من مشكلات في العضلات أو الأعصاب تأخيرًا في تعلم المشي. في هذه الحالات، قد يحتاج الطفل إلى تدخل طبي أو علاجي لدعمه في هذه العملية.
التباين بين الأطفال في توقيت المشي
من المعروف أن الأطفال يتطورون بوتيرة مختلفة، ويختلف توقيت المشي بين طفل وآخر بشكل كبير. في حين أن معظم الأطفال يبدأون المشي في سن 12 إلى 15 شهرًا، هناك أطفال قد يبدأون في المشي في وقت مبكر (من 9 أشهر) أو في وقت لاحق (حتى 18 شهرًا أو أكثر). يعتبر التأخر في المشي أمرًا طبيعيًا في العديد من الحالات ولا يدل بالضرورة على مشكلة صحية، بل قد يكون ناتجًا عن اختلافات في أسلوب الحياة، أو بسبب كون الطفل أكثر اهتمامًا في الزحف أو الجلوس لفترة أطول.
العلامات التي تشير إلى استعداد الطفل للمشي
هناك بعض العلامات التي يمكن أن تشير إلى أن الطفل على وشك البدء في المشي. من هذه العلامات:
-
القدرة على الوقوف مع الدعم:
إذا كان الطفل قادرًا على الوقوف بمساعدة شخص بالغ أو استخدام الأثاث لدعمه، فإن هذا يعد مؤشرًا على أن عضلاته أصبحت قوية بما يكفي لدعمه في المشي. -
القدرة على اتخاذ خطوات قصيرة بمساعدة:
عندما يبدأ الطفل في أخذ خطوات قصيرة أثناء إمساكه بيد شخص بالغ، فهذا يشير إلى أن التوازن والعضلات السفلية في حال جيدة. -
زيادة التفاعل مع البيئة:
إذا بدأ الطفل في محاكاة المشي عندما يرى الآخرين يقومون بذلك أو يمد يديه للاستناد على شيء ما، فهذا يدل على استعداد نفسي أيضًا.
ماذا يحدث إذا تأخر الطفل في المشي؟
على الرغم من أن معظم الأطفال يمشون في عمر يتراوح بين 12 و15 شهرًا، إلا أن التأخير البسيط في المشي لا يعتبر غالبًا علامة على مشكلة صحية. ومع ذلك، إذا تأخر الطفل عن عمر 18 شهرًا دون أن يبدأ في المشي، يفضل استشارة الطبيب المتخصص. قد يكون السبب في التأخير مرتبطًا بحالة صحية تحتاج إلى تقييم دقيق.
من المهم أن يراقب الوالدان تطور الطفل الحركي بشكل عام، ويأخذوا في الاعتبار العوامل الأخرى مثل القدرة على الجلوس بشكل مستقل، والوقوف مع الدعم، والزحف، أو أي إشارات أخرى تدل على تطور الطفل بشكل طبيعي.
أهمية التشجيع والدعم
يعد تشجيع الطفل على الحركة أحد الجوانب الأساسية التي تساعده في تطوير مهاراته الحركية، بما في ذلك المشي. يمكن أن تساعد الألعاب التي تعزز التنسيق بين اليد والعين، مثل دفع العربة أو لعبة الدمى التي تحتاج إلى دفعها أو سحبها، الطفل في تقوية عضلاته وتعزيز قدرته على الوقوف والمشي. علاوة على ذلك، يجب على الأهل توفير بيئة آمنة تشجع على الحركة دون مخاوف من السقوط أو الإصابات.
التأثير النفسي والاجتماعي للمشي على الطفل
إن تعلم الطفل المشي لا يقتصر فقط على الفوائد الجسدية؛ بل له أيضًا تأثيرات نفسية واجتماعية هامة. حينما يبدأ الطفل في المشي، يشعر بإنجاز مهم، ويبدأ في اكتساب مزيد من الاستقلالية. هذا يمكن أن يعزز ثقته بنفسه ويشجعه على استكشاف محيطه. كما أن هذا التقدم يساهم في تعزيز العلاقة بين الطفل وأفراد الأسرة، حيث يشعر الوالدان بالفرح والاعتزاز بمشاركة هذا الإنجاز مع الطفل.
الخاتمة
إن تعلم المشي بالنسبة للطفل هو عملية معقدة وتدريجية تتضمن العديد من العوامل الفيزيائية والنفسية. تختلف هذه العملية من طفل لآخر، ويجب أن يكون الأهل على استعداد لدعم طفلهم في كل خطوة من خطوات هذه الرحلة. وفي النهاية، يبقى الأهم هو توفير بيئة محفزة وآمنة، بالإضافة إلى التشجيع المستمر الذي يساعد الطفل في النمو والتطور بشكل طبيعي وصحي.
