حكمة الشيخ زايد ورؤيته

من أقوال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: الحكمة والإرث القيادي

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، هو مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وأول رئيس لها. يعدّ شخصية فريدة في تاريخ المنطقة العربية، حيث اتسمت فترة حكمه بالحكمة والرؤية الثاقبة التي استطاعت أن تحوّل الإمارات من مجموعة من الإمارات الصغيرة إلى دولة متقدمة ومزدهرة على المستوى الإقليمي والدولي. ولقد كان للشيخ زايد العديد من الأقوال التي تجسّد فلسفته في الحياة والحكم والسياسة، وتعكس شخصيته العميقة التي امتزجت بالإنسانية والحكمة والعدل.

الرؤية الإنسانية والشخصية القيادية

من أبرز سمات الشيخ زايد أنه لم يكن مجرد قائد سياسي، بل كان إنساناً عميق الفهم لاحتياجات شعبه والعالم بأسره. اهتم كثيراً بتطوير الإنسان الإماراتي وجعل التعليم والصحة في صدارة أولوياته. لقد كان يؤمن بأن أي تقدم اقتصادي لا بد أن يترافق مع تقدم اجتماعي وفكري. ومن أقواله المشهورة في هذا المجال:

“التعليم هو أساس بناء الأمم، وهو الطريق الذي من خلاله يحقق الإنسان حلمه، ونحن نعمل على أن نُعلي قيمة العلم والمعرفة في مجتمعنا.”

هذه الكلمات تعكس إيمان الشيخ زايد العميق بأهمية التعليم في بناء الحضارات وتقدم الشعوب. لقد كان يضع التعليم في قلب خطط التنمية، ويعتبره مفتاحاً رئيسياً لتحقيق الازدهار والاستقرار في دولة الإمارات.

التلاحم الاجتماعي والوحدة الوطنية

الشيخ زايد كان دائم التأكيد على أهمية الوحدة بين الإمارات. فقد آمن أن التفرقة لا تصب في مصلحة المجتمع، بل إن الوحدة هي أساس النجاح والاستدامة. واحدة من أبرز أقواله في هذا السياق كانت:

“الاتحاد قوة، ونحن في دولة الإمارات نعمل معاً لبناء وطن واحد يجمعنا فيه الحب والإخاء.”

لقد وضع الشيخ زايد أسس الاتحاد بين الإمارات السبع ونجح في تذليل العقبات التي قد تقف أمام هذه الوحدة. كانت رؤيته أن قوة الإمارات تكمن في توحيد الجهود والموارد من أجل بناء دولة قوية قادرة على تحقيق التقدم والازدهار.

التسامح والتعايش السلمي

من أهم القيم التي كان الشيخ زايد يركز عليها في حكمه هو التسامح بين الأديان والثقافات. فقد كانت الإمارات تحت قيادته مثالاً للتعايش السلمي بين مختلف الجنسيات والأديان. وكان يؤمن بأن هذا التسامح هو الذي يضمن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وقد قال الشيخ زايد في هذا الصدد:

“التسامح هو القوة الحقيقية، من خلاله نبني جسور المحبة والسلام بين الشعوب.”

هذه الكلمات تكشف عن فلسفة الشيخ زايد في التعامل مع القضايا الاجتماعية والثقافية، حيث كان يسعى إلى إيجاد بيئة يمكن للجميع فيها أن يتعايشوا بسلام واحترام متبادل، بعيداً عن العنف والتفرقة.

الاستثمار في البيئة والتنمية المستدامة

كان الشيخ زايد من أوائل الزعماء العرب الذين أدركوا أهمية حماية البيئة والموارد الطبيعية. وقد أطلق العديد من المبادرات التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة والتوازن بين التنمية والموارد الطبيعية. من أقواله الشهيرة في هذا المجال:

“البيئة هي إرثنا الذي نتركه للأجيال القادمة، ويجب علينا أن نعمل جاهدين للحفاظ عليها.”

لقد عمل الشيخ زايد على زرع الأشجار وحماية الحياة البرية، وكان لديه رؤية طويلة المدى تهدف إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. بالإضافة إلى ذلك، كان يؤمن بأن التنمية المستدامة هي المفتاح لضمان استمرار رفاهية الأجيال القادمة.

دور المرأة في المجتمع

من الأبعاد المهمة التي أظهرها الشيخ زايد في رؤيته كانت حقوق المرأة. على الرغم من أن مجتمعاتنا التقليدية قد تكون بطيئة في تحديث نظرتها تجاه دور المرأة، فإن الشيخ زايد كان يؤمن بأن المرأة هي نصف المجتمع وأن تقدم المجتمع لا يمكن أن يتم إلا بمشاركة كاملة للمرأة. وقد قال:

“المرأة شريك أساسي في بناء المجتمع، ونحن نعمل على تمكينها في كل المجالات.”

لقد دعم الشيخ زايد مشاركة المرأة في الحياة العامة، سواء في مجال التعليم أو العمل أو حتى السياسة. وكان يشجع النساء الإماراتيات على الحصول على تعليم عالٍ والمشاركة في بناء وطنهن. كانت رؤيته واضحة في أن تقدم المجتمع مرتبط بشكل وثيق بتقدم المرأة ورفع مكانتها.

المحبة والخير للشعب الإماراتي والعربي

كان الشيخ زايد معروفًا بكرمه وحبه لشعبه، ولم يكن يتردد في دعم المشاريع التي تفيد المجتمع. كان يعتبر نفسه في خدمة شعبه، ويقول دائمًا:

“شعبي هو أساسي في مسيرتي، وسأظل أعمل لخدمتهم حتى آخر لحظة في حياتي.”

كما كانت نظرته تتجاوز حدود الإمارات. فقد كان للشيخ زايد دور بارز في دعم القضايا العربية والإسلامية. وكان له العديد من المبادرات الإنسانية التي طالت العديد من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا. فقد ساهم بشكل كبير في مساعدة الدول التي تعاني من الفقر والكوارث الطبيعية، وكان يساهم في بناء مستشفيات ومدارس وجامعات.

العدالة والمساواة

كان الشيخ زايد ينظر إلى العدالة والمساواة كركيزتين أساسيتين لبناء دولة ناجحة. وكان يؤمن أن المجتمع لا يمكن أن يزدهر إلا إذا كانت العدالة هي الأساس الذي تُبنى عليه العلاقات بين الأفراد. ومن أبرز ما قاله في هذا المجال:

“العدل أساس الحكم، ونحن نعمل على أن يسود العدل في جميع مؤسساتنا.”

رؤية للمستقبل

رغم أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان غادرنا في 2 نوفمبر 2004، إلا أن إرثه لا يزال حياً في دولة الإمارات وفي قلوب الملايين من الناس حول العالم. لقد ترك بصمات واضحة في مجالات عديدة، وكان له دور محوري في إعادة تشكيل منطقة الخليج العربي. كانت رؤيته واضحة، وكان عمله يهدف إلى بناء دولة قوية، قائمة على أسس من العدالة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي.

لقد كانت أقوال الشيخ زايد وأفعاله تشكل جزءاً من فلسفته القيادية العميقة، التي أسهمت في نقل الإمارات من دولة ناشئة إلى واحدة من أكثر الدول تقدماً في العالم العربي، بل والعالم بأسره.