صفات الله الواجبة والمستحيلة

صفات الله تعالى الواجبة والمستحيلة

تُعد صفات الله تعالى من الموضوعات التي يوليها علماء الشريعة وعلماء الكلام أهمية خاصة، إذ أن الفهم السليم لها يُسهم في بناء عقيدة راسخة عند المسلم، كما يعين على فهم علاقة الإنسان بخالقه وعظمته. تتنوع صفات الله بين الواجبة والمستحيلة، وسنقوم في هذا المقال بالتطرق إلى شرح تلك الصفات مع بيان كل منها وأمثلة لها، والآراء التي تداولها علماء الأمة الإسلامية بشأنها.

أولًا: مفهوم الصفات الإلهية

الصفات الإلهية هي تلك الخصائص والسمات التي تميز الله سبحانه وتعالى عن سائر المخلوقات، والتي تُعبّر عن كماله وجلاله. وتعتبر هذه الصفات أساسية في العقيدة الإسلامية، حيث إنها تُثبت لله تعالى ما يليق بجلاله وتنزه عن كل نقص وعيب.

الصفات الواجبة لله تعالى

الصفات الواجبة لله تعالى هي التي لا يمكن أن يتصور وجود الله سبحانه وتعالى بدونها. بمعنى آخر، هي الصفات التي يجب أن تكون لله تعالى، ولا يمكن أن يُتصور كماله وجلاله إلا بوجودها. وتنقسم هذه الصفات إلى نوعين رئيسيين: الصفات الذاتية و الصفات الفعلية.

1. الصفات الذاتية

الصفات الذاتية هي التي تتعلق بذات الله سبحانه وتعالى وتُعبّر عن كماله الأزلي، وهذه الصفات لا تُفارق الذات الإلهية. ومنها:

• الوجود: الله تعالى واجب الوجود، لا يسبقه عدم ولا يلحقه فناء. وجوده سبحانه وتعالى أزلي أبدي.

• القدم: الله تعالى قديم لا بداية له، ولا ينتهي وجوده. لم يسبق وجوده عدم ولا يصح أن يُتصور له بداية.

• البقاء: الله سبحانه وتعالى دائم الوجود لا يموت ولا يتغير. لا يعقل أن يُتصور فناءه أو زواله.

• القيام بالنفس: الله سبحانه وتعالى قائم بذاته لا يحتاج إلى غيره، فهو الغني عن كل شيء، وكل شيء في هذا الكون قائم به.

• الوحدانية: الله تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، لا شريك له في ملكه ولا معارض له في قدرته.

2. الصفات الفعلية

الصفات الفعلية هي التي تتعلق بأفعال الله تعالى وأفعاله هي تعبير عن إرادته وقدرته. ومن أهم الصفات الفعلية لله تعالى:

• الإرادة: الله سبحانه وتعالى مريد لكل ما يحدث في الكون، ولا يحدث شيء إلا بإرادته. إرادته لا تقبل التعارض ولا التناقض.

• العلم: الله تعالى عليم بكل شيء، يعلم ما كان وما سيكون، وما هو كائن في الوقت الراهن. علمه محيط بجميع الأمور.

• القدرة: الله تعالى قادر على كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. قدرته لا تقيدها قوانين أو أسباب.

• الحياة: الله حي لا يموت، حياته لا يشوبها نقص ولا فناء.

• السمع والبصر: الله سبحانه وتعالى يسمع ويُبصر كل شيء، سمعه وبصره لا يحدهما زمان ولا مكان.

الصفات المستحيلة لله تعالى

الصفات المستحيلة لله تعالى هي الصفات التي يستحيل أن تُنسب لله سبحانه وتعالى لوجود التناقض بينها وبين كماله وجلاله. وهي صفات تستحيل على الله تعالى من حيث الذات أو الفعل. وهذه الصفات تشمل:

1. الصفات الذاتية المستحيلة

الصفات الذاتية المستحيلة هي التي لا يمكن تصورها في حق الله تعالى، وتناقض كماله الأزلي. ومنها:

• الحدوث: الله تعالى لا يطرأ عليه الحدوث أو التغير، فهو دائم الوجود، غير محدود بزمن أو مكان.

• الاحتياج: الله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى شيء من مخلوقاته، لا يحتاج إلى طعام ولا شراب ولا راحة. كل شيء يحتاج إليه، وهو غني عن كل شيء.

• التعدد: الله تعالى واحد في ذاته، لا تعدد له في جوهره أو في صفاته. التعدد يعارض توحيد الله، الذي هو ركن من أركان العقيدة الإسلامية.

• التركيب: الله تعالى لا يتصف بالتركيب أو التكوين من أجزاء، بل هو بسيط في ذاته وصفاته. التركيب يتطلب حدوثًا، والله تعالى قديم لا بداية له.

2. الصفات الفعلية المستحيلة

الصفات الفعلية المستحيلة هي التي يستحيل أن تصدر من الله سبحانه وتعالى لأنها تتنافى مع كماله وتمام قدرته. ومنها:

• الظلم: الله سبحانه وتعالى عادل في جميع أفعاله، ولا يجوز أن يُنسب إليه الظلم أو أي شكل من أشكال التعسف. الظلم لا يتفق مع كماله في العدل.

• العجز: الله سبحانه وتعالى لا يعجز عن شيء. القدرة هي من صفاته، والعجز يتناقض مع صفة القدرة الكاملة.

• النوم: الله سبحانه وتعالى لا ينام، لأن النوم يتطلب الراحة والخلود، وهو من خصائص المخلوقات التي تحتاج إلى راحة. الله سبحانه وتعالى قائم لا يحتاج إلى الراحة.

• الموت: الله حي لا يموت. الموت من صفات المخلوقات، والله تعالى فوق كل شيء.

الفرق بين الصفات الواجبة والمستحيلة

يمكن أن نوضح الفرق بين الصفات الواجبة والمستحيلة من خلال المثال التالي: الصفات الواجبة مثل الوجود والقدرة والعلم هي صفات تقتضي أن يكون الله تعالى موصوفًا بها، ولا يمكن تصور الإله بدونها. أما الصفات المستحيلة مثل الظلم والموت فهي صفات تتناقض مع كمال الله تعالى، لذلك لا يمكن أن تكون له سبحانه.

يُظهر هذا الفارق بجلاء العلاقة بين صفات الله تعالى وبين كماله الأزلي، إذ أن الله سبحانه وتعالى يمتنع عن كل ما يمكن أن ينافي كماله، ويُعظم من خلال صفاته الواجبة التي تبرز جلاله وعظمته. وهذا الوعي العميق بالصفات الإلهية يعين المسلم على التمسك بعقيدته بشكل راسخ، ويجعله قادرًا على فهم أدق تفاصيل العلاقة بين الخالق والمخلوق.

خلاصة

الصفات الواجبة لله تعالى هي التي تؤكد كماله، فهي تبرز عظمته وجلاله وتُظهر توحيده وتنزهه عن كل نقص أو عيب. أما الصفات المستحيلة فهي التي تُنسب إلى المخلوقات ولا يمكن أن تكون لله تعالى، لأنها تتناقض مع كماله الأزلي. من خلال الفهم العميق لهذه الصفات، يتضح لنا أن الله تعالى هو الوحيد الذي يمتلك الكمال المطلق في ذاته وأفعاله.