في العام 1939، كانت إستونيا، هذا البلد الصغير في شمال أوروبا، تشهد حدثًا مأساويًا يلمس جميع فئات المجتمع ويمتد ليطال كل أركانه. بلغت السكان الإستونيين في تلك الفترة حوالي 1،134،000 نسمة، ولكن الحياة الهادئة والمسالمة التي عاشها الناس في تلك البلاد تحولت فجأة إلى كابوس من الصراع والموت.
كانت الحرب العالمية الثانية، تلك الكارثة التي طالما ألقت بظلالها الداكنة على القارة الأوروبية، قد وصلت أخيرًا إلى شواطئ إستونيا، محولة حياة الناس إلى جحيم مستمر من الدمار والموت. بلغ عدد الوفيات بسبب الأحداث العسكرية وجرائم الحرب ضد الإنسانية في تلك الفترة ما يقارب 49,000 مدني، أرواحهم تهوى نحو السماء متأثرة بويلات الصراعات وانتهاكات حقوق الإنسان التي اجتاحت البلاد.
ومن جانب الجيش الإستوني، فإنَّ مقتل 34,000 جندي يمثل مأساة حقيقية، إذ تناثرت رمادياتهم على جبهات القتال، واستنزفت قوات العدو قوتهم وروحهم حتى النخاع. كانوا يقاتلون بشجاعة وإخلاص من أجل وطنهم وحريتهم، لكن مقتلهم كان مصيرًا لا مفر منه في هذا الصراع الضاري.
وفي مجموع الوفيات، بلغت الحصيلة الكلية للأرواح المفقودة والتي غرقت في بحر الحروب والصراعات ما يزيد عن 83،000 فرد، مما يمثل نسبة 7.3٪ من السكان في تلك الفترة. إنّ هذه الأرقام المروعة ليست مجرد إحصائيات باردة، بل تمثل قصص حقيقية لأفراد وعائلات كانت تعاني وتشقى تحت وطأة الحرب وآثارها المدمرة.
في ظل هذا السياق الصعب، فإن الوفيات الناجمة عن النشاط العسكري لم تكن الوحيدة التي شهدتها إستونيا، بل كان هناك أيضًا العديد من الجرائم ضد الإنسانية التي طالت المدنيين بطرق مؤلمة وقاسية، مما زاد من معاناتهم وألمهم.
وبمعدل وفيات يبلغ 7.3٪ من إجمالي السكان في عام 1939، يظهر لنا مدى الكارثة التي حلَّت بإستونيا وأثرت على نسيجها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. إن هذه الأحداث تذكرنا دائمًا بضرورة السلام والتسامح وبأهمية العمل على تجنب تكرار مثل هذه الكوارث الإنسانية في المستقبل.
في النهاية، فإن إحصاءات الحرب لا تقتصر على أرقام بل تمتد لتلامس أعماق النفوس وتخلدها في ذاكرة التاريخ كدروس لا بد من استلابها وتوثيقها لكي لا تتكرر مرة أخرى.