فيلم “البحث عن شيلا” – رحلة إلى ماضي مثير للجدل
مقدمة:
في عالم السينما الوثائقية، يعكف العديد من المخرجين على تسليط الضوء على الشخصيات التاريخية واللحظات المثيرة التي شكلت بعض الأحداث الكبرى في العالم. فيلم “البحث عن شيلا” هو واحد من هذه الوثائقيات التي تعرض حياة امرأة تعد واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ الحركات الدينية الحديثة. يتناول الفيلم العودة المفاجئة لما أُطلق عليها “ما أند شيلا” (Ma Anand Sheela)، وهي المتحدثة السابقة باسم الطائفة الراجنيشية، إلى الهند بعد عقود من الغياب، ليكشف عن جوانب مثيرة لم تكن معروفة للجماهير من قبل.
نبذة عن الفيلم:
صدر فيلم “البحث عن شيلا” في عام 2021، وهو وثائقي من إنتاج هندي، يمتد لمدة 58 دقيقة. الفيلم من إنتاج شبكة “نتفليكس”، وقد أضاف إلى عالم السينما الوثائقية بعدًا جديدًا من خلال طرحه لقصة “ما أند شيلا” خلال زيارتها للهند لإجراء جولة إعلامية. يتمتع الفيلم بجو من التشويق والتوتر حيث تسلط الكاميرا الضوء على رحلة شيلا المثيرة بعد سنوات من العزلة، ليكتشف المشاهدون ما تخفيه هذه الشخصية التاريخية المثيرة للجدل.
القصة والشخصية المحورية:
ما أند شيلا هي واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ المعاصر، حيث كانت المتحدثة الرسمية والمقربة من “راجنيش بابا” (أو أوشو)، مؤسس طائفة الراجنيش في الولايات المتحدة الأمريكية. كانت شيلا في البداية مسؤولة عن إدارة شؤون الطائفة، إلا أن الأمور تدهورت بسرعة مع تزايد الفضائح التي كان لها علاقة بممارسات غير قانونية، مثل التسمم الجماعي الذي وقع في ولاية أوريغون، الولايات المتحدة، في أواخر الثمانينات.
ورغم مرور سنوات من تلك الأحداث المثيرة، فقد استمرت قصة “ما أند شيلا” في إثارة الفضول والجدل بين الأوساط الإعلامية والجماهير على حد سواء. وبعد أن أمضت شيلا سنوات في السجن، قررت العودة إلى الهند في عام 2019 لإجراء جولة إعلامية. وكان هذا الظهور بمثابة فرصة للصحفيين والمعجبين لاكتشاف المزيد عن ماضيها، حيث يطرح الفيلم أسئلة مهمة حول التوبة، المسئولية، والندم.
الوثائقي والتوجه الفني:
الفيلم يسلط الضوء على حياة شيلا من خلال مقابلات حصرية وصادقة مع الشخصيات التي عاصرتها، وكذلك مع شيلا نفسها التي تروي قصتها بكل وضوح وبدون مواربة. تم تصوير الفيلم بأسلوب وثائقي، مع التركيز على التفاصيل الصغيرة واللحظات العاطفية التي تعكس مشاعر الشخصية الرئيسية وتكشف عن دوافعها.
وقد لعبت هذه المقابلات دورًا مهمًا في تطور الأحداث داخل الفيلم، حيث تقدم مشاهد جديدة تتيح للجمهور فرصة لفهم كيف تغيرت الحياة بعد سنوات من الأحداث التي جعلت “ما أند شيلا” واحدة من أكثر الأسماء شهرة في العالم.
ردود فعل الجمهور والنقد:
الفيلم الذي تم عرضه على شبكة “نتفليكس” في أبريل 2021، حظي باستقبال نقدي متباين. حيث رأى البعض أن الفيلم يتيح فرصة لفهم أعمق لشخصية كانت دائمًا محط نقاش، بينما اعتبره آخرون مجرد ترفيه لا يضيف الكثير للمعلومات المتاحة عن “شيلا”. لكن، بغض النظر عن الانطباع النقدي، فإن الفيلم أثار جدلاً كبيرًا حول الطريقة التي يمكن أن يعاد بها كتابة التاريخ عبر الأضواء الإعلامية.
المواضيع المطروحة:
يتناول الفيلم العديد من المواضيع الشائكة التي تحيط بحياة “ما أند شيلا”، مثل مفهوم السلطة داخل الحركات الدينية، ومسألة المسؤولية عن الأفعال التي ترتكب في ظل هذه الحركات. كما أن الفيلم يفتح نقاشًا مهمًا حول التوبة والمصالحة بعد ارتكاب الأخطاء، وكيف يمكن أن يتم معالجة الماضي بطرق تؤدي إلى السلام الداخلي.
الخلاصة:
“البحث عن شيلا” هو فيلم وثائقي مثير يقدم لمحة عن حياة شخصية مثيرة للجدل، تمكنت من إثارة إعجاب البعض واستهجان آخرين. الفيلم يقدم صورة مغايرة لتلك التي تم تقديمها في الإعلام على مدار السنين، ويعرض “ما أند شيلا” كإنسانة أكثر تعقيدًا من الصورة التقليدية التي تم رسمها لها. في النهاية، يظل الفيلم بمثابة دعوة للتفكير والتأمل في كيفية تعامل المجتمعات مع الشخصيات التي تركت أثراً غير عادي في تاريخها.