متى يبدأ الرضيع في المشي؟

متى يمشي الرضيع؟

إن أولى خطوات الطفل نحو الاستقلالية تعتبر من أهم المحطات في حياته، ولكن هذا الحدث المرتقب من قبل الأهل يتفاوت في توقيته بين طفل وآخر. المشي هو من المعالم الأساسية في النمو الحركي للطفل، وهو مؤشر على تطور قدراته البدنية والعقلية. تتعدد العوامل التي تؤثر في توقيت مشي الرضيع، من بينها الوراثة، الصحة العامة، والتعرض للمواقف المختلفة التي تساعده على تعلم هذه المهارة. في هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل متى يمشي الرضيع، والعوامل التي تؤثر في ذلك، إضافة إلى بعض النصائح التي تساعد في تحفيز الطفل على تعلم المشي بشكل صحي وآمن.

مراحل تطور مهارات المشي لدى الرضع

عند الحديث عن مشي الرضيع، من المهم فهم مراحل التطور الحركي التي يمر بها الطفل قبل الوصول إلى هذه القدرة. عادةً ما يبدأ الأطفال في اكتساب مهاراتهم الحركية الأساسية تدريجيًا، وهذه المهارات تبدأ بالتحكم في الرأس ثم الجلوس، الزحف، وأخيرًا المشي.

1. المرحلة الأولى: التحكم في الرأس
   يبدأ الطفل منذ الولادة في بناء القوة اللازمة للتحكم في عضلات رأسه. في الأشهر الأولى، يكون رأس الطفل ثقيلًا للغاية بالنسبة لجسمه الضعيف، وبالتالي فهو لا يستطيع رفعه إلا لفترات قصيرة. ومع مرور الوقت، تتطور عضلات الرقبة، ويبدأ الطفل في رفع رأسه والاحتفاظ به مستقيماً عندما يكون مستلقيًا على بطنه.

2. المرحلة الثانية: الجلوس
   بمجرد أن يتحكم الطفل في رأسه ويبدأ في تقوية عضلاته الأخرى، يبدأ في القدرة على الجلوس بدون دعم. يحدث هذا عادةً بين الشهر الرابع والشهر السادس من عمره. يتطلب الجلوس تقوية عضلات الظهر والبطن والرقبة، وهذه خطوة مهمة نحو تمهيد الطريق للمشي.

3. المرحلة الثالثة: الزحف
   بين الشهر السابع والشهر التاسع، يبدأ معظم الأطفال في الزحف. الزحف هو مرحلة أساسية لبناء القوة والمرونة في الأطراف السفلية، مما يساعد على تنسيق حركات الجسم بشكل يسمح لهم بالتحرك على الأرض. قد يبدأ بعض الأطفال في الزحف على البطن، بينما يفضل آخرون الزحف باستخدام اليدين والركبتين، وهذا يعتمد على تفضيلات الطفل ونمط نموه.

4. المرحلة الرابعة: الوقوف
   يبدأ الطفل في محاولة الوقوف على قدميه بين الشهر التاسع والشهر الثاني عشر. في هذه المرحلة، يعتمد الطفل على دعم ثابت مثل الأثاث أو الأشخاص للمساعدة في الحفاظ على توازنه أثناء الوقوف. تساعد هذه الفترة على تقوية عضلات الساقين وزيادة قدرة الطفل على تحمّل وزن جسمه.

5. المرحلة الخامسة: أولى الخطوات
   تبدأ أولى خطوات المشي الفعلية بعد أن يكون الطفل قد اكتسب قوة كافية في الساقين والقدرة على التوازن. تبدأ هذه المرحلة عادةً في الشهر الثاني عشر من عمر الطفل، ولكن هناك أطفال قد يمشون في وقت مبكر بدءًا من الشهر التاسع، بينما قد يتأخر البعض حتى الشهر الخامس عشر أو أكثر. في هذه المرحلة، يبدأ الطفل في اتخاذ خطوات قصيرة جدًا، وعادةً ما يحتاج إلى دعم من الأثاث أو شخص بالغ في البداية. مع مرور الوقت، يتعلم الطفل الثقة في نفسه ويبدأ في المشي بمفرده.

العوامل المؤثرة في توقيت المشي

هناك العديد من العوامل التي تؤثر في توقيت تعلم الطفل للمشي، وهذه العوامل قد تختلف من طفل لآخر. وفيما يلي أبرز هذه العوامل:

1. التطور الجسدي:
   كل طفل يطور مهاراته الحركية بوتيرة مختلفة، حيث أن بعض الأطفال يتعلمون المشي في وقت مبكر بينما يتأخر آخرون. يعتمد التوقيت إلى حد كبير على تطور قوة العضلات، والتحكم في التوازن، والمرونة في الأطراف.

2. التطور العصبي:
   يحتاج الطفل إلى تنسيق بين الدماغ والجسم لكي يتحكم في حركاته بشكل سلس. لذا فإن الأطفال الذين يظهرون تطورًا سريعًا في المهارات الحركية قد يمشون في وقت أبكر.

3. البيئة المحيطة:
   البيئة التي ينشأ فيها الطفل تلعب دورًا كبيرًا في تحفيز حركته. الأطفال الذين يتم تشجيعهم على الزحف واللعب بحرية قد يظهرون تطورًا أسرع في المهارات الحركية مقارنةً بالأطفال الذين يقضون معظم الوقت في وضعية ثابتة أو محمولة في عربات الأطفال.

4. الوراثة:
   الوراثة أيضًا تلعب دورًا في توقيت المشي. إذا كان أحد الوالدين قد بدأ في المشي في وقت مبكر، فقد يكون من المحتمل أن يبدأ الطفل في المشي في وقت مماثل.

5. النظام الغذائي والصحة العامة:
   التغذية الجيدة تلعب دورًا كبيرًا في دعم نمو العضلات والعظام، مما يساهم في تطوير المهارات الحركية. الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أو من مشاكل صحية قد يظهرون تأخرًا في المشي.

تأخر المشي: متى يجب القلق؟

رغم أن تأخر المشي يعد أمرًا طبيعيًا في بعض الحالات، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي قد تستدعي القلق إذا تأخر المشي عن الحد المتوقع. من الأمور التي يجب الانتباه إليها:

1. عدم القدرة على الوقوف أو الزحف: إذا كان الطفل لا يحاول الوقوف على قدميه أو الزحف بعد بلوغ سن 12 شهرًا، فقد يكون من الأفضل استشارة الطبيب.

2. التأخر في القدرة على التوازن: إذا كان الطفل يواجه صعوبة كبيرة في التوازن أثناء محاولة الوقوف أو أخذ خطوات بسيطة بعد بلوغ سن 18 شهرًا، فقد يحتاج إلى تقييم طبي.

3. التأخر في المهارات الحركية الأخرى: إذا كان الطفل يواجه أيضًا صعوبة في اكتساب المهارات الحركية الأخرى مثل الجلوس أو الزحف، فإن هذا قد يشير إلى وجود مشكلة تتطلب رعاية طبية.

كيف يمكن مساعدة الطفل على تعلم المشي؟

على الرغم من أن الأطفال يطورون مهارات المشي بشكل طبيعي مع مرور الوقت، هناك بعض الطرق التي يمكن من خلالها تحفيز الطفل وتشجيعه على تعلم هذه المهارة. من أبرز هذه الطرق:

1. توفير بيئة آمنة: من الضروري توفير بيئة خالية من العقبات والأشياء الحادة التي قد تشكل خطرًا على الطفل أثناء تعلمه للمشي.

2. تشجيع اللعب الحر: من خلال السماح للطفل باللعب بحرية وتحريك جسمه دون قيود، يمكن تحفيزه على الزحف والوقوف والمشي.

3. توفير الدعم البدني: يمكن للوالدين دعم الطفل عن طريق مسكه بلطف أثناء محاولته الوقوف أو المشي للمرة الأولى. يمكن أيضًا تشجيع الطفل باستخدام الأثاث للتمسك به عند الوقوف.

4. تعزيز القوة العضلية: الأنشطة التي تقوي العضلات مثل تمرين البطن أو الأنشطة التي تتطلب الحبو والزحف يمكن أن تساعد الطفل في تطوير القوة اللازمة للمشي.

5. الصبر والمثابرة: لا يجب الضغط على الطفل أو إجباره على المشي في وقت مبكر جدًا. يجب السماح له بتطوير مهاراته في الوقت الذي يناسبه.

خلاصة

يعد تعلم المشي من أهم مراحل نمو الطفل التي تتميز بالعديد من العوامل الفسيولوجية والنفسية التي تؤثر في توقيتها. يختلف توقيت المشي من طفل لآخر، وقد يبدأ بعض الأطفال في المشي مبكرًا، بينما قد يتأخر آخرون. بغض النظر عن توقيت المشي، يجب أن يكون الوالدان داعمين ومتفاهمين مع الطفل، وأن يتأكدوا من توفير بيئة آمنة ومشجعة لتعزيز نموه الحركي.