متى تثمر شجرة المانجو؟

متى تثمر شجرة المانجو؟

تُعد شجرة المانجو (Mangifera indica) من الأشجار المثمرة الاستوائية الشهيرة ذات القيمة الاقتصادية والغذائية العالية، وتحظى بشعبية كبيرة في مناطق واسعة من العالم، لا سيما في المناطق الحارة وشبه الحارة. ولأنها شجرة معمّرة وتنتج ثمارًا ذات طعم فريد، فإن السؤال حول توقيت إثمارها ومدة الانتظار حتى تعطي إنتاجًا مثمرًا يُعد من أهم الأسئلة لدى المهتمين بزراعتها سواء في المزارع التجارية أو الحدائق المنزلية. في هذا المقال، سيتم تناول كل ما يتعلق بالمرحلة التي تبدأ فيها شجرة المانجو بالإثمار، والعوامل المؤثرة في هذه العملية، والممارسات الزراعية التي تُعجّل أو تُؤخّر من نضجها، بدءًا من الزراعة وحتى الحصاد الأول.

نمو شجرة المانجو: لمحة عامة عن دورة الحياة

شجرة المانجو من النباتات الخشبية التي تنمو ببطء نسبيًا، ويمكن أن تعيش لعقود طويلة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى 100 عام وأكثر، وتواصل إعطاء الثمار سنويًا. تبدأ شتلات المانجو الصغيرة في النمو ببطء في البداية، وتركّز طاقتها على إنتاج جذع قوي ونظام جذري متعمق. وبمرور السنوات، تبدأ بإنتاج أفرع جانبية تؤهّلها لتكوين تاج كثيف وغني بالأوراق الخضراء.

تنقسم مراحل نمو شجرة المانجو إلى أربع مراحل أساسية:

1. المرحلة التأسيسية (1–3 سنوات): وهي الفترة التي يُركز فيها النبات على النمو الخضري وبناء الجذر والساق الرئيسي.

2. المرحلة الانتقالية (4–5 سنوات): يبدأ التهيؤ للإزهار، وتظهر أولى العلامات على الاستعداد للتكاثر.

3. مرحلة الإثمار الأولى (عادة بعد 5–6 سنوات): تظهر أولى الثمار لكنها تكون قليلة نسبيًا.

4. مرحلة الإنتاج الكامل (بعد 8–10 سنوات): تبدأ الشجرة في إعطاء محصول منتظم وكبير سنويًا.

العوامل المؤثرة في توقيت إثمار شجرة المانجو

تتأثر المدة التي تحتاجها شجرة المانجو لتبدأ في الإثمار بعدة عوامل، تشمل:

1. نوع التربة

شجرة المانجو تفضل التربة العميقة، جيدة الصرف، الطينية الرملية الغنية بالمواد العضوية. فإذا زُرعت في تربة ثقيلة أو رديئة الصرف، فإن نموها يتباطأ، مما يؤخر مرحلة الإثمار.

2. الصنف المزروع

يؤثر الصنف (النوع الوراثي) تأثيرًا كبيرًا في توقيت الإثمار، إذ تختلف الأصناف التجارية من حيث سرعة الإثمار. على سبيل المثال:

بعض الأصناف المهجّنة تُنتج ثمارها في وقت أقصر نسبيًا، وذلك بفضل التقنيات الزراعية الحديثة.

3. طريقة الإكثار

• الإكثار بالبذور: تستغرق الأشجار المزروعة من البذور وقتًا أطول للإثمار، حيث تحتاج من 6 إلى 10 سنوات غالبًا لتثمر.

• الإكثار بالتطعيم: الأشجار الناتجة عن التطعيم تبدأ بالإثمار في وقت أقصر، عادة من 3 إلى 5 سنوات فقط، ولذلك فهي الخيار المفضل للمزارعين.

4. الظروف المناخية

المانجو نبات استوائي حساس للبرودة، ويحتاج إلى مناخ دافئ مشمس طوال العام. وتؤدي درجات الحرارة المنخفضة إلى تأخير النمو، بينما تسرّع الأجواء الدافئة والجافة نسبيًا من وتيرة التزهير والإثمار.

5. الإدارة الزراعية

تلعب ممارسات الزراعة الصحيحة دورًا محوريًا في تسريع أو تأخير إثمار الشجرة:

• الري: الري المنتظم ضروري في السنوات الأولى، لكن الري الزائد قد يسبب تأخيرًا في الإثمار.

• التسميد: استخدام الأسمدة الغنية بالنيتروجين في السنوات الأولى يساعد في النمو الخضري، بينما يُفضل لاحقًا التسميد بالفوسفور والبوتاسيوم لتحفيز الإزهار.

• التقليم: التقليم المنتظم يساعد على تشكيل التاج النباتي وتحسين التهوية والإضاءة، مما يسرّع في تحفيز التزهير.

مراحل تطور الإثمار في شجرة المانجو

بعد أن تتجاوز الشجرة مرحلة النمو الخضري وتدخل مرحلة التزهير، تمر بمرحلة حساسة جدًا تؤثر على جودة وعدد الثمار:

1. الإزهار: يبدأ عادة مع بداية موسم الجفاف، إذ يساعد انخفاض الرياح وزيادة الإضاءة في تحفيز إنتاج النورات.

2. التلقيح والإخصاب: تعتمد شجرة المانجو على التلقيح بواسطة الحشرات (خاصة النحل) والرياح، ويؤثر ضعف التلقيح في قلة عدد الثمار.

3. تثبيت الثمار: تمر الثمار الصغيرة بعدة مراحل حتى يكتمل نضجها. وقد تسقط نسبة منها بسبب الظروف الجوية أو عدم التوازن الغذائي.

4. النضج: تستغرق الثمار من 3 إلى 6 أشهر من التفتح حتى تصبح ناضجة وجاهزة للحصاد، حسب الصنف والظروف المناخية.

المشاكل التي تؤخر إثمار شجرة المانجو

1. النمو الخضري المفرط

قد يؤدي استخدام الأسمدة النيتروجينية بكثافة أو كثرة الري إلى زيادة النمو الورقي على حساب الإزهار، مما يؤدي لتأخر الإثمار لعدة سنوات.

2. الإصابة بالآفات والأمراض

تؤثر بعض الآفات مثل الذبابة البيضاء، والبق الدقيقي، والحشرات الماصة على قدرة النبات على النمو والإثمار، بالإضافة إلى أمراض فطرية مثل البياض الدقيقي والعفن الأسود.

3. الزراعة في تربة فقيرة أو غير مناسبة

التربة المالحة أو القلوية تعيق امتصاص العناصر المغذية، مما يُضعف النمو ويؤخر الإزهار.

4. نقص التسميد أو عدم التوازن الغذائي

الإهمال في التسميد أو عدم تنويع العناصر يؤدي إلى ضعف الشجرة وتأخر دخولها مرحلة الإنتاج.

كيفية تسريع إثمار شجرة المانجو

1. اختيار أصناف مبكرة الإثمار

زراعة الأصناف المعروفة بسرعة إنتاجها يساعد في تقليل سنوات الانتظار، خاصة عند استخدام طرق الإكثار بالتطعيم.

2. التطعيم على أصول قوية

يساعد التطعيم على جذور أصناف متأقلمة مع التربة والمناخ المحلي على تسريع النمو والإنتاجية.

3. استخدام محفزات التزهير

بعض المزارعين يستخدمون مركبات كيميائية أو هرمونية لتحفيز الإزهار مثل الباكلوبوترازول (Paclobutrazol)، والتي تقلل النمو الخضري وتزيد من الإنتاج.

4. التقليم الدوري

يساعد التقليم المنتظم في تقوية الفروع المثمرة وتحسين التهوية والضوء داخل التاج النباتي.

5. تنظيم الري

وقف الري خلال فترات التهيؤ للإزهار، ثم العودة إليه لاحقًا بعد التلقيح، يُعد استراتيجية ناجحة في تحفيز التزهير.

الإنتاج السنوي بعد الإثمار الأول

بعد أن تثمر شجرة المانجو لأول مرة، لا يكون الإنتاج عادةً وفيرًا في السنة الأولى، وقد يتراوح عدد الثمار من 10 إلى 50 ثمرة حسب عمر الشجرة وصحتها. ولكن بعد السنة السابعة، تبدأ الشجرة بإعطاء إنتاج وفير يتراوح من 200 إلى 500 ثمرة في الموسم الواحد، وقد يزيد عن ذلك إذا كانت الرعاية مثالية.

يبلغ متوسط الإنتاج السنوي لشجرة المانجو الناضجة ما بين 100 إلى 300 كيلوغرام من الثمار. وتختلف الكمية حسب الصنف، وظروف الزراعة، والعوامل البيئية، والممارسات الزراعية المطبقة.

الجدول الزمني التقريبي لإثمار شجرة المانجو

الخلاصة التقنية لمزارعي المانجو

• زراعة شجرة مانجو من شتلة مطعّمة تؤدي إلى الإثمار خلال 3 إلى 5 سنوات، وهو أفضل بكثير من الزراعة بالبذور التي قد تؤخر الإثمار حتى 10 سنوات.

• الرعاية الشاملة بالتربة، والتسميد المتوازن، والتحكم في الري والتقليم، عوامل أساسية لتحقيق إنتاج مبكر وغزير.

• المناخ المثالي لإنتاج المانجو يتطلب حرارة معتدلة إلى مرتفعة، وشمس كافية طوال العام، مع موسم جاف في مرحلة التزهير.

• ينصح بزراعة الأصناف الموصى بها محليًا والتي أثبتت نجاحها في المناطق القريبة لضمان أفضل أداء زراعي.

المصادر:

• FAO: Mango Cultivation Guidelines

• Indian Council of Agricultural Research – Mango Crop Manual