سبب فقدان الشهية
يعد فقدان الشهية من المشكلات الصحية الشائعة التي قد يعاني منها الأفراد في مراحل عمرية مختلفة، ويظهر في صورة قلة رغبة الشخص في تناول الطعام بشكل طبيعي. قد يكون هذا الفقدان مؤقتًا أو مستمرًا ويصاحبه تغيرات في الوزن والمزاج. تظهر هذه الحالة في العديد من الاضطرابات الصحية والنفسية، وقد يكون السبب وراءها عوامل جسدية أو نفسية أو بيئية.
الأسباب النفسية لفقدان الشهية
من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى فقدان الشهية هي العوامل النفسية. يمكن أن تتسبب التوترات النفسية والضغوط اليومية في التأثير على رغبة الشخص في تناول الطعام. الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في التأثير على النظام الغذائي للشخص. يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من انخفاض في الشهية نتيجة لتغيرات كيميائية في الدماغ، حيث تؤثر بعض الهرمونات مثل السيروتونين والدوبامين على الشهية. يشعر العديد من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب بفقدان الرغبة في الاستمتاع بالطعام وقد يمرون بفترات طويلة من الامتناع عن تناول الوجبات.
كذلك، تعتبر اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية العصبي (أنوركسيا) من الأسباب النفسية المعروفة لفقدان الشهية. يرتبط هذا الاضطراب بضغط اجتماعي وثقافي حول الجسم والشكل، مما يدفع الأشخاص الذين يعانون منه إلى تجنب الطعام بشكل قسري خوفًا من زيادة الوزن. يساهم هذا الاضطراب في انخفاض تناول الطعام بشكل مفرط، مما يؤدي إلى نقص التغذية وصحة الجسم العامة.
الأسباب الجسدية لفقدان الشهية
قد يكون فقدان الشهية نتيجة لعدة مشاكل صحية جسدية، ومنها الأمراض المزمنة والعدوى والأدوية. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي حالات مثل السرطان، التهاب الكبد، وأمراض الكلى إلى فقدان الشهية بسبب التأثيرات السلبية على وظائف الجسم. فالأشخاص الذين يعانون من السرطان قد يعانون من نقص التغذية نتيجة للألم الذي يشعرون به أو التغيرات في وظائف الأمعاء.
الأمراض المعدية مثل الأنفلونزا أو التهاب الحلق أو التسمم الغذائي قد تؤدي إلى شعور الشخص بفقدان الشهية بسبب الشعور بالغثيان أو القيء. يمكن أن يؤدي الالتهاب في الجهاز الهضمي إلى تقليل قدرة الشخص على هضم الطعام بشكل طبيعي، مما يسبب فقدان الرغبة في تناول الطعام.
كما أن اضطرابات الجهاز الهضمي مثل التهاب المعدة وقرحة المعدة أو مرض التهاب الأمعاء قد تؤدي أيضًا إلى فقدان الشهية بسبب الألم والتهيج الذي يسببه الالتهاب في المعدة والأمعاء.
تأثير الأدوية والعلاجات
يعد استخدام بعض الأدوية من الأسباب الشائعة لفقدان الشهية. العلاجات الطبية مثل العلاج الكيميائي المستخدم في علاج السرطان يمكن أن تؤدي إلى فقدان الشهية بسبب التأثيرات الجانبية لهذه العلاجات مثل الغثيان والقيء وفقدان حاسة التذوق. بالإضافة إلى ذلك، بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب وأدوية الضغط العصبي قد تؤثر على الشهية بشكل غير مباشر.
أدوية أخرى مثل الأدوية المسكنة للألم أو أدوية خفض الكولسترول قد تسبب تغيرات في الشهية نتيجة لتأثيراتها الجانبية على الجهاز الهضمي.
الأسباب البيئية والاجتماعية لفقدان الشهية
العوامل الاجتماعية والبيئية قد تسهم أيضًا في فقدان الشهية. بيئة العمل الضاغطة أو التوترات الاجتماعية قد تؤدي إلى مشاكل في النظام الغذائي. كما أن التغيرات الكبيرة في الحياة مثل الطلاق أو فقدان شخص عزيز يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على رغبة الشخص في تناول الطعام. قلة النشاط البدني والجلوس لفترات طويلة يمكن أن يسهم في فقدان الشهية بسبب قلة التحفيز الجسدي.
التغذية السيئة أو النظام الغذائي غير المتوازن قد يسبب فقدان الشهية أيضًا، فعدم تناول الطعام الصحي والمغذي يمكن أن يؤدي إلى ضعف الجسم والشعور بالإرهاق، مما يقلل من الرغبة في تناول الطعام.
فقدان الشهية في الفئات العمرية المختلفة
-
في الأطفال:
يعد فقدان الشهية في الأطفال أمرًا شائعًا ويمكن أن يكون بسبب تغييرات في النظام الغذائي أو تأثيرات نفسية مثل التوتر أو القلق المرتبط بالمدرسة أو التغيرات الأسرية. في بعض الحالات، قد يكون سبب فقدان الشهية بسبب مشكلات صحية مثل نزلات البرد أو التهابات الأذن. يمكن أن يؤثر افتقار الطفل إلى التغذية المناسبة في نموه وتطوره. -
في كبار السن:
يعتبر فقدان الشهية في كبار السن أكثر شيوعًا ويعود إلى مجموعة من الأسباب التي تشمل الأمراض المزمنة مثل السكري، أمراض القلب، أو مشاكل الجهاز الهضمي. علاوة على ذلك، قد يؤدي تناول الأدوية بشكل مستمر إلى التأثير على الشهية. التغيرات النفسية مثل الشعور بالوحدة والاكتئاب قد تكون أيضًا عاملًا رئيسيًا في فقدان الشهية لدى كبار السن. -
في النساء الحوامل:
يعتبر فقدان الشهية خلال فترة الحمل شائعًا، خصوصًا في الأشهر الأولى. قد يكون بسبب التغيرات الهرمونية التي تؤثر على الجسم. الشعور بالغثيان والتعب المرتبط بالحمل يمكن أن يسبب انخفاضًا في الرغبة في تناول الطعام. في بعض الأحيان، قد تظهر مشاكل صحية مثل تسمم الحمل أو الحمل خارج الرحم، مما يزيد من مشاكل الشهية.
العوامل الوراثية في فقدان الشهية
تلعب العوامل الوراثية دورًا في بعض الحالات من فقدان الشهية، حيث يمكن أن يكون هذا الاضطراب مرتبطًا بالجينات. في بعض الحالات، قد يظهر فقدان الشهية بشكل متكرر بين أفراد الأسرة. لكن العامل الوراثي لا يعمل بمفرده، بل يتداخل مع العوامل النفسية والبيئية، مما يجعل من الصعب تحديد سبب محدد بشكل نهائي.
التشخيص والعلاج
يجب على الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية المستمر استشارة الطبيب لتحديد السبب الدقيق لهذه الحالة. قد يتطلب التشخيص إجراء فحوصات طبية تشمل اختبارات الدم، الأشعة السينية، أو التنظير الداخلي. في بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى استشارة مختص في التغذية أو العلاج النفسي لتقديم العلاج المناسب.
في حالة فقدان الشهية المرتبط بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو اضطرابات الأكل، يشمل العلاج العلاج النفسي مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، واستخدام الأدوية المضادة للاكتئاب. أما في حالات فقدان الشهية الجسدي المرتبط بالأمراض المزمنة أو العدوى، فقد يتطلب العلاج تدخلًا طبيًا مثل تناول المضادات الحيوية أو العلاج الكيميائي.
