في كتابها “ما زالت مفقودة: أميليا إيرهارت وبحث العصر الحديث عن النسوية”، تقدم سوزان وير دراسة متعمقة لدور أميليا إيرهارت كرمز بارز في حركة تحرير المرأة، فضلاً عن كونها شخصية محورية في استخدام الثقافة الشعبية لدعم أهدافها الشخصية والمهنية. نُشر هذا العمل من قبل دار نشر W.W. Norton & Co Inc في نوفمبر 1993، ويجمع بين التحليل الاجتماعي والتاريخي لتوضيح تأثير إيرهارت على النسوية وتطورها.
تبدأ سوزان وير كتابها بتسليط الضوء على إنجازات أميليا إيرهارت كمُلاح جوي رائد في فترة كانت فيها النساء تُعتبر غير قادرات على تحقيق النجاح في مجالات معينة، مثل الطيران. عبر مغامراتها الجوية وتجاربها الاستثنائية، تحدت إيرهارت المعايير التقليدية التي كانت تقيد النساء في أدوار اجتماعية معينة، مما جعلها رمزًا للتحدي والإصرار على تحقيق الذات.
ولكن الكتاب يتجاوز عرض إنجازات إيرهارت ليغوص في كيفية استخدام هذه الشخصية البارزة لوسائل الإعلام لتوسيع أفق النساء بشكل أوسع. تسلط وير الضوء على الطريقة التي لعبت بها إيرهارت دورًا مزدوجًا، حيث استخدمت شهرتها الإعلامية لتعزيز صورة النساء في المجتمع، وبالتالي إحداث تغيير اجتماعي وثقافي. لم تكن إيرهارت مجرد مستكشفة وملاح، بل كانت أيضًا خبيرة في استراتيجيات الترويج الذاتية، الأمر الذي سمح لها بتوجيه الانتباه نحو القضايا النسوية وتحقيق أهدافها الشخصية.
تتطرق سوزان وير أيضًا إلى نقد بعض الأساليب التي استخدمتها إيرهارت والتي قد تبدو غير متوقعة بالنسبة للبعض، مثل الاستفادة من تصورات وسائل الإعلام حول الجنس والأنوثة لتوجيه رسائلها الخاصة وتعزيز مكانتها كرمز نسوي. على الرغم من كون هذه الاستراتيجيات قد تكون غير تقليدية، إلا أنها كانت جزءًا من طريقة إيرهارت في إعادة تعريف دور النساء في المجتمع.
تعتبر هذه الدراسة مهمة ليس فقط لفهم حياة إيرهارت وأثرها على حركة تحرير المرأة، ولكن أيضًا لتقدير كيفية تداخل الإعلام والثقافة الشعبية مع الجهود الفردية لتحقيق التغيير الاجتماعي. من خلال تحليل كيف أن إيرهارت استخدمت مكانتها في وسائل الإعلام لصالح قضايا النساء، تسهم سوزان وير في نقاش أوسع حول كيفية تأثير الشخصيات العامة على حركة النسوية وتطورها.
في النهاية، يقدم كتاب “ما زالت مفقودة: أميليا إيرهارت وبحث العصر الحديث عن النسوية” رؤية شاملة حول كيفية استخدام الأفراد البارزين في التاريخ لوسائل الإعلام كأداة لدفع الأجندات الاجتماعية وتحدي الأطر التقليدية. إنه ليس فقط دراسة لحياة إيرهارت، بل هو أيضًا تحليل متعمق للطرق التي يمكن من خلالها استخدام الشهرة والوسائط لتحقيق التغيير الاجتماعي والنسوي.