في كتابه الجديد بعنوان “عن الأحزاب والدولة في لبنان”، يقدم الكاتب نسيم ضاهر رحلة استكشافية مثيرة في تداخلات الحياة السياسية في لبنان، حيث يتناول بعمق وبأسلوب يشد الانتباه تفاصيل الحماوة والصخب الذي سيطر على المشهد السياسي في هذا البلد الصغير والمعقد.
تندرج الحياة السياسية في لبنان تحت مظلة النظام البرلماني الديمقراطي، الذي استطاع مفاعليه التغلب على مطباته في أحلك المراحل. يرجع الكاتب النجاح في تجاوز هذه المطبات إلى تداخل الأحداث مع العنصر الخارجي، ملقيًا باللوم على آثار هذا التداخل في تأجيج الخصام وإثارة التوترات بين الأطراف اللبنانية.
ومن خلال رؤيته المفصلة، يرسم ضاهر لوحة زمنية طويلة تمتد من الفترة الناصرية في عام 1958 إلى الهيمنة السورية الشاملة حتى عام 2005. يبرز الكاتب في روايته الحالية متاهات الصراعات والتحولات التي شابت الحياة السياسية في لبنان، وذلك من خلال تموضع منظمة التحرير الفلسطينية وأجهزتها، التي ترافقت معها اضطرابات وتقلبات استمرت لجيل كامل.
وفي الوقت الحالي، برغم عدم تجاوز المرحلة السلاحية بمثل الحقبات السابقة، يلقي الكاتب الضوء على بذور التحولات التي تعلن عن نضوج المجتمع اللبناني. يشير إلى أن الواقع الحالي يحمل في طياته تداعيات تاريخية وإقليمية، ويشير إلى تشابك المصالح الداخلية مع التداخلات الخارجية التي لعبت دورًا حاسمًا في تشكيل مسارات الحياة السياسية في لبنان.
تتسم رواية ضاهر بالعمق والتحليل الدقيق، مما يجعلها قراءة ضرورية لفهم المشهد السياسي في لبنان، وتسليط الضوء على العوامل التي شكلت واستمرت في تشكيل وجهة نظر الأحزاب والدولة في هذا البلد الذي يعيش على وتيرة الحماوة والصخب.