عدد مسرحيات شكسبير الكاملة

عدد مسرحيات شكسبير وتحليل شامل لأعماله الدرامية

يُعدّ ويليام شكسبير أحد أعظم الأدباء في تاريخ الأدب العالمي، وهو رمز خالد في مجال الدراما والمسرح. وُلد شكسبير في 23 أبريل عام 1564 في ستراتفورد أبون آفون، إنجلترا، وتوفي في التاريخ نفسه عام 1616. ورغم مرور أكثر من أربعة قرون على وفاته، ما زالت أعماله تُدرس وتُعرض في مسارح العالم حتى يومنا هذا، لما تحمله من عمق إنساني، وتنوع درامي، وجودة لغوية لا تُضاهى.

بلغ عدد المسرحيات التي كتبها شكسبير 39 مسرحية، وهي مقسّمة إلى ثلاثة أنواع رئيسية: المآسي (Tragedies)، الكوميديات (Comedies)، والتاريخيات (Histories). ورغم وجود بعض الجدل بين الباحثين حول صحة نسب بعض الأعمال إليه أو احتمال مشاركته مع كتّاب آخرين في تأليف بعضها، فإن العدد المتفق عليه في الأوساط الأكاديمية اليوم هو 39 مسرحية.

التقسيم العام لمسرحيات شكسبير

تُقسم مسرحيات شكسبير بشكل رئيسي إلى ثلاثة أنواع أدبية:

أولًا: المآسي

تمثل هذه المسرحيات قمم الإبداع الأدبي في الأدب الغربي. وهي تصوّر شخصيات مأسوية تسقط من مراتب العظمة إلى الفاجعة بسبب عيوب شخصية أو مصير محتوم أو مزيج بين الاثنين. وتتميز بتناولها موضوعات مثل الخيانة، الغيرة، الطموح، الغضب، والجنون. من أبرز هذه المسرحيات:

• هاملت (Hamlet): واحدة من أشهر المسرحيات في تاريخ الأدب، وتحمل تأملًا فلسفيًا عميقًا في الحياة والموت والعدالة.

• ماكبث (Macbeth): تدرس الطموح المفرط وتأثيراته الكارثية.

• عطيل (Othello): تحليل مرعب للغيرة والخيانة والتلاعب.

• الملك لير (King Lear): مأساة الأبوة والخيانة والجنون.

• روميو وجولييت (Romeo and Juliet): قصة حب خالدة تصوّر العداء الاجتماعي وقدرة الحب على التدمير والسمو معًا.

ثانيًا: الكوميديات

تتناول هذه المسرحيات جوانب مرحة من الحياة، وتشمل مواقف كوميدية، وخدعًا مسرحية، وتنكرًا، وانتصار الحب. وهي غالبًا ما تنتهي بنهايات سعيدة، مثل الزواج أو الصلح. من أبرز الكوميديات:

• حلم ليلة صيف (A Midsummer Night’s Dream): إحدى أشهر أعماله، تجمع بين الحب والسحر والكوميديا.

• كما تهواه (As You Like It): تدور في الغابة وتعكس الطبيعة الحقيقية للعلاقات الإنسانية.

• ترويض النمرة (The Taming of the Shrew): تتناول موضوع ترويض المرأة المستقلة.

• تاجر البندقية (The Merchant of Venice): رغم احتوائها على عناصر مأساوية، تصنف ككوميديا بسبب بنيتها السردية ونهايتها.

• الليلة الثانية عشرة (Twelfth Night): كوميديا تعتمد على التنكر والمواقف المفارقة.

ثالثًا: المسرحيات التاريخية

استمد شكسبير أحداثها من التاريخ الإنجليزي، خاصة من كتابات رافائيل هولنشيد. تهدف إلى تصوير حياة الملوك والنبلاء، وتعكس صراع السلطة والحكم، وتقدم تحليلات دقيقة للتغيرات السياسية والاجتماعية. من أبرز هذه المسرحيات:

• هنري الرابع (Henry IV) بجزئيه: تناولٌ دقيق لنمو شخصية الأمير هال حتى يصبح هنري الخامس.

• هنري الخامس (Henry V): تصوير ملحمي للقيادة والحرب الوطنية.

• ريتشارد الثالث (Richard III): دراسة في شخصية الطاغية المستعد لفعل أي شيء من أجل السلطة.

• ريتشارد الثاني (Richard II): عمل شاعري يعالج مسألة الملكية والشرعية.

قائمة شاملة بمسرحيات شكسبير

فيما يلي جدول يوضح توزيع المسرحيات بحسب النوع:

السمات العامة لمسرحيات شكسبير

تمتاز مسرحيات شكسبير بعدة خصائص تجعلها متفردة على مر العصور:

1. اللغة الشعرية والمجازية: استخدم شكسبير تقنية الشعر الحر والبيت الشعري الخماسي (Iambic Pentameter)، مما منح نصوصه إيقاعًا أدبيًا فريدًا. كما أبدع في التلاعب بالألفاظ واستخدام المجاز والتورية.

2. العمق النفسي: يُعدّ شكسبير من أوائل الأدباء الذين غاصوا في أغوار النفس البشرية، فشخصياته ليست أحادية البُعد بل مركّبة، وتتصارع بين الخير والشر، وبين الحب والكراهية، وبين العقل والعاطفة.

3. التنوع في الموضوعات: تشمل مسرحياته موضوعات متعددة مثل السياسة، الأخلاق، الدين، العائلة، الحب، الحرب، والموت. وتمتد لتشمل كل شرائح المجتمع، من الملوك والنبلاء إلى الخدم والعامة.

4. العالمية والخلود: استطاعت مسرحياته تجاوز الزمان والمكان، وتُعرض حتى اليوم بلغات وثقافات مختلفة. لأنّها تمس جوهر التجربة الإنسانية.

5. البنية الدرامية المحكمة: اعتمد شكسبير على التدرج في تطور الحدث، والحبكة المركّبة، والنهاية المؤثرة سواء كانت مأسوية أو كوميدية. وكان بارعًا في إدخال المشاهد الجانبية التي تعزز المعنى أو تضيف بُعدًا ساخرًا.

الترتيب الزمني لمسرحيات شكسبير

ليس من السهل تحديد تواريخ دقيقة لتأليف كل مسرحية، ولكن هناك إجماع عام بين الباحثين على الترتيب التقريبي التالي:

• الفترة المبكرة (1590-1594): تضمنت مسرحيات مثل “تيتوس أندرونيكوس”، “ترويض النمرة”، “هنري السادس”.

• الفترة الوسطى (1595-1601): شهدت ولادة أعمال خالدة مثل “روميو وجولييت”، “يوليوس قيصر”، “حلم ليلة صيف”.

• الفترة الناضجة (1601-1608): تمثل ذروة النضج الفني، ومنها “هاملت”، “الملك لير”، “ماكبث”، “عطيل”.

• الفترة المتأخرة (1608-1613): اشتملت على ما يسمى بالمسرحيات الرومانسية مثل “العاصفة” و”حكاية الشتاء”.

التأثير الأدبي والدرامي لمسرحيات شكسبير

تُعدّ مسرحيات شكسبير حجر الزاوية في الأدب الإنجليزي والدراما الغربية. وقد ألهمت مئات الكتّاب والمخرجين والفلاسفة على مدى قرون. اقتبس منها الأدباء، واستُلهمت منها أفكار فلسفية ونفسية، كما كانت مصدرًا للأوبرا والأفلام والروايات. تُرجمَت أعماله إلى كل لغات العالم تقريبًا، وأعيد إنتاجها عبر وسائط متعددة.

ولعلّ ما يميز إرثه المسرحي ليس فقط الكم بل الكيف، فالقدرة على تمثيل التناقضات البشرية الكبرى بهذه الكثافة والبلاغة، هي ما يمنح شكسبير مكانته الاستثنائية.

الشكوك حول التأليف

رغم الشهرة العالمية لشكسبير، ظهرت في القرنين التاسع عشر والعشرين بعض النظريات التي تشكك في كونه المؤلف الحقيقي لهذه الأعمال، مرجّحة أن يكون اسمًا مستعارًا لمجموعة كتّاب أو لأشخاص من النبلاء كإدوارد دي فير. لكن هذه النظريات لم تحظَ بإجماع أكاديمي، ولا تزال معظم الدراسات تعتمد على نسب الأعمال إليه.

المسرحيات المفقودة والمنسوبة جزئيًا

يُعتقد أن هناك بعض المسرحيات المفقودة التي كتبها شكسبير أو شارك في تأليفها، مثل:

• Cardenio: قيل إنها مستوحاة من شخصية في رواية “دون كيخوته”، ويُعتقد أن شكسبير شارك في تأليفها مع جون فليتشر.

• Love’s Labour’s Won: يعتقد بعض الباحثين أنها كانت تتمة لمسرحية “جهد الحب الضائع”، ولكن لم يُعثر على نصّها.

كما توجد مسرحيات نُسبت إليه جزئيًا أو بالتعاون مع كتّاب آخرين، خاصة في أواخر حياته الفنية.

خاتمة تحليلية

يشكل إرث شكسبير المسرحي مرآة عاكسة للطبيعة البشرية بكل أبعادها، وهو إرث لا يزال ينبض بالحياة في القرن الحادي والعشرين. فكل عمل من أعماله يمثل وحدة فنية متكاملة تحمل في طياتها قيمًا إنسانية كونية، ولغةً أدبيةً رفيعة، وبنية درامية متماسكة. ويستمر تأثير شكسبير في الأدب والمسرح، ليس فقط لأنه كتب 39 مسرحية، بل لأنه جسّد من خلالها عمق الوجدان الإنساني بكل ما فيه من تناقضات وصراعات وسعي أبدي نحو المعنى.

المراجع:

1. Greenblatt, Stephen. Will in the World: How Shakespeare Became Shakespeare. W.W. Norton & Company, 2004.

2. Wells, Stanley, and Gary Taylor. The Oxford Shakespeare: The Complete Works. Oxford University Press, 2005.